طلال عوكل - النجاح الإخباري - أيام الضفة الغربية تقدم نموذجاً لطبيعة المواجهة الحتمية بين الاطماع التوسعية العنصرية الاسرائيلية التي تتعامل مع ما تسميه" يهود او السامرة"، وبين الحقوق الفلسطينية التي تنعي عليها وتؤكدها الشرعية الدولية، أيام قليلة ربما تزامنت مع مناسبات التأسيس لحركة حماس، والشعبية، وذكرى الانتفاضة الشعبية الكبرى.
أيام قليله اربكت الاحتلال، واستنفرت كل قواته العسكرية والامنية، والشرطية والاستيطانية، التي تعاني من فشل متلاحق في منع وقوع عمليات عسكرية نوعية تخترق كل الحواجز الأمنية، وحالة الاستنفار والحذر والعدوان المتواصل. لم يستمع رئيس الوزراء الذي يحمل اربعة حقائب وزارية الى نصائح الجيش والشاباك، التي حذرت قبل وقت من احتمال وخطورة الانفجار في الضفة، لكنه تجاهل تلك التحذيرات، ووزع اهتماماته على غزة، وشمال فلسطين المحتلة .
يتوجس الاسرائيليون في أن تتطور عمليات الدهس و الطعن الى عمليات عسكرية حرفية، منظمة ومخططة قد تأخذ بعداً فردياً او تنظيميا، وقد تأكد لهم ذلك، حين وقعت عمليات عسكرية خطيرة في ظل الانتشار الامني الواسع، في مواجهة عمليات سابقة عليها، وبحثاً عن الشهيد اشرف نعالوه الذي اختفى عن الانظار لأكثر من شهرين.
في غياب اي افق لعملية سلام حقيقية مجدية، والبدء بتنفيذ صفقة القرن، تختلط على اسرائيل اشكال المواجهة، بمخطط السلام الاقتصادي، واستخدام القوة المفرطة، لا يدرك الاسرائيليون ان لا هذه ولا تلك يمكن ان تجدي في مواجهة الفلسطينيين الذين يتمسكون بقوة حقوقهم ويظهرون استعداداً لا محدوداً على الدفاع عن ارضهم وحقوقهم.
على ان استعماراً كالذي يواجهه الفلسطينيون، لا يمكن الا ان يعود الى طبيعته الارهابية التي تأسس ونشأ عليها منذ البدايات، لا فرق عند قيادة الاحتلال بين من يدعو ويتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، والدبلوماسية وبين من يتبنى المقاومة المسلمة، ولذلك ليس غريباً ان يصف هؤلاء الرئيس محمود عباس على انه الشيطان الأكبر، وان يطلقوا التهديدات باغتياله.
ثمة تحريض مفتوح يصبح رسمياً حين يصدر عن المستوطنين الذين يضعون صورة الرئيس على الحواجز العسكرية، ويخرجون للمطالبة باغتياله، وحين يصدر عن نائب رئيس الكنيست من الليكود، دعوة صريحة تحرض على اغتيال الرئيس الفلسطيني.
لقد سبق لكبير حاخامات اسرائيل السابق ان قال بأن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت. على المقلب الاخر يهدد بنيامين نتنياهو بأن غزة لن تنعم بالهدوء، ما لم تنعم الضفة بالهدوء، يشير ذلك على نحو واضح ان حماس وفصائل المقاومة هي التي تتحمل المسؤولية عما تشهده ساحة الضفة، مما يعني ان التهدئة على جبهة غزة في مهب الريح، وقد تبادر اسرائيل الى شن عملية عسكرية واسعة ضد القطاع في حال استمرت العمليات العسكرية في الضفة.
وبرأينا أنه من المبكر جداً الحديث عن ان ما يجري هو انتفاضة أو مؤشرات على اندلاع انتفاضة شاملة خلال الايام والاسابيع القادمة، ذلك ان الشرط الاساسي لاندلاعها غير متوفر الآن بسبب الانقسام الفلسطيني وتضارب الخيارات، والسياسات. على ان هذا التقييم للوضع القائم حالياً، هو تقييم مؤقت ذلك ان التطورات اللاحقة ستدفع في هذا الوجهة.
التطورات اللاحقة، تتصل بإصرار اسرائيل على تنفيذ مخططاتها التوسعية في الضفة، وسعيها لإضعاف السلطة واظهار عجزها الآن، وصولاً الى تفكيكها لاحقاً وتحويلها الى سلطات محلية في كل مدينة فلسطينية، تقدم المخططات الاسرائيلية من شأنه ان يؤدي الى توحيد الفلسطينيين موضوعياً، بغض النظر عن اشكال مواجهة تلك المخططات الاسرائيلية الأمر الذي يوفر اهم الدوافع لاندلاع انتفاضة شاملة.
يضاف الى ذلك ان الضغط الشديد على المواطنين من قبل الجيش والمستوطنين، واستهداف كرامة وارض وعرض الفلسطيني وآماله ومقدساته يخلق كل يوم المزيد من الدوافع الشخصية والتنظيمية للقيام بأعمال مقاومة.
من المهم في هذه الفترة، ان يجتهد كل الفلسطينيين في فضح وتعرية الارهاب العنصري، الذي تمارسه رسمياً دولة اسرائيل، وقطعان المستوطنين الذين يشكلون جيشاً رديفاً لا يتوقف عن ممارسة الارهاب ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم.