نابلس - النجاح الإخباري - خلصت دراسة جديدة، إلى أن أن نقص مادة التورين - وهي مادة مغذية ينتجها الجسم وتوجد في العديد من الأطعمة، تؤدي دورا توجيهيا في الشيخوخة لدى الحيوانات.
وبينت الدراسة أن مكملات التورين يمكن أن تبطئ عملية الشيخوخة في الديدان والفئران والقرود ويمكن أن تطيل العمر الصحي للفئران في منتصف العمر بنسبة تصل إلى 12%. وفق(سبوتنيك).
وقال قائد الدراسة، فيجاي ياداف، أستاذ مساعد في علم الوراثة والتنمية في كلية الطب والجراحة بجامعة كولومبيا: "على مدار الـ 25 عاما الماضية، كان العلماء يحاولون إيجاد عوامل لا تسمح لنا بالعيش لفترة أطول فحسب، بل تزيد أيضا من العمر الصحي، وهو الوقت الذي نبقى فيه بصحة جيدة في شيخوختنا".
على مدى العقدين الماضيين، تكثفت الجهود المبذولة لتحديد التدخلات التي تحسن الصحة في سن الشيخوخة حيث يعيش الناس لفترة أطول، وتبيّن للعلماء أنه يمكن التلاعب بعملية الشيخوخة. ووجدت العديد من الدراسات أن الجزيئات المختلفة التي تنتقل عبر مجرى الدم، مرتبطة بالشيخوخة، لكن العلماء غير متأكدين مما إذا كانت هذه الجزيئات توجه بنشاط عملية الشيخوخة أم لا. فإذا كان جزيء ما محرك للشيخوخة، فإن استعادة مستوياته الشبابية من شأنها أن تؤخر الشيخوخة وتزيد السنوات التي نقضيها في صحة جيدة.
واهتم البروفيسور ياداف بالتورين، لأول مرة، خلال بحثه السابق في هشاشة العظام وكشف عن دور التورين في بناء العظام. في الوقت نفسه تقريباً، وجد باحثون آخرون أن مستويات التورين مرتبطة بوظيفة المناعة والسمنة ووظائف الجهاز العصبي.
و أضاف ياداف: "لقد أدركنا أنه إذا كان التورين ينظم كل هذه العمليات التي تنخفض مع تقدم العمر، فربما تؤثر مستويات التورين في مجرى الدم على الصحة العامة والعمر الافتراضي".
وبحسب الدراسة المنشورة في المجلة العلمية: "ينخفض التورين مع تقدم العمر، وتزيد المكملات من عمر الفئران".
نظر فريق ياداف في مستويات التورين في مجرى الدم لدى الفئران والقرود والبشر، ووجدوا أن كثرة التورين تنخفض بشكل كبير مع تقدم العمر لدى البشر، كانت مستويات التورين لدى الأفراد البالغين من العمر 60 عاماً حوالي ثلث تلك الموجودة في الأطفال في سن الخامسة فقط. يقول ياداف: "من هنا، بدأنا نسأل عما إذا كان نقص التورين هو الدافع وراء عملية الشيخوخة، وقمنا بإجراء تجربة كبيرة على الفئران".
وبدأ الباحثون بالتجارب على ما يقرب من 250 من الفئران الإناث والذكور من الفئران البالغة من العمر 14 شهراً (حوالي 45 عاماً مقارنة بالبشر)، وكانوا يعطون في كل يوم، نصف الفئران جرعة من التورين أو محلول تحكم.
في نهاية التجربة، وجد ياداف وفريقه أن التورين زاد متوسط العمر الافتراضي بنسبة 12% لدى إناث الفئران و10% لدى الذكور. بالنسبة للفئران، كان هذا يعني ثلاثة إلى أربعة أشهر إضافية، أي ما يعادل نحو سبع أو ثماني سنوات بالنسبة للبشر. ولمعرفة كيفية تأثير التورين على الصحة، أحضر ياداف باحثين آخرين مسننين قاموا بالتحقيق في تأثير مكملات التورين على الصحة والعمر في العديد من الأنواع.
