النجاح الإخباري - لا نملك أكثر من أحلام مجبولة بجرعات محاصرة من تفاؤل نَصِفَهُ دوما بالحذر، تطلعات تجاور دوما حد الوجع، فنفرض حصارا حتى على أحلامنا، هي عقولنا المُسيجة بتواضع الأمنيات، فلا همَ أكثر من طريق بلا حاجز، عبور بلا موت، ليلة بلا رصاص، أن لا ينظر إليك المتربص بالقتل كإنك الإرهابي الأول في العالم حتى تحدث ذاتك قائلا "
أيكون غيرك مجرما، وتبيت في وجل كأنك أنت صرت المجرما؟
نحن الفلسطينيون، ومن غيرنا، نستقبل عاما ونودع آخر، باستثناء غريب الأطوار، أحلامنا تمضي عكس عقارب الزمن، وما نتمناه العودة الآمنة إلى الماضي، لا شأن لنا أبدا في المستقبل، فنطلق بعد تنهيدة معقدة التفاصيل عبارتنا المعهودة "ساق الله على أيام زمان".
آلفان وتسعة عشر، مجرد رقم يتبدل في نظر فلسطيني جاره "الوجع" وعشيقته لقمة عيش يشبه الوصول إليها لقاء مُعَقّد بين قيس وليلى، فالاحتلال يخنق الأرزاق، ويلف قهره حول عنقك وويل لك إن تجرأت على قول "آآآآآآآآخ".
يستقبل الفلسطيني عامه الجديد ويخشى أن يتبسم ضاحكا، وإذا فعل مضطرا أو مكرها، يتبعها دوما بدعاء إلى الله بالستر قائلا "الله يستر"
في فلسطين طموح ذلك الشاب أن يكون العام الجديد مكللا بنجاح في جامعة اختارها عن طيب خاطر لأنه مأمون عليه وصولها، والعراقة ليست مقياسا لفلسطيني أكبر همه الشعور بالأمان.
في فلسطين تأمل في عامك الجديد أن لا تنقطع الكهرباء شتاء بسبب الأحمال الزائدة، والقدرة الكهربائية المحدودة فحتى هذه يتحكم بها الاحتلال، ويا سبحان الله تحلم ذات الحلم صيفا وللأسباب ذاتها، فما أقل قدرتنا الكهربائية وما أكثر قدرتنا على ندب حظنا.
يُقسم الفلسطيني في هذا البلد، أن يوزع الحلوى في العام الجديد إن نجح في عبادة الله بعد أن يسري من خلف جدار إلى مسرى النبي، أما ذلك الغزّي فسقط هذا الحلم من قائمته، لكنه لا زال يأمل أن يَفِرُ عبر معبر لا عبور فيه إلا صدفة وصولا إلى البيت العتيق، فحتى عبادة الله بحرية دخلت ضمن قائمة الأحلام.
في هذا الوطن يتعاظم سقف أحلامك بأن لا يحسدك الناس لأنك أب الشهيد.
غريب أمرك أيها الفلسطيني تطوي عاما وتستقبل آخر ولا زلت تردد "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" رغم أنك لم تعش من الحياة شيئا.