النجاح الإخباري - لا شك في أن البكاء الطويل الأمد للطفل يقلق الأهل، ويحدث اضطراباً في الحياة العائلية ويستدعي الكثير من الزيارات لعيادات الطبيب. إلا أن الأبحاث العلمية الجديدة فتحت باب أمل إذ استطاعت فهم أسباب ذلك البكاء المتواصل للطفل الرضيع.
اضطرابات في الأمعاء
نعلم جميعاً أن الطفل يبكي حتماً. لكن هذا البكاء يتخطى حدود المعقول أحياناً لدرجة أنه يربك الأهل ويجعلهم يائسين بكل معنى الكلمة. لكن متى يمكن القول إن بكاء الطفل تخطى حدود المعقول، لاسيما وأن قدرة بعض الأهل على تحمل البكاء أكبر من قدرة البعض الآخر.
حسناً، يقول الأطباء إنه يمكن الحديث عن بكاء مفرط حين يستمر البكاء أكثر من ثلاث ساعات يومياً، وأكثر من ثلاثة أيام أسبوعياً.
وثمة بكاء شائع جداً عند الأطفال هو البكاء الليلي، أي حين يبكي الطفل يومياً لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات تقريباً بين الساعة السادسة مساء ومنتصف الليل، ولا ينجح أي شيء في إسكاته أو تهدئة بكائه.
البكاء هو وسيلة للتعبير والتواصل، وهو الوسيلة الوحيدة التي يملكها الطفل الرضيع، رغم أنه يصعب فهم هذه اللغة وتفكيك رموزها. لكن لماذا يبكي بعض الأطفال أكثر من غيرهم؟
أظهرت الدراسات العلمية مسؤولية هرمون الموتيلين الذي يؤدي دوراً في حركة الجهاز الهضمي. فقد تبين أن الأطفال الذين يولدون مع مستوى مرتفع من الموتيلين يعانون أكثر من المغص، ويبكون بالتالي لفترات طويلة.
وقد أثبتت هذه الدراسات العلمية وجود رابط قوي بين كثافة البكاء ومعدل الموتيلين. واللافت أن هذا الهرمون ينتج بكميات كبيرة حين يتحمل الجنين التأثيرات السلبية للتدخين وهو لا يزال في رحم أمه، أو عندما يتعرض لمضار التدخين عند الولادة.
وتبين أن هؤلاء الأطفال الذين تأثروا سلباً بمضار التدخين يعانون كثيراً من المغص.
ما من علاج سحري
تشير الدراسات العلمية أيضاً إلى وجود معدل منخفض جداً من العصيات اللبنية (Lactobacilles) في براز الأطفال الذين يعانون من المغص ويبكون بشكل متواصل ومفرط.
وقد أظهرت إحدى الدراسات تحديداً أنه بعد إعطاء الأطفال قطرات من تلك البكتيريا المفيدة للجهاز الهضمي، حصل تحسن ملحوظ في البكاء عند 95 في المئة من الأطفال الذين كانوا يبكون كثيراً.
لكن تجدر الإشارة إلى أن تلك القطرات ليست حلاً سحرياً لكل الأطفال الرضع، لاسيما وأن جسم كل طفل يتفاعل بشكل مختلف مع تلك البكتيريا.
تهدئة الرضيع فوراً
ساد الاعتقاد في مرحلة معينة أنه لا بأس إذا ترك الطفل يبكي لبعض الوقت لأن هذا يساعده على «فتح الرئتين» ويمنعه من أن يكون لاحقاً طفلاً مغناجاً وكثير المتطلبات. إلا أن الأبحاث العلمية تقول لنا غير ذلك اليوم.
فقد تبين أن الطفل الذي يبكي لفترة طويلة يكشف عن مستوى مرتفع من الكورتيزول، أي هرمون التوتر. واللافت أن مستوى الكورتيزول يبقى مرتفعاً عند الطفل المتوتر، حتى لو لم يعبّر هذا الأخير عن توتره بالبكاء المتواصل.
وتتحدث دراسات أخرى عن تضاؤل احتمال بكاء الطفل بعد عمر السنة في حال مواساته بسرعة حين يكون مولوداً جديداً. من المهم إذاً مواساة الطفل الرضيع (خصوصاً قبل عمر أربعة أشهر) وفهم سبب بكائه أساساً. فقبل عمر الأربعة أشهر، يبكي معظم الأطفال الرضع للتعبير عن حاجة لم تتم تلبيتها لديهم، مثل الجوع، أو الانزعاج، أو النعاس، أو الحاجة إلى وجود الأم قربه... ولا ننسى طبعاً العلاقة الحميمة والوثيقة التي تربط بين الرضيع وأمه منذ كان جنيناً في رحمها، ولا يستطيع بالتالي ذلك الرضيع أن يتمتع بالاستقلالية خلال أسابيع قليلة.