النجاح الإخباري - "كانوا ثلاثة رجل يتسابقوا عالموت"، هي حكاية الرجولة التي أتمت اليوم 89 عاما، قصة فؤاد وعطا ومحمد، ثلاثية الموت التي زرعت منذ تسعة عقود غراسا في حب الوطن، فنمت وأصبحت اشجارا تلقن العالم دروسا في تعلم فنون البطولة.
كل من ثلاثتهم يتمنى الموت قبل الآخر، حتى لا يتجرع حسرة الفراق، فأي قلوب ملكتم وأي حليب رضعتم أيها الأبطال، ماذا فعلتم حتى بقي العالم يتغنى بكم ويردد أنشودتك كل هذه السنين.
يصرخ محمد جمجوم أنا أولكم، لا أريد أن أرى حبل المشنقة يلتف على أعناق رفيقي الدرب، يا عطا لا أريد أن اتجرع حسرتك، يا فؤاد لا تعذبني بموتك، ودعني أرتاح بموتي.
هي اسطورة الفلسطيني الذي يجعل الموت فرحا فؤاد حجازي كلماته الأخيرة في وصيته قائلا "يوم شنقي يجب ان يكون يوم سرور وابتهاج، يوما لاقامة الفرح والسرور في يوم السابع عشر من حزيران من كل عام".
هي ثورة البراق التي انطلقت عام 1929 في مدن فلسطين وقراها وعلى إثرها اصدر الاستعمار حكما بالاعدام بحق 26 مناضلا فلسطينيا شاركوا في الثورة ثم استبدلت بالسجن المؤبد لـ 23 منهم، ونفذت حكم الاعدام بالأبطال الثلاثة في سجن عكا.
فؤاد ابن مدينة صفد، ومحمد وعطا ابنا الخليل سجلوا ملحمة بطولة حتى في سباق الموت، أي جرأة امتلكتها يا محمد بلف الحبل على رقبتك بيدك حتى لا تتجرع حسرة عطا الزير. محمد طلب من السجان أن يعدم قبل عطا فأصر السجان على قهره ورفض طلبه لكنه كسر قيده وأسرع إلى حبل المشنقة ووضعه في عنقه وأرغم السجان على إعدامه دون أن يتجرع حسرة أخيه عطا الذي كان يرفع معنويات من تجمعوا في ساحة السجن لوداعه، بعدما أطل عليهم بالبدلة الحمراء.
حكاية العقود الطويلة لم تنته، ولا زال أطفال فلسطين يرددون حتى اليوم "من سجن عكا طلعت جنازة، جازي عليهم يا شعبي جازي".