طلال عوكل - النجاح الإخباري - مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، التي لجأ إليها بنيامين نتنياهو، مملوء بقناعة ذاتية وثقة بأنه سيتوج نفسه ملكا على إسرائيل، بدأت تتشكل في سماء المستقبل القريب، غيوم سوداء لم يحس لها رئيس الحكومة حسابا. ساحر نتنياهو بلا شك ولكن سحره انقلب عليه هذه المرة، لأنه استهتر بمعارضيه. من قاعة المشاهدين خرج عليه رئيس هيئة الأركان السابق بني غانس، ليشكل كتلة انتخابية كانت استطلاعات الرأي تعطيها نحو ستة عشر مقعدا، ثم فوجئ نتنياهو بتحالف مخيف بين غانس وليبد، وانضم إليه لاحقا الجنرال غابي اشكنازي ويعلون، ليشكل هذا التحالف بين الجنرالات تهديدا حقيقيا ومرعبا بالنسبة لليكود و رئيسه. وفق آخر استطلاعات الرأي فإن تحالف الجنرالات الذي يتخذ نفسه أبيض أزرق، فإنه قد يحصل على ستة وثلاثين مقعدا، بينما يحصل الليكود في احسن الأحوال على اثنين وثلاثين مقعدا. بائت بالفشل محاولات نتنياهو، لضم أحزاب او كتل من نفس طينته اليمينية المتطرفة، لكنه لم يجد غير جماعة الكاهنين العنصرية المتطرفة التي تسبب انضمامها في إثارة غضب الايباك، والمرجعية الصهيونية في الولايات المتحدة. هي الايباك وجهت انتقادا عنيفا حدا، لانضمام الكاهنين إلى كتلة الليكود، ما دعاها إلى دعوة بيني غانس لإلقاء خطاب أمام مؤتمرها، والذي قرر نتنياهو حضوره أيضا، يخشى نتنياهو، من أن يؤدي فوز كتلة أبيض أزرق، فالانتخابات وتشكيل الحكومة المقبلة إلى الإطاحة بمستقبله السياسي. في الواقع فإن القضاء الإسرائيلي يحضر نفسه لتوجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو قبل الانتخابات، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلبا على نحو 16 بالمئة من مصوتي الليكود، الذين يربطون موقفهم بالخطوة التي قد يتخذها القضاء بحق نتنياهو. الحديث لا يدور عن يمين ويسار، وإنما عن يمين متطرف منفلت ويمين متطرف، لكن ثمة فرق بين المعسكرين عنوانه اختلاف النظرة بالنسبة لهوية الدولة. حتى الآن لم يبلور تيار أبيض أزرق رؤية سياسية واضحة بالنسبة لموضوع الهوية، هو تيار يلتزم أيضا بقانون القومية، لكنه يخشى من أن تفقد إسرائيل طابعها الديمقراطي، وتهديد مستقبلها إن هي استمرت على سياسة نتنياهو التي تفضي إلى دولة ثنائية القومية. هذا يعني انه مقابل نتياهو الذي يأخذ من صفقة القرن ما يدعم خطته التوسعية، وما يصادر منها الحقوق الفلسطينية، ويرفض ما يمكن ان تتضمنه الصفقة من استهداف إقامة دولة حتى لو كانت نصف كيلو متر في الضفة وغزة. وربما لهذا السبب تؤجل إدارة ترامب الإعلان عن الصفقة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية. في كل الاحوال فإن الفلسطينيين لا يجدون فرقا بين التيارين، يمكن ان يؤدي إلى تغيير موقفهم من صفقة القرن، بعد أن اتخذت الولايات المتحدة مواقفها عمليا إزاء القدس واللاجئين، ومارست ضغطا شديدا على السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية. لم ينجح نتنياهو، رغم ما حققه أو يدعي تحقيقه من إنجازات على صعيد التطبيع العربي الإسرائيلي. والاختراقات التي يحققها على الصعيد الدولي، وذلك أن سياسته عمقت المخاوف لدى بعض النخب من أن تؤدي هذه السياسة إلى دولة عنصرية لا ديمقراطية تنمو فيها الفاشية ، مما سيؤدي إلى عزلتها، وربما انتهاء عمرها. في الواقع فإن قتلة أبيض أزرق، ستكون قادرة على بناء تحالف قادر على تجاوز ستين صوتا التي تحتاجها أي حكومة، ذلك أنه يسبح في تيار اليمين ذاته، وبالتالي سيجد مجالا لبناء تحالفات تمكنه من تشكيل الحكومة في حال فوزه.
في كل الاحوال فإن على الفلسطينيين أن يكونوا حذرين من أن يوفروا ذريعة لنتنياهو الذي تتزايد لديه النزعة العدوانية، بأمل تحسين وضعيته في الانتخابات، وإلى أن يتبلور المشهد الإسرائيلي في ضوء الانتخابات فإن لكل حادث حديث.