نابلس - نبيل عمرو - النجاح الإخباري - الحكومة الثامنة عشرة على أهمية كفاءة الافراد في نجاح او اخفاق أي حكومة، إلا انها في حالتنا الاستثنائية تواجه عوامل أقوى من الكفاءة الفردية، تفرض نفسها وتؤثر بصورة حاسمة على مستوى النجاح او الفشل. وفي حالتنا المختلفة عن حالات غيرنا ممن يشكلون حكومات في كياناتهم المستقلة، ومن خلال تجربة عمرها اكثر من ربع قرن تشكلت فيها ثمانية عشرة حكومة، كان النجاح او الفشل يرتبط بصورة مباشرة بتطورات الوضع السياسي، ومستوى العلاقة مع إسرائيل، وكذلك على مستوى الدعم الخارجي ماليا واقتصاديا.
وخلال السنوات الاثني عشر الأخيرة دخل الى المعادلة عامل محلي كان له اثر قوي في إنجاح او افشال أي حكومة، هو الانقسام الذي اعيا كل الحكومات التي تشكلت في زمنه، واثقل كاهل الحالة الفلسطينية من كل جوانبها بما في ذلك المشروع الوطني وأهدافه التقليدية التي بدل ان تتقدم تبتعد. الحكومة الحالية التي تحمل الرقم ثمانية عشر، اغرقت قبل تشكيلها برهانات بدت كما لو انها حكومة انقاذ او حكومة أحلام جائت لإخراج الحالة الفلسطينية من مآزقها المتعاظمة والمتتالية، وترويج كهذا يحمل الحكومة ما لا طاقة لها به، ويفرض عليها الدخول في امتحان شعبي تتحدد علامات النجاح فيه على ضوء الإنجازات الملموسة التي يراها ويحسها الجمهور، ويلمس من خلالها تغيرا إيجابيا في حياته اليومية، فهل بوسع الحكومة الثامنة عشرة احداث هذا التغير الإيجابي على مستوى الوطن كله ما دامت قدمت نفسها على انها حكومة الكل. وفق التجارب السابقة التي كانت فيها معظم الحكومات تتمتع بدعم اقوى بكثير مما تتمتع به الثامنة عشرة، الا انها تهاوت تحت ضغط مؤثرات التراجع السياسي وشراسة الصراع الداخلي الذي جعل من قدرات الحكومات على العمل اضعف بكثير من المهمات الكبرى الملقاة على عاتقها او التي تعد بها.
قرأت في الصحف اليومية ما عرض على انه برنامج المائة يوم الأولى للحكومة الثامنة العشرة، لقد بهرتني دقة تحديد الاحتياجات والاهداف، غير ان الاسراف في ضمان الحلول بدا لي بحاجة الى مزيد من التدقيق، خصوصا في المجال التنموي والاقتصادي والتطلع الوطني للانفكاك عن إسرائيل بما في ذلك استبدال الشيكل بعملات مشفرة والكترونية ولم اقرأ ما يفيد بكيف. في تقويم الحكومات منذ اليوم الأول لتشكيلها قدر من التسرع الذي قد يخل بالخلاصات، غير ان التساؤلات تظل واجبة وينبغي ان لا تضيق الحكومة ذرعا بها، او تعتبرها وضعا للعصي في الدواليب، فكل الذين يتسائلون سيكونوا اكثر الناس سعادة حين تُنبئ استطلاعات الرأي النزيهة وليست مدفوعة الاجر بتحسن ملموس في الحياة من كل النواحي، وتحسن موازٍ في مجال المعالجات السياسية للمعضلات الراهنة وتلك التي تقف خلف الباب، ساعتئذ لن يتورع احد عن تقديم الشكر لحكومتنا الثامنة عشرة، ونبشر شعبنا الصابر والقلق بأن الخروج من المآزق قد تم فعلا.