نابلس - طلال عوكل - النجاح الإخباري - محاولة لتصحيح بعض الخطايا طلال عوكل أخيرا أعلنت حركة حماس رفض استلام المنحة القطرية المخصصة لرواتب القسم الأكبر من موظفيها، بدون أن تدخل في حالة من الخصام مع قطر، أو إعادة النظر في سياساتها أو العلاقة معها.
لم يكن الموقف الحمساوي، ليشكل جديدا على ما تعرفه وتتجاهله في الوقت ذاته من أن الأموال القطرية، تنطوي على أبعاد سياسية، موظفة وفي الوقت ذاته من أن الأموال القطرية، تنطوي على أبعاد سياسية، موظفة وفي أحسن الاحوال مقبولة من دولة الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن حماس لا تستطيع رفض الدعم القطري، وأن تستغني عن العلاقة مع قطر.
للأمانة فإن جزء كبير من الدعم القطري، قد جرى توظيفه لصالح الناس، فالشوارع ومستشفى الاطراف الصناعية، والمباني السكنية، تشهد على ذلك، ولا يمكن إنكار أهميته لكن كل ذلك على أهميته هو جزء من دور تسعى قطر لتكريسه في العلاقة مع البعد الفلسطيني والإقليمي.
بعد أن تسلمت حماس دفعتين من الاموال القطرية، التي لم تكن بلا ثمن بطبيعة الحال، حيث يتبجح الإسرائيليون بأنهم يمتلكون قاعدة معلومات وأمنية عن معظم موظفي حركة حماس، تصل الحركة إلى نتيجة بأن الإسرائيليين يتلاعبون بتفاهمات التهدئة وأنهم بدون التزام بكل ما ورد في هذه التفاهمات، أخذوا يرفعون السعر إلى حد الطالبة بوقف مسيرات العودة، وليس الالتزام فقط بالتهدئة.
إلى ذلك أصبح من المخجل وطنيا، أن تقبل حماس بتسديد رواتب موظفيها بالرغم من الأزمة التي تعاني منها في هذا المجال، بناء لقرار صريح وواضح من الحكومة الإسرائيلية. لقد تعرض قبول حماس للدفعتين الاولى والثانية من المنحة القطرية إلى انتقادات واسعة، ليس فقط من الخصم السياسي وهو حركة فتح والسلطة، أو من نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي، بل أيضا من قبل الفصائل الشريكة في مسيرات العودة وكسر الحصار، إن وصول الأموال القطرية لدفع رواتب موظفي حركة حماس حصريا وبدون ان يكون ذلك في سياق كسر الحصار المفروض على القطاع، سيبدو للشركاء الآخرين على أنه تجيير لجهد ودور الشركاء ولصالح الحسابات والمصالح الذاتية لحركة حماس وحدها.
في كل الاحوال ليس من الممكن الثقة بالاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يعرف عنه الالتزام بالمواثيق والتعهدات، لكن عدم الثقة هذه تـشجب نفسها على الدور القطري أيضا طالما أنه مقبول ومرحب به من قبل الحلف الأمريكي الإسرائيلي، وبتجاهل كامل لدور الشرعية الفلسطينية، أو نكاية فيها.
كان من الأفضل لقطر، إن كانت نواياها إيجابية، أن تخصص هذه الاموال حتى لو كانت لتغطية رواتب موظفي حركة حماس، في اطار الدفع لتحقيق المصالحة، خاصة وأن ملف الرواتب واحد من الملفات ذات الطبيعة الإشكالية. في الواقع تحدث هذه الأموال إشكالية لدى الطرفين، فكثير من الإسرائيليين يتهمون حكومتهم بأنها سلمت لحماس، ودفعت في فخ حساباتها، وعلى الجانب الآخر هي محل انتقاد واسع من الفلسطينيين، هذا على الرغم من أن الطرفين لا يخفيان رغبتهما في التهدئة ولكن ليس بدون ثمن، الأمر الذي دفع الجانب المصري لمعاودة نشاطه واتصالاته الميدانية، حتى لا يقع التصعيد كخيار واقعي على الأقل من جانب الفلسطينيين، لا يستطيع الجانب المصري مغادرة الميدان، وسيترتب عليه أن يقوم في هذه الفترة بدور الإطفائية، لمنع نشوب المزيد من الحرائق، سواء فيما يتعلق بملف الانقسام والمصالحة، أو الملف المتوتر مع الاحتلال الإسرائيلي، وليس أمامه إلا إن عاود المحاولة على الجبهتين، وأن يحاول ترميم الخلل المتعلق بالتفاهمات مع إسرائيل بعد قرار حماس رفض استلام الأموال القطرية المخصصة للرواتب، والتي تحولت لدعم قطاعات أخرى بالتعاون مع مؤسسات دولية.