النجاح الإخباري -
تناولت مديرة السياسة الدولية في مركز السياسات السيبرانية بجامعة ستانفورد ومستشار خاص للمفوضية الأوروبية، مارييتجي شاكي، في مقال منشور بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، التداعيات التي قد تنتج عن تحكم مجموعة محدودة في تطوير الذكاء الاصطناعي.
ذكرت في مقالها أن الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، سيسعى للحصول على تمويل يصل إلى سبعة تريليونات دولار لإعادة تشكيل صناعة أشباه الموصلات العالمية لتشغيل الذكاء الاصطناعي.
وقالت الكاتبة إن حقيقة أن إحدى الشركات يمكنها طرح هدف تمويلي أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لليابان هي علامة على التركيز المكثف في السوق للذكاء الاصطناعي التوليدي.
جهود متزامنة
تناولت الكاتبة عدداً من التوجهات المرتبطة بالاعتماد على شركات التكنولوجية الكبرى، بقولها:
يخاطر الباحثون والشركات صغيرة ومتوسطة الحجم بالاعتماد القاتل على شركات التكنولوجيا الكبرى مرة أخرى، وإلا فإنها ستخسر أحدث موجة من الابتكار.
تنخرط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في استثمارات هائلة في محاولة لتحقيق تكافؤ الفرص، ولضمان حصول العلماء على قدرات مماثلة لتلك التي يتمتع بها عمالقة وادي السيليكون.
أنشأت حكومة الولايات المتحدة مؤسسة للعلوم الوطنية لأبحاث الذكاء الاصطناعي الشهر الماضي لتتعاون مع 10 وكالات فيدرالية أخرى و25 مجموعة من منظمات المجتمع المدني، لتسهيل البيانات وأجهزة الكمبيوتر التي تمولها الحكومة لمساعدة مجتمع البحث والتعليم على بناء وفهم الذكاء الاصطناعي.
أنشأ الاتحاد الأوروبي شبكة لا مركزية من أجهزة الكمبيوتر العملاقة ذات هدف مماثل في عام 2018، قبل أن تخلق الموجة الأخيرة من الذكاء الاصطناعي التوليدي شعورًا جديدًا بالإلحاح، لكن المبادرة لم يتم استغلالها بالقدر الكافي.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في أواخر العام الماضي: نحن بحاجة إلى استخدام هذه السلطة، ويتصور الاتحاد الأوروبي الآن أن الوصول الديمقراطي إلى أجهزة الكمبيوتر العملاقة يمكن أن يساعد أيضا في إنشاء "مصانع الذكاء الاصطناعي"، حيث تجمع الشركات الصغيرة مواردها لتطوير نماذج جديدة متطورة.
وأشارت الكاتبة إلى أنه خلال الفترات السابقة كانت المطالبات تركز على اعتبار الوصول إلى الإنترنت منفعة عامة، بسبب مدى أهميته للتعليم والتوظيف والحصول على المعلومات، ومع ذلك، لم يتم اعتماد القواعد لتحقيق هذه الغاية قط، ولكن مع إطلاق العنان للحوسبة باعتبارها سلعة مشتركة، تظهر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رغبة حقيقية في الاستثمار في البنية التحتية الرقمية العامة.
تدابير جديدة
وحتى لو تم النظر إلى التدابير الأخيرة باعتبارها سياسة صناعية في سترة جديدة، فإنها جزء من خطوة طال انتظارها لتشكيل السوق الرقمية والتعويض عن القوة الضخمة التي تتمتع بها شركات التكنولوجيا، بحسب الكاتبة التي وصفت الاتجاهات الحكومية الأخيرة بالتوجه نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بأنه "القرار الصحيح" من خلال توسيع الوصول إلى موارد الحوسبة الأساسية، ولكن هذه الاستثمارات ليست سوى المرحلة الأولى ويجب أن تعمل جنبًا إلى جنب مع التدخلات التشريعية والتنظيمية.
وطالبت وكالات مكافحة الاحتكار بأن تضمن عدم نمو أكبر شركات الذكاء الاصطناعي إلى مستويات مستحيلة، ويجب على الأجهزة الأمنية أن تمنع الجهات الفاعلة "الخبيثة" من الوصول إلى الموارد الحسابية الحيوية.
وعلى نحو مماثل، تعمل الاستثمارات العامة في مجال الذكاء الاصطناعي على إكمال السياسات التي تهدف إلى منع احتكارات السوق من التحول إلى احتكارات للمعرفة أيضا، مشيرة إلى أنه "في حين كان الاتحاد الأوروبي ذكيا في تشفير وصول الأكاديميين إلى البيانات في قانون الخدمات الرقمية الذي يحدد مسؤوليات شركات المنصات، فإنه لم يدرج مثل هذه الأحكام صراحة في قانون الذكاء الاصطناعي".
شركات التكنولوجيا الكبرى
كما طالبت مارييتجي شاكي بالأتي:
زيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية العامة - ويجب تحويل أموال الدولة بعيدا عن شركات التكنولوجيا الكبرى، حتى لو كانت لمشاريع ذات وظيفة عامة مستعرضة استثمار حكومة الولايات المتحدة 3.3 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، وهو مبلغ كبير لكنه لا شيء مقارنة بعشرات المليارات التي تستثمرها الصناعة سنويا أو التريليونات التي سعى إليها ألتمان.
ضرورة منع احتكارات الذكاء الاصطناعي الذي يعد جزءًا من مناخ الابتكار الصحي، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل متزايد من أجل فهم عام أفضل للتكنولوجيا.
احتكار
من جانبه، يعتبر خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، أن هناك بعض الشركات الكبرى التي تحتكر بشكل أكبر من غيرها تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل مايكروسوفت وغوغل، وخلال الفترة المقبلة من المتوقع أن يبدأ إيلون ماسك في احتكار الكثير من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويصف في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" الدول التي تمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي بأنها ستكون الأقوى في العالم ولن تقل قوة عن امتلاك الأسلحة الفتاكة. ومع التنامي في استخدامات التقنيات الناتجة عن الـAI يتعين على الدول التركيز على دمج التقنيات في الكثير من نواحي الحياة، كما يتعين على كل دولة تخصيص جزء من الاستثمار الحكومي في الذكاء الاصطناعي حتى ولو بشكل تدريجي، لاسيما وأن الكثير من التقنيات هي في الأساس مفتوحة للتطوير.
لاعبون رئيسيون
وإلى ذلك، يقول خبير التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هناك لاعبين محددين يمتلكون تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والنسبة الأكبر من الشركات المطورة بعد ذلك هم لاعبين ثانويين، مع الحجم الهائل للتطوير والاستثمارات المطلوبة وكذلك امتلاك اللاعبين الأساسيين للبيانات اللازمة لتلك التقنيات حيث تحتاج في الأساس إلى بيانات عملاقة تمثل حجر الأساس في تعلم الآلة الذي هو أساس المعلومات المطلوبة لتدريب الذكاء الاصطناعي.
وتناول مخاطر تحكم الشركات العملاقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي على النحو التالي:
تقييد الابتكار، حيث تتحكم شركات محددة في البيانات وفي أدوات الذكاء الاصطناعي.
التحكم في البيانات الخاصة بالمستخدمين بشكل غير عادل.
تفاقم التفاوت الاجتماعي، إذ تستفيد الشركات المحتكرة بشكل أكبر.
ويُبين أهمية سن القوانين اللازمة لمنع احتكار الـAI في الدول المختلفة إلى جانب الدور المهم الذي قد تلعبه المنظمات الدولية، والتوعية العامة لمنع الاحتكار في هذه التكنولوجيات البازغة، هذا إلى جانب أهمية ضخ الاستثمارات الحكومية وتمويل المشاريع الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي بما يسهم في دخول عدد أكبر من المؤثرين في هذه التقنيات.
وتطرق الناطور إلى ضرورة التركيز على عدم إساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والاستخدامات الضارة مثل التزييف العميق، والأخبار الزائفة وغيرها بما يسبب أزمات اقتصادية واجتماعية وقد تصل إلى أزمات سياسية ودبلوماسية بنشر فيديوهات غير حقيقية وما إلى ذلك.