نابلس - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - بعد نشر الاتفاقات الائتلافية في حكومة بينيت- لابيد القادمة تبين أن الائتلاف الجديد يقوم على اتفاقيات معقدة وفيها كثير من الاشكاليات، فهذه الحكومة ستكون من أكبر الحكومات في إسرائيل حيث تضم 28 وزيراً وستة نواب وزراء وستة أعضاء كنيست جدد سينضمون للكنيست حسب القانون النرويجي الذي يتيح استقالة الوزير من عضوية البرلمان وإدخال عضو آخر مكانه، ولكنها ليست أكبر من الحكومة الحالية التي تضم 36 وزيراً. وتشمل الاتفاقات بين الأحزاب المشكلة للحكومة تقييداً لنفتالي بينيت بأنه لن يشغل أي منصب في حال تم حجب الثقة عن الحكومة. أي أن بينيت لا يستطيع الخروج ودعم ائتلاف آخر حتى لو رغب في ذلك لاحقاً.
ولكن من أهم بنود التوافقات السياسية في الحكومة الاتفاق على منع نتنياهو من تولي منصب رئيس حكومة حتى لو لم تصمد الحكومة الجديدة لمدة أربع سنوات، وهذا الاتفاق الذي تم بين «هناك مستقبل» الذي يقوده يائير لابيد و»يمينا» برئاسة نفتالي بينيت ويوافق عليه كل أطراف الائتلاف يتطلب تغيير قانون أساسي في إسرائيل بشكل يقيد تولي منصب رئيس الحكومة لفترتين متاليتين فقط أي لأربع سنوات تتلوها أربع سنوات أخرى، بعدها ينبغي أن يمر رئيس الحكومة في فترة «تبريد» لمدة أربع سنوات قبل أن تتاح له العودة لمنصب رئيس الحكومة. أي أن نتنياهو لن يستطيع اشغال منصب رئيس الحكومة في حال تم اسقاط الحكومة الجديدة قبل مرور أربع سنوات عليها، بمعنى أنه سيصبح من مصلحة نتنياهو أن تتم هذه الحكومة إذا قامت طبعاً وصادقت الكنيست على تعديل قانون أساس رئيس الحكومة. وهذا قانون صعب جداً على نتنياهو لأنه يفقده تماماً القدرة على المناورة والسعي الحثيث والمكثف لإسقاط الحكومة كما يحاول أن يفعل الآن وأيضاً في المسقبل عندما يصبح زعيم المعارضة. وفي هذه الحالة ستشل يداه ويسلم بمصيره المحتوم وهو الذهاب للسجن أو ترك الحياة السياسية في صفقة بموافقة الكنيست. وبمجرد نشر تفاصيل الاتفاق شن اليمين هجوماً على بينيت ووجهت له اتهامات شديدة منها سن قانون ديكتاتوري لمنع نتنياهو من ممارسة الحق في تولي منصب رئاسة الحكومة كنتيجة لانتخابات عامة. وتراجع بينيت على ما يبدو تحت الضغط وأنكر أنه تم الاتفاق على سن القانون وقال أن هذا مجرد اقتراح فقط.
ومن ضمن الاتفاقات بين أطراف حكومة التغيير القادمة توزيع المناصب الحكومة والمواقع في الكنيست حيث يتولى بينيت منصب رئيس الحكومة لمدة سنتين ويكون رئيس الوزراء البديل لابيد وزير الخارجية وبعدها يصبح لبيد رئيساً للحكومة، ويشغل بيني غانتس «أزرق- أبيض» منصب وزير الأمن (الدفاع) وأفيغدور ليبرمان وزير المالية وجدعون ساعر وزير القضاء (العدل) ثم وزارة الخارجية عندما يصبح لابيد رئيساً للحكومة ويتولى كذلك موقع نائب رئيس الحكومة، وميراف ميخائيلي «العمل» وزارة المواصلات وممثلة للحكومة في لجنة اختيار القضاة بعد مرور عامين تتولى فيهما أييلت شاكيد «يمينا» هذا الموقع. ويحتل نيتسان هوروفيتس «ميرتس» منصب وزير الصحة. أما منصور عباس «القائمة العربية الموحدة فسيشغل منصب نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة.
أما فيما يتعلق بالخطوط العامة للحكومة فقد تركزت في القضايا الداخلية بشكل أساسي وكان موضوع تطوير الاقتصاد بما في ذلك سن قانون لموازنة من سنتين يحتل أولوية خاصة، وكذلك موضوعات العلاقة بين الدين والدولة بالعودة عن بعض التشريعات التي حصلت خلال حكم نتنياهو استجابة لشروط المتدينين وهناك اتفاق على تشغيل المواصلات العامة خلال أيام السبت، ومنح مساحة للصلاة المختلطة في ساحة حائط البراق، وتسهيل عمليات التهويد، ودفع حقوق المثليين بما في ذلك الاعتراف بزواجهم، وتعزيز المساواة بين المرأة والرجل. وقسم مهم من الاتفاقات الحكومية وخاصة مع «القائمة العربية الموحدة» يتعلق بحقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل مثل رصد ثلاثين مليار شيكل لتقليص الفجوات بين اليهود والفلسطينيين، وضمان حصول المواطنين الفلسطينيين على تمثيل ملائم يتاسب مع نسبتهم في سكان إسرائيل في الوظائف الحكومية والعامة والاتحادات والنقابات، ووضع خطة خمسية للقضاء على الجريمة والعنف، وزيادة تسويق الشقق لديهم. وهناك بند يتعلق بالمتدينين وهو الزام كل التلاميذ بالتعليم الأساسي حتى يندمجوا لاحقاً في سوق العمل. والبند الوحيد الذي يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي هو بلورة خطة حكومية تشمل «إقامة إدارة خاصة لمنع سيطرة الفلسطينيين غير القانونية على مناطق مفتوحة من مناطق (ج)».
إذا نجحت كتلة التغيير في الحصول على دعم الكنيست للحكومة وبدأت أعمالها قبل أن ينجح نتنياهو في التخريب على فرصها فهذا يعني أن عهد نتنياهو قد ولى إلى غير رجعة، خاصة إذا تم سن قانون تحديد ولاية رئيس الحكومة بثمان سنوات متتالية فقط وضرورة المرور في فترة تبريد. وهو ما يعني توفير الوقت الكافي لمحاكمة نتنياهو قبل أن يتمكن من العودة للحكومة مجدداً. ولكن الحكومة القادمة ستكون مليئة بالتناقضات سواء المتعلقة بقضايا الدين والدولة أو القضايا السياسية التي ستكون على أجندتها حكماً في علاقتها مع الإدارة الأميركية التي أعلنت أنها على خلاف مع بينيت على مبدأ حل الدولتين الذي تؤيده وستعمل بناء عليه مع إسرائيل. وما يمكن أن يستجد في المواجهات مع الشعب الفلسطيني في مسائل القدس والاستيطان وغبرها. وسيمارس اليمين الاستيطاني ضغوطاً هائلة على الحكومة لتشويش وشل عملها والتخريب عليها في كل مناسبة.