طلال عوكل - النجاح الإخباري - الكذب والتضليل الذي يمارسه اركان الإدارة الأمريكية، لا ينطلي على أحد، ولذلك فإن من الغباء الاستمرار في هذه السياسة، والأفضل لهم أن يتمتعوا بالجرأة والفجاجة التي يتمتع بها سيد البيت الأبيض. قبل فترة، يقول جيسون غرينبلات أن صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية، تنطوي على ثمن من شأنه اغضاب الإسرائيليين، وتعويض الفلسطينيين عما دفعوه حتى الآن على يد الولايات المتحدة بشأن القدس واللاجئين، ثم يطل علينا جاريد كوشنير ليقول أن العقوبات الأمريكية بحق الفلسطينيين، لا تتسبب في تعطيل عملية السلام. بالتأكيد هؤلاء يتحدثون عن سلام غير الذي يتحدث عنه الفلسطينيون والمجتمع الدولي، وما تؤكده مرجعيات الأمم المتحدة. السلام الأمريكي المقصود ،هو السلام الاقتصادي الذي ينادي به منذ سنوات ملك التطرف والعنصرية بنيامين نتنياهو أذ أن كل ما يصدر من قرارات، ومن تحليلات وتسريبات يشير إلى أن الولايات المتحدة تعتقد بأن المال يمكن أن يحل كل العقد، ويعالج أصعب وأخطر الأزمات. و عندما يتعلق الامر بالمال يراهن سكان البيت الأبيض على أن وظيفة أمريكا تتوقف عند اتخاذ القرارات وتحديد الوجهة العامة، بينما تصدر الأوامر لبيوت المال العربية وغير العربية لتحمل المسؤولية عن توفير الأموال. الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لأن تدفع دولارا واحدا من خزينتها للصرف على أمن الآخرين، ولا هي مستعدة لأن تدفع دولارا على الحروب التي تديرها بالإشراف بينما تديرها بالوكالة أطراف أخرى. العقوبات التي يتحدث عنها كوشنير ليست عقوبات، ولا هي وسائل من ضمن التكتيك السياسي، للضغط على الفلسطينيين، من أجل التعاطي الإيجابي مع صفقة القرن لا من الموقع المعادي لها، ولذلك فإن الهدف الحقيقي لما يسمى بالإجراءات العقابية، هو اجتثاث الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وشطب مرجعيتها الدولية وأدواتها. الأونروا ليست مستهدفة فقط بما تنطوي عليه من أبعاد حقوقية وسياسية، ولا هي مستهدفة بدورها الإنساني، إنما مستهدفة بكل ما تعنيه ويتصل بحق اللاجئين في العودة فإنها هي كأداة، والحق كحق مستهدفان من الجذور تماما كما يحصل بالنسبة للقدس.
أما آخر ما تسميه الإدارة الأمريكية بالعقوبات والتي تتصل بإغلاق ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن فإنها هي الأخرى مستهدفة كهوية، وكمرجعية وممثل شرعي وحيد للفلسطينيين، ولصالح استبدالها بالسلطة الوطنية الفلسطينية. منظمة التحرير تأسست واستمرت واكتسبت الشرعية وأهمية الدور لكونها تحمل كل حقوق وآمال وأهداف الشعب الفلسطيني في كل مكان. إن المنظمة مستهدفة بكونها هي التي تحمل المشروع الوطني المعروف وعنوانه حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. تتحول المنظمة التي لبت الشروط الأمريكية عام 1988، لبدء الحوار بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى منظمة ارهابية. بعد قليل من الوقت، وحين تقوم المنظمة بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والتشريعي، فإن إسرائيل ستلاحق المنظمة، برموزها ودوائرها وأدوات فعلها كجماعة إرهابية، بينما ستتعامل مع السلطة بطريقة مختلفة. باختصار فإن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، تخوض حربا جذرية على كل الحقوق الفلسطينية، مما يستوجب استراتيجية فلسطينية مختلفة جذريا. المنظمة بوجودها وبكل ما تمثل مستهدفة، وليس صحيحا أن إقفال مكتبها في واشنطن مرهون بتراجعها عن تقديم الملفات لمحاكمة إسرائيل على جرائمها من خلال الجنائية الدولية.
تجرد الولايات المتحدة كل أسلحتها في مواجهة القضية الفلسطينية ولذلك لم يعد مفهوما أن يتأخر الفلسطينيون في الإقدام على كل ما يلزم، لخوض هذه المواجهة وابتداءا بإنهاء الانقسام.