وكالات - النجاح الإخباري - يوضح الدكتور محمد غالي، أستاذ الدراسات الإسلامية والأخلاقيات الطبية والحيوية في مركز للدراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، الأبعاد المختلفة للذكاء الاصطناعي.
ويعتبر في تصريح لـ«القدس العربي» أن حديث الساعة عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته وآفاقه المستقبلية وفوائده ووعوده بالإضافة إلى تحدياته وأخطاره موضوع ملح ويطرح نفسه بقوة، تقريباً بين أهل الأرض قاطبة. ويرى أنه في مثل هذه السياقات التي تشغل الرأي العام في أرجاء المعمورة، يصعب أحياناً التفرقة بين الحقيقة العلمية والخيال العلمي وبين النقاش الفكري والعلمي وأحاديث اللهو والسمر.
ويشدد على أنه يأتي دور الإعلام الواعي والصحافة الملتزمة بالمعايير المهنية والأخلاقية في زيادة الوعي العام.
ويبين أن الموازنة بين الفوائد والمخاطر يبرز بين جانبين، فهناك من يصور الذكاء الاصطناعي على أنه خير محض، وفي المقابل هناك من يقول بأنه شر خالص. الذكاء الاصطناعي مثل كثير من التقنيات التكنولوجية، ينطوي على مخاطر وفوائد بشكل يتعذر معه أحياناً وضع خط فاصل وواضح بينهما، حتى يكاد ينطبق عليه ما ذكره الإمام الغزالي: «من ضرورة معرفة خير الخيرين وشر الشرين».
والموازنة الدقيقة، بين الفوائد والمخاطر، حسب قوله، هي أكبر المهمات التي ينبغي أن يطلع بها خبراء الأخلاق وصناع السياسات وعلماء الشريعة غيرهم ممن يهتم بالشأن العام.
وحول تعظيم الفوائد، يؤكد أن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي هي جعل حياة الناس أيسر وأسهل، وهو من الأمور المحمودة شرعاً وخلقاً من حيث المبدأ.
ويزيد: «استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض بشكل أدق وأسرع والبحث عن الدواء الأمثل وإجراء الجراحات الدقيقة بشكل ناجح وتقليل أوقات انتظار المرضى في المستشفيات قبل زيارة الطبيب، كلها فوائد تقع بشكل عام ضمن إطار ما استحسنه العقل وحث عليه الشرع».
الجانب الآخر في الذكاء الاصطناعي يتمثل في مخاطر كثيرة، من بينها «خرق خصوصـــيات الأفراد لغرض الحصول على أكبر قـــــــدر ممكن من البيانات الضخمة التي تفيد في تعليم الآلة، واستخلاص نتائج مبنية على قواعـــــد بيانات متحيزة، حيث لم ترد فيها مثلاً بيانات خاصة ببعض الأعراق أو الجنسيات، ثم تعميم هذه النتائج على الجميع، من دون وجه حق».
ويضيف أن «هناك مخاطر خاصة بتقليص أو ربما القضاء تماماً على بعض الوظائف التي يمكن أتمتتها، لذا يمكن للآلة أن تحل محل الموظف البشري والقيام بأعماله بشكل أفضل وبتكلفة أرخص».
ويعتبر أنه لا سبيل للتعامل مع عصر الذكاء الاصطناعي سوى أن نكون من صناع هذا العصر بدلاً من أن نكون من مستهلكيه.
ويوضح «لن تستطيع التعامل مع هذه الفوائد والمخاطر بالطريقة المثلى وبالسرعة المطلوبة إلا إذا كانت لدينا بحوث علمية رصينة حول الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التي يجب أن تكون لها أولوية في مجتــــمعاتنا لــــتلبية احتياجاته وتحقيق مصالحه وبحوث أكاديمية شرعية وأخلاقية ترصد ما يحدث في عالم الذكاء الاصطناعي وتحلل أخطاره وفوائــــده من منظور شرعي وأخلاقي».