طلال عوكل - النجاح الإخباري - سوداوية وخطيرة الرسالة العملية، التي بعثت بها كل من سويسرا وهولندا، حين اتخذتا قرارات بوقف الدعم المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
الدوافع سياسية وحقوقية بامتياز، وهي بالتأكيد من صناعة الحلف الامريكي الاسرائيلي، الذي يحضر الميدان للتصويت على مشاريع قرارات، تغير الأساس القانوني للقرار 194 الخاص بحق الفلسطينيين في العودة.
سبعون سنة هو عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، لم يظهر خلالها الفساد الذي تتحدث عنه الدولتان إلا في هذا الوقت بالذات!. الدافع المعلن يثير الكثير من الشكوك، فان كان ثمة فساد حقيقي تم اكتشافه مؤخراً فان ذلك سيكون جزءً من المؤامرة على الوكالة الدولية، من داخل الجسم الاداري الاجنبي ومن خارجه، ولكن السؤال هو لماذا لم تصدر هذه التهمة بالفساد ألا من هاتين الدولتين فقط، فالدول المساهمة في دعم الوكالة، وخاصة الدول الأجنبية كثيرة ، وهي أكثر قدرة من الدولتين المذكورتين على مراقبة واكتشاف ما تعاني منه وكالة الغوث؟، ربما كان اختيار الدولتين لاتخاذ هذا القرار بهذه الذريعة مقصوداً، ولإضفاء مصداقية ذلك أن سويسرا دولة محايدة، أما هولندا فهي ذات اهتمام سياسي ضعيف ومحدود ازاء الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، ستكون ميدان لمعركة كبيرة يقودها الحلف الامريكي الاسرائيلي، لشطب الخصوصية القانونية، التي تتمتع بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا.
بدأت المعركة من قبل الولايات المتحدة، بعد قراراها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، ثم التوقف عن تقديم مساهمتها التقليدية في موازنة الوكالة في محاولة لتجفيف مواردها، قبل أن تتجه الادارة الامريكية لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، المسالة بالتأكيد ليست مالية، فمساهمة الدولتين سويسرا وهولندا، في موازنة الأونروا لا تساوي شيئا كبيرا، و لا تشكل عبأ على امكانيات تلك الدول، الأمر الذي يؤشر إلى مؤامرة دولية واسعة، تسعى لشطب حق الفلسطينيين في العودة، ابتداءً من شطب الأساس القانوني الذي واظبت الأمم المتحدة على حمايته من سبعين عاماً.
المواجهة التي يخوضها الفلسطينيون والعرب لا تتوقف على زيادة مساهمة الدول العربية في موازنة الأونروا، اذ ليس المطلوب تعريب الوكالة الدولية، ذلك أن الأهم من كل ذلك، كيف يستخدم العرب والمسلمين امكانياتهم في التأثير على مواقف الدول الأخرى لإفشال الأهداف الأمريكية الاسرائيلية.
سبعة وخمسون دولة هو قوام منظمة التعاون الاسلامي، تشكل نحو ثلث أعضاء الجمعية العام للأمم المتحدة، يفترض أن تكون قادرة على افشال اي مشاريع قرارات تستهدف إلغاء القرار 194 ، أو تعديله خاصة اذا قامت بما يلزم من تواصل وتأثير على كثير من دول العالم التي لا تزال تدعم الحقوق الفلسطينية والعربية، و تناهض السياسة الامبريالية الأمريكية، إذا كان ذلك صحيحا من حيث المبدأ، فان ثمة حاجة ماسة للدينامو الفلسطيني والعربي، الذي يترتب عليه التحرك عاجلاً، من أجل التحضير الجدي للانتصار في هذه المعركة الخطيرة،إن الارتكان إلى نسب التصويت التي اعتادت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، قد ينطوي على مغامرة، ذلك أن الحلف الامريكي الاسرائيلي يجند كل امكانياته من أجل اسقاط حق الفلسطينيين في العودة، يستدعي ذلك عدى عن التحرك الدبلوماسي السياسي النشط حول العالم من قبل الفلسطينيين، الدعوى لاجتماعات عاجلة لكل من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي فقط لمناقشة هذا البند حصرياً، و بدون اغراق الاجتماعات بملفات أخرى.
إن حصر النقاش في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بهذا البند فقط، من شأنه أن يقدم رسالة قوية وواضحة لكل من له صلة بالأمر، وحتى لا تختفي هذه الرسالة بين عديد الملفات والقضايا على أهمية تلك الملفات، الحلف الامريكي الاسرائيلي الذي لا يخفي مقاصده، ويتحرك في كل اتجاه لشطب حق العودة وتوطين اللاجئين أو تهجيرهم مرة أخرى و تشتيتهم في دول اللجوء لا يتوقف، وعلى الفلسطينيين أن لا يترددوا في التحرك في كل الاتجاهات لحماية حقوقهم التاريخية.