غزة - طلال عوكل - النجاح الإخباري - عودة الوفد الأمني المصري مجددا للتنقل بين إسرائيل وقطاع غزة، خصوصا في هذه الفترة، وقبل موعد الانتخابات العامة في التاسع من نيسان إبريل المقبل تثير تساؤلات مشروعة حول الدوافع والأهداف. معلوم أن الطرف المصري ويدعمه في ذلك المبعوث الأممي بعملية السلام ملادينوف، يسعى إلى تحقيق تهدئة مقبولة لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في ضوء اشتداد الأزمة في قطاع غزة، ودرءا لإمكانية انفجار الاوضاع، فضلا عن تحييد الفلسطينيين إزاء الانتخابات الجاري التحضير لها في إسرائيل. فمن جانبها حركة حماس والفصائل في غزة، لم تعد تحتمل تجاهل إسرائيل للتفاهمات التي سبق أن تم التوصل إليها بوساطة الجانب المصري قبل فترة، ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرات العودة، ما جعلها تصعد بشكل محسوب، باستخدام وسائل وأشكال كانت مارستها قبل التوصل إلى تلك التفاهمات. إذا كانت حماس وفصائل غزة، لا ترغب في تصعيد الأوضاع إلى حد انفجار الاوضاع، بما يعطي إسرائيل المبرر لتوسيع عدوانها، فإن نتنياهو الذي يواجه تهديدا حقيقيا على مستقبله السياسي، قد يضطر لمغادرة أسلوب البحث بوسائل لينة نسبيا، لتحقيق الهدوء، خاصة وأن تلك السياسية، جلبت عليه الكثير من الانتقادات من قبل اليمين المتطرف، ومن قبل المستوطنين. والسؤال هو ماذا كان نتنياهو الذي يصعد عدوانه في القدس والضفة، سيستمر في البحث عن تهدئة مع قطاع غزة، مدفوعة الثمن، أم أنه يتردد بين خيارين فإما تهدئة مجانية وإما تصعيد بهدف استعادة بعض من شعبيته التي يخسرها من قبل المستوطنين في غلاف غزة.
تتحدث القناة الثانية الإسرائيلية عن توجه لقبول إدخال الأموال القطرية إلى غزة عبر آلية الأمم المتحدة، وعن السماح للأمم المتحدة بتوظيف ثلاثمائة مليون دولار متوفرة لديها. لتحسين الأوضاع في القطاع، غير ان سلوك إسرائيل منذ أسبوع يشير إلى غير ذلك. لا تجد إسرائيل سبيلا لمواجهة، البالونات الحارقة، والأطباق الورقية، وإلقاء القنابل محلية الصنع التي يستخدمها النشطاء الفلسطينيين فضلا عن الوسائل الأخرى المعتادة، سوى ان تعود إلى أسلوب القصف الجوي والمدفعي لعديد مواقع المقاومة ومنشآتها. المهم أن إسرائيل التي تشعر بالسعادة، إزاء تجاوز دور السلطة الوطنية كليا في هذا الحراك، والذي يعزز رغبتها في التعامل المباشر وغير المباشر مع حركة حماس، ستكون (إسرائيل) مضطرة لأن تتخذ موقفا سلوكيا واضحا، إزاء التهدئة ومتطلباتها، إذ لا يمكن الاستمرار في أسلوب المراوغة والتضليل الذي تتبعه حتى اليوم. على أن القرار اليوم لا يتعلق بسياسة إسرائيلية ومصالح عامة، وإنما يحكمه ويتحكم فيه، المصلحة الخاصة لرئيس الحكومة، الذي يواجه تحديا قويا من قبل تحالف أزرق أبيض، بالإضافة إلى الملاحقة القضائية، التي تشدد الخناق حول رقبتها. في مطلق الأحوال ثمة شكوك كبيرة في ان تنجح الوساطة المصرية في ان تفرض على إسرائيل تقديم ما يمكن أن يجعل حماس والفصائل تتدعي الانتصار في تحقيق هدف كسر الحصار.
من الواضح أن هذا التحرك، يأتي في المساحة الرمادية، والأرجح أن يكون الوضع قابل للانفجار بمبادرة إسرائيلية، أو أن يبقى تحت تأثير المسكنات، إلى أن تنتهي الانتخابات الإسرائيلية، وتظهر ملامح المشهد السياسي. خلال هذه الفترة الرمادية، التي يصعب خلالها تحقيق إنجاز مهم بعنوان كسر الحصار، فإن أشكال و وسائل الاشتباك ستتخذ طابعا روتينيا، لا يتجه نحو التصعيد النوعي، ولا يميل إلى الهدوء التام، خاصة وأن إسرائيل تطالب بوقف المسيرات من أساساها، وهو أمر من غير المتوقع ان يقبل به الفلسطينيون. والثابت في تحركات الوفد الامني المصري خلال هذه الايام، أن ملف المصالحة ليس مطروحا كأولوية، و أن هذا النشاط يتركز على معالجة ملف التهدئة، لا أكثر ولا أقل.