قام الخبراء بقياس مختلف المعايير الصحية المختلفة لدى الفئران، ووجدوا أنه في سن الثانية (60 عاماً بالنسبة للإنسان)، كانت الحيوانات التي أعطيت مكملات التورين لمدة عام واحد، أكثر صحة من جميع النواحي تقريباً من نظيراتها غير المعالجة. وجد الباحثون أن التورين يمنع زيادة الوزن المرتبطة بالعمر عند إناث الفئران، وزيادة إنفاق الطاقة، وزيادة كتلة العظام، وحسّن قدرة العضلات على التحمل والقوة، وقلّل السلوكيات الشبيهة بالاكتئاب والقلق، وقلّل مقاومة الأنسولين، وعزّز نظام المناعة، من بين فوائد أخرى.
يقول ياداف: "لم نجد فقط أن الحيوانات تعيش لفترة أطول، بل وجدنا أيضًا أنها تعيش حياة أكثر صحة". ولوحظت آثار صحية مماثلة لمكملات التورين في قرود الريسوس في منتصف العمر، والتي تم إعطاؤها مكملات تورين يومية لمدة ستة أشهر. ومنع التورين زيادة الوزن، وقلل من الجلوكوز في سكر الدم وعلامات تلف الكبد، وزاد من كثافة العظام في العمود الفقري والساقين، وحسّن صحة أجهزة المناعة لديهم.
كما تبيّن أن التورين عمل على تحسين العديد من الوظائف التي تنخفض مع تقدم العمر، وقلل من عدد الخلايا القديمة التي يجب أن تموت والتي تطلق مواد ضارة، كما عمل على زيادة عدد الخلايا الجذعية الموجودة في بعض الأنسجة، التي تساعد على الشفاء بعد الإصابة.
ولا يعرف الباحثون حتى الآن ما إذا كانت مكملات التورين ستحسن الصحة أو تزيد من طول العمر لدى البشر، لكن تجربتين تم إجراؤهما تشير إلى أن التورين لديه إمكانات.
في البداية، نظر ياداف وفريقه في العلاقة بين مستويات التورين وحوالي 50 معيارا صحيا في 12000 بالغ أوروبي تتراوح أعمارهم بين 60 عاما وأكثر. بشكل عام، كان الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من التورين أكثر صحة، مع عدد أقل من حالات مرض السكري من النوع 2، وانخفاض مستويات السمنة، وانخفاض ضغط الدم المرتفع، وانخفاض مستويات الالتهاب.
وأفاد ياداف:"هذه ارتباطات لا تثبت السببية، لكن النتائج تتفق مع احتمال أن يسهم نقص التورين في شيخوخة الإنسان".
واختبرت الدراسة الثانية ما إذا كانت مستويات التورين ستستجيب للتمارين الرياضية المعروفة بتحسين الصحة، وقام الباحثون بقياس مستويات التورين قبل وبعد انتهاء مجموعة متنوعة من الرياضيين الذكور من تمرين شاق لركوب الدراجات، حيث وجدوا زيادة كبيرة في التورين بين جميع مجموعات الرياضيين (العدائين وعدائين التحمل وكمال الأجسام الطبيعيين) والأفراد المستقرين.
وقال ياداف:"بغض النظر عن الشخص، فقد زادت مستويات التورين لدى الجميع بعد التمرين، مما يشير إلى أن بعض الفوائد الصحية للتمرين قد تأتي من زيادة التورين"، وأضاف أنه "رغم كل هذه المؤشرات، تبقى التجربة السريرية على البشر الوسيلة الوحيدة التي ستحدد ما إذا كان التورين له فوائد صحية حقاً".
وأشار إلى أن "التورين له بعض المزايا فهو ينتج بشكل طبيعي في أجسامنا، ويمكن الحصول عليه بشكل طبيعي من النظام الغذائي، وليس له آثار سامة معروفة، ويