النجاح الإخباري - استمر المحللون الإسرائيليون بتوجيه الانتقادات إلى رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيف كوخافي، إثر التصريحات التي أطلقها يوم الثلاثاء الماضي، وهدد فيها بمهاجمة إيران وهاجم إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على خلفية عزمه التفاوض مع طهران حول اتفاق نووي جديد. لكن تصريحات كوخافي أعادة إلى الأجندة العامة الإسرائيلية عدم قدرة "إسرائيل" على شن هجوم مستقل ضد إيران.
ولفت المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، إلى أن تصريحات كوخافي غريبة "وغير مقبولة". وأضاف أن هذه التصريات صدرت عن "الشخص غير الصحيح وفي توقيت غير صحيح". وقد تبنى كوخافي، عمليا، بتصريحاته الأخيرة موقف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ضد أي اتفاق نووي.
وأضاف برنياع أن "نتنياهو لن يعترف بذلك أبدا، لكن هجومه ضد الاتفاق النووي فشل فشلا ذريعا. وخطابه في الكونغرس (عام 2015) كان مثيرا للإعجاب، لكنه لم يمنع التوقيع على الاتفاق. والعقوبات التي فرضها ترامب لم تؤد إلى انهيار النظام. وفي نهاية أربع سنوات ترامب أصبحت إيرانن أقرب إلى القنبلة. ويواجه نتنياهو الآن رئيسا يملك تجربة كبيرة، وإدارة متكتلة وأغلبية ديمقراطية في مجلسي الكونغرس. ونتنياهو لن يدير البيت الأبيض ولن يركله. لقد تراجعت الخيارات بشكل هائل".
وتابع برنياع أن "كوخافي يعيد الآن الخيار العسكري إلى الطاولة. هل يوجد خيار عسكري لدى إسرائيل؟ ليس مؤكدا. هل نتنياهو قادر على اتخاذ قرار بشن عملية عسكرية؟ تجربة الماضي تقول لا. هل بإمكان إسرائيل مهاجمة اتفاق وقعت عليه أهم سن دول في العالم؟ ليس معقولا. وهذا قد ينتهي كما في المرة السابقة، تبذير 11 مليار شيكل (على تدريبات لمهاجمة إيران)، وبانتصار سياسي إيراني وأزمة ثقة مع أميركا".
وأشار برنياع إلى أنه "في جميع الأحوال، التعامل مع إدارة الرئيس بايدن ليس من صلاحيات كوخافي. ومن أجل تعامل كهذا يوجد رئيس حكومة، وزير أمن ووزير خارجية. والتخوف من تعاظم قوة إيران تقلقه جدا. وبإمكاني أن أشهد على ذلك. لكن كوخافي، مهما كان ذكيا، عليه أن يتذكر حدود القوة. وإذا نسي، سنذكّره: الانتقادات التي تلقاها هذا الأسبوع من جميع الجهات كانت تذكيرا لائقا".
من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنه خلال أشهر الربيع والصيف، في كل واحد من الأعوام 2009 – 2013، درست إسرائيل شن هجوم جوي مستقل في إيران. ولم ينفذ نتنياهو خطط الهجوم هذه لثلاثة أسباب: "التخوف من عدم نجاه خطوة عسكرية إسرائيلية لوحدها من أجل إعادة البرنامج الإيراني سنوات إلى الوراء، المعارضة الأميركية الشديدة لعملية كهذه وتحفظ معظم المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي من عملية كهذه، الذين تخوفوا من شرخ مع واشنطن وكذلك من حرب صاروخية مدمرة مع حزب الله".
واعتبر هرئيل أن السبب الثالث، "تحفظ معظم المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي من عملية كهذه"، تراجع مع مرور السنين، بحسب تصريحات كوخافي. غير أن "السببين ما زالا قائمين. والآن أيضا، احتمال تنفيذ الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران يبدو ضئيلا. لكن تهوئة الخيار، بواسطة رئيس أركان الجيش، تخدم نتنياهو مقابل بايدن. وربما يساعد (على ترميم) علاقات كوخافي مع نتنياهو".
وأشار هرئيل إلى أنه مريح لنتنياهو أن يكون "المستوى المهني" في جبهة ضد الأميركيين، كموقف خال من اعتبارات سياسية. "لكن تصريحات كوخافي كانت محل خلاف في القيادة الأمنية. وهناك مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى الذين وصفوها بأنها ’هدف ذاتي مقابل الأميركيين’. وأضافوا أن الجيش الإسرائيلي حاذر طوال السنين ألا يدخل إلى مواجهة مباشرة مع الإدارات المتغيرة في واشنطن، وحتى في الفترات التي ساد فيها توتر بين مكتب رئيس الحكومة والبيت الأبيض".
ونقل هرئيل عن أحد هؤلاء المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين قوله إن "الأميركيين سيوقعون على اتفاق مع إيران معنا أو بدوننا. ورغم التصريحات، ليس معقولا أن نعمل وحدنا ضد إيران بعد الاتفاق. وينبغي استغلال الوضع الحالي من أجل توثيق العلاقة مع الإدارة الجديدة".