النجاح الإخباري - في غمرة الاحتفالات التي تنشغل فيها ربات البيوت بتحضير الولائم والأقرباء والأصحاب بالتسامر، والأطفال بالهرج واللعب، يتناسى الناس خطرا متخفيا يهدد الجميع، ألا وهو المرض الذي قد يصيبنا من الطعام الفاسد.
إن التسمم الغذائي مشكلة هامة تعاني منها معظم المجتمعات، النامية منها والمتطورة، والتي تكلف الكثير من الوجهتين الصحية والاقتصادية، ففي السنة الماضية مثلا صرح مسؤول من وزارة الصحة في العاصمة الباكستانية إسلام أباد أن معظم المرضى الذين يسعفون في المستشفيات في الأعياد، هم من المصابين بمشكلات هضمية تشمل التسمم الغذائي، وقبل بضع سنوات أدخل 200 مصاب بالتسمم الغذائي في عيد الفطر إلى مستشفيات عجين في دولة تشاد، وإذا اخذنا الولايات المتحدة كمثال عن الدول الصناعية المتطورة، فحوادث التسمم من الطعام تحدث سنويا في سدس السكان، ما يدعو لاستشفاء 128000 شخص منهم، ووفاة 3000.
* مسببات المرض التي تنتقل عن طريق الطعام
إن أسباب تلوث الطعام وانتقال خطر التلوث إلى الناس هي مجموعة من الجراثيم (البكتيريا) والفيروسات (وأحيانا الطفيليات)، أهمها:
- السالمونيللا Salmonella التي تسبب مرض التيفوئيد.
- الوشيقية Clostridium التي تسبب التسمم المنباري.
- كامبيلوباكتر Campylobacter.
- أي كولي E. Coli.
- شيغيللا Shigella.
- ليستريا Listeria.
- نوروفيروس norovirus.
وعادة ما تلوث هذه الأحياء المجهرية اللحم، والبيض، ومشتقات الحليب.
* أعراض ومضاعفات التسمم الطعامي
تتجلى معظم أعراض التسمم بعرضي الإقياء والإسهال اللذين تختلف شدتهما بحسب درجة التسمم، واللذان عادة ما يتوقفان خلال 3 أيام، لكن يمكن أن ينتج عنهما أسوأ العواقب الصحية إذا طالا أكثر من ذلك، وترافقا بالتجفاف الشديد وارتفاع درجة الحرارة، أو ظهور الدم في الإسهال أو الإقياء، ويرافق الإقياء والإسهال في معظم الحالات آلام البطن وحس الصداع.
ومن المضاعفات الخطرة التي قد تحدث في حالات التسمم الشديدة التي تدوم أكثر من بضعة أيام:
- القصور الكلوي، الذي يحدث عندما تفرز الأمعاء المصابة مواد سامة تخرب الكريات الحمر في الدم، ما يدعو لإصابة الكليتين بمرض قاتل يدعى HUS، الأمر الذي يحصل خاصة في الأطفال، وتسببه أنواع من جرثومة E. Coli.
- التهاب المفاصل المزمن، الذي تسببه خاصة الجرثومتان Salmonella وShigella.
- التهاب السحايا meningitis الذي تسببه خاصة الجرثومة Listeria، والذي قد يؤدي في الأطفال الرضع إلى التأخر الذهني أو الشلل أو فقدان البصر أو السمع.
وقد تحصل -أخيرا- الوفاة من أية من هذه العواقب المرضية.
ويعتبر المسنون والأطفال والحوامل والمصابون بضعف الجهاز المناعي، هم الأكثر عرضة لعقابيل التسمم الغذائي الوخيمة.
* كيف يعالج التسمم الغذائي؟
يمكن معالجة معظم الحالات في البيت (ولو أنه من الأفضل استشارة الطبيب)، وعادة ما تخف الأعراض في مدى 3 أيام. والنصائح الأساسية للمعالجة الذاتية تشمل:
- أعط معدتك بعض الراحة وتجنب الطعام لفترة، ثم ابدأ تدريجيا بأكل الأطعمة السهلة الهضم، مثل اللبن الرائب والجيلاتين والموز والبطاطا المسلوقة والرز المغلي.
- اشرب الكثير من الماء والسوائل غير المخرشة (مثل مغلي البابونج والنعناع والصودا) لمحاربة التجفاف (ويفيد المص على قطعة من الماء المجمد).
- تجنب القهوة ومركبات الكافئين، وتحاش الأطعمة الغنية بالدهون.
- الزم الراحة قدر المستطاع.
- وتفيد الأدوية المضادة للإسهال والإقياء المتوفرة في الصيدليات، مثل Imodium وPepto-Bismol بدون وصفة طبية.
أما إذا بقي الإقياء والإسهال فترة طويلة، وبدا أن المصاب لا يستطيع الحفاظ على السوائل التي يشربها، وظهرت علامات التجفاف (العطش الشديد وقلة أو انقطاع التبول وجفاف الفم والجلد والضعف العام والدوار) أو ارتفعت درجة الحرارة بشدة، أو كان الإسهال أو الإقياء مصحوبا بالدم، فلا بد من دخول المستشفى لمعالجة تعويض السوائل والشوارد، وإعطاء العقاقير اللازمة (كالصادات)عن طريق الوريد.