نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - رغم الهزّة التي منيّ بها الاحتلال الإسرائيلي في العدوان الأخير على غزّة  والضجة الكبيرة التي دارت حول موقف المقاومة التي أبدت استعدادًا وشجاعة أبهرت العدو وغيّرت حساباته، تداول السياسيون النقاش حول التصعيد وتوقيته ونتائجه المتحتملة، حتى صرّح نتنياهو قائلا" نحن في خضم المعركة".

وفي حوار مع الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية  محمد أبو مجاهد قال لـ"النجاح": "أنَّ تصريحات نتنياهو جاءت بصيغة المهزوم أمام الإنجاز المهمّ الذي حقَّقته المقاومة على الصعيدين الأمني والميداني والعسكري، لكنّنا نأخذ كلام نتنياهو على أرض الواقع ونفهم أنّه يدبّر لأمر ما، ونبني على أسوأ الاحتمالات لنضمن النتائج، فنحن في معركة مفتوحة مع العدو الصهيوني ولا يمكن حصر السيناريوهات المتوقّعة".

وأضاف أنَّ "العدوان الصهيوني قد يباشر التصعيد في أيَّة لحظة، من خلال علميات بريّة أو اغتيالات، لكنّ الضربة القاسية التي تلقاها من شرق خان يونس تحديدًا بقتل قائد القوة الخاصة التي دخلت القطاع أربك كلّ حساباته السياسية".

وصرّح أبو مجاهد بأنَّ حالة الاستنفار لا زالت سائدة عند كلّ الأذرع العسكريّة تحسبًا لأيّ طارئ.

قائلًا: "نحن لا نأمن مكر محتل خيّب مساعي الأمم المتحدة والجانب المصري، والقطري وكل الجهات التي حاولت وقف إطلاق النار، محاولًا تدبير أمر خطير يتعلق بالبعد الأمني الاسترايجي في القطاع تمكَّنت المقاومة من كشف جزء كبير منه، وقد تحمل الأيام القادمة ما يفاجئ الجميع في حال كشفت المقاومة عن بعض الأمور".

وأكّد أبو مجاهد أنَّ الفصائل استطاعت أن تنجز المهمة الأولى لغرفة العمليات المشتركة بنجاح، محقّقةً معنىً وُحدَويًّا كاملًا، وتوافقًا ميدانيًا عسكريا ثابتًا، يتعلق بإدارة المعركة، فعمت وحدة الحال القطاع، في حين نشبت اختلافات كبيرة داخل الكبينيت الإسرائيلي ما أظهر هشاشة الجيش الذي لا يقهر.

وأكَّد على أنَّ المقاومة تدرس خطواتها ولم تقدم على التصعيد لحكمة تضمرها، حيث أبدت تكتيكًا عسكريًّا جديدًا، وأدارت المعركة بشكل مختلف، وصوت إعلامي واحد لغرفة العمليات.

ونوّه إلى أنَّ هذه الأحداث دافع للكل الفلسطيني للتعامل على الصعيد السياسي بقلب مفتوح وعقل ناضج يمكنهم من الاتفاق على القواسم المشتركة وإنهاء حالة الانقسام التي أضرت الشعب والقضية.

وأضاف أنَّ المقاومة نجحت حتى إعلاميًّا فأبدعت في تقديم  صورة للكيان العبري والإعلام الإسرائيلي بما لديها من قوة وقدرات، محقّقة مستويات متقدّمة على البعد الإعلامي إذ نجحت في إيصال رسائلها للعدو.

وحول إمكانية حدوث حرب يقول الخبراء إنَّها واردة في الجنوب أو الشمال، الخبير العسكري واصف عريقات قال لـ"النجاح": "إنَّ الحرب من وجهة نظر إسرائيل هي واقع دائم، وهي التي تفرض نفسها دائمًا بقوة السلاح وجيشها التي تدعي أنّه لا يقهر فمن الطبيعي أن تكون الاعتداءات استراتيجية سواء الآن أو مستقبلًا".

ويرى عريقات أنَّ سقف القيادة الإسرائيلية الحاليَّة بالذهاب لعدوان واسع متدني جدًا خاصة على الصعيد العسكري، وما تلقاه كان فيه درس وعبرة للجيش الإسرائيلي.

وأضاف أنَّ باب الاحتمالات يبقى مفتوحًا، ولا يمكن التعامل مع محتل نواياه غير حسنة إذ يتعامل ميدانيًّا بعكس ما يصرح به، قائلًا: "نتنياهو لديه رغبة باستمرار إطلاق النار والتهدئة على وضعها الحالي غير مريحة بالنسبة له، فهي تعكس خسارة إسرائيل التي لم تكن يدها العليا مؤخرًا".

وأضاف: "إنَّ الضجر وعدم الثقة الذي ساد الأجواء الإسرائيلية وأدَّى إلى نزع الثقة وتآكلها في هذا الوسط ، يدفع نتياهو للتخبط وعدم حسم أموره فقد يقدم على العدوان ليحقق إنجازات يرفع بها صورته في أعين الإسرائيلين".

وحول المصالحة وتأثيرها المتحدث باسم حركة فتح عاطف أبو سيف قال: "رأينا سوق المزاودات على الدم الفلسطيني في السياسة الإسرائيلية الداخلية، وتصارح بينت وليبرمان ونتنياهو على من يريق الدماء أكثر، والشيء الآخر هو محاولة الاحتلال المحافظة على الانقسام، وهي الداء الأكبر الذي يضر القضية"، مضيفًا أنَّ المصالحة متوقفة على حركة حماس وما ستقدمه حال اجتماعها مع الجانب المصري .

وأكّد أن الدرس الذي يجب تعلمه من العدوان الأخير على القطاع ولن يكون الأخير، أنّ الاحتلال لا أمان له فهو عدونا الأوَّل الذي يجب أن تتم المصالحة للوقوف بوجهه.

وقال إنَّ التعامل مع قطاع غزّة ككيان منفصل عن الكلّ الفلسطيني يضعف الحالة، القضية الفسلطينية واحدة والشأن الفلسطيني كلٌّ متصل أساسه الوحدة.

وأخيرا ما حصل على صعيد الأزمة السياسية كان مجرد إعلان رسمي عن أزمة قوية كانت ترافق عمل حكومة اليمين لشهور طويلة. وبالتالي، فإن خيار ​الانتخابات​ المبكرة قد يكون علاجاً للأزمة الحكومية، لكنه لن يقدم حلاً لمعضلة المواجهة مع المقاومة، حيث يبقى السؤال:كيف سيتصرف الاحتلال إزاء ارتفاع منسوب التهديد الوجودي له؟ وأي مغامرة سيلجأ إليها؟ ولائحة خياراته اليوم واضحة ومحسوبة، فإما مواجهة شاملة لها قصتها وإما العودة إلى منطق العمل الأمني الموضعي. وهو عمل يبدو أن قوى المقاومة جاهزة للتعامل معه سواء في فلسطين أو في سوريا ولبنان.