وكالات - النجاح الإخباري - أكّدت السعودية الأربعاء أنّها واقفت على السماح لكافة الرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات والمغادرة منها بعبور أجوائها، وذلك بعد رحلة تجارية إسرائيلية لأبوظبي عبرت في سماء المملكة مطلع الأسبوع.
ويشكل القرار مؤشرا إضافيا على تقارب محتمل بين المملكة وإسرائيل رغم تشديد الرياض على موقفها الرافض للتطبيع قبل التوصل لسلام مع الفلسطينيين.
وأعلنت هيئة الطيران المدني السعودية في تغريدة "الموافقة على الطلب الإماراتي بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إليها والمغادرة منها إلى كافة الدول".
وهذا أول تأكيد رسمي سعودي على السماح للطائرات من كافة الدول وبينها إسرائيل بعبور أجوائها من وإلى الإمارات، بعدما كان مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر كشف عن ذلك الاثنين في أبوظبي لدى وصوله مع وفد إسرائيلي في أول زيارة من نوعها لدولة خليجية.
وسارعت الرياض إلى التأكيد على أن فتح الاجواء أمام الطائرات الاسرائيلية "لن يغير مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني" والقائمة على مبادرة السلام العربية التي تنص على أن لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وكتب وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان على تويتر "مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول".
وتابع "كما أن المملكة تقدر جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية".
وأعلنت إسرائيل والإمارات في 13 آب 2020 عن اتفاق بوساطة أميركية لتطبيع العلاقات بينهما، بعد سنوات شهدت تقاربا بين البلدين، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون "خيانة" لقضيتهم.
وبذلك أصبحت الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد مصر (1979) والأردن (1994).
ويعتبر الفلسطينيون الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي المفترض أن يوقع عليه في البيت الابيض خلال اسابيع قليلة "خيانة" لقضيتهم.
والاثنين وصل وفد إسرائيلي أميركي برئاسة كوشنر إلى أبوظبي على متن أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات انطلقت من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب، وذلك في طائرة إسرائيلية غادرت العاصمة الإماراتية عائدة لإسرائيل الثلاثاء.
وأظهرت مواقع تحديد مسارات الطائرات عبور الطائرة أجواء السعودية ومرورها فوق العاصمة الرياض، في أول رحلة معلنة لشركة طيران إسرائيلية تسافر في سماء المملكة. لكنّها تفادت أجواء البحرين وقطر.
وقال كوشنر لدى وصوله إلى أبوظبي عند نزوله من الطائرة "هذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر وأودّ أن أشكر المملكة العربية السعودية لجعل ذلك ممكنا".
تؤكد السعودية أنّها ترفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، في وقت تحث الولايات المتحدة الدول العربية على الاحتذاء بالإمارات في التوصل لاتفاقات مع إسرائيل.
وجاء تأكيد فتح الأجواء بعد ساعات قليلة من لقاء بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وكوشنر.
وبعيد الاعلان السعودي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات لن تكون الأخيرة.
وأوضح في بيان "هناك الآن انفراج كبير آخر"، مشيرا إلى أن "الطائرات الإسرائيلية وتلك القادمة من جميع دول العالم ستكون قادرة على الطيران مباشرة من إسرائيل إلى أبو ظبي ودبي والعودة" بدون الإعلان عن أي جدول زمني لذلك.
وكان مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قال لقناة "العربية" السعودية الثلاثاء ان الرحلات المنتظمة بين الإمارات وإسرائيل قد تبدأ بحلول نهاية العام.
وتعهدت إسرائيل بموجب الاتفاق مع الإمارات بتعليق خطتها لضم أراض فلسطينية في تنازل رحبت به أوروبا وبعض الحكومات العربية التي رأت أنه يعزز الآمال بتحقيق السلام في المنطقة.
لكن نتانياهو شدد على أن حكومته لن تتخلى عن خطط ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وكانت السعودية قد رعت مبادرة لحل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني أطلقت عام 2002 تدعو فيها إسرائيل إلى الانسحاب من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 مقابل السلام والتطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية.
وأجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي جولة في المنطقة لحث دول عربية على اللحاق بالامارات، وهي السودان والبحرين وعمان، لكونه ووجه بتحفظ رغم مؤشرات التقارب مع إسرائيل من قبل هذه الدول.
واستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأربعاء في الدوحة كوشنر وأكّد له على "موقف دولة قطر الداعي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وعلى أساس حل الدولتين".
وكان كوشنر قال في لقاء مع صحافيين في 19 آب عن احتمال تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل "سيكون أمرا مفيدا جدا للأعمال السعودية، وسيكون مفيدا جدا لقطاع الدفاع السعودي" ولمواجهة إيران.
وإيران عدو مشترك لإسرائيل والسعودية، حليفة إدارة ترامب، بينما تتّهم معظم الدول الخليجية الجمهورية الإسلامية بالتدخل في شؤونها ودعم جماعات مسلحة على أراضيها.
غير أنّ المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، وموطن الكعبة، تواجه حسابات سياسية أكثر حساسية من الإمارات.
ولن ينظر الفلسطينيون ومؤيدوهم إلى الاعتراف الرسمي بإسرائيل في حال حصوله، على أنه خيانة لقضيتهم فحسب، بل سيضر أيضًا بصورة المملكة كقائدة للعالم الإسلامي، علما أن مؤشرات التقارب بين الدولتين تتزايد منذ تسلم ولي العهد منصبه في 2017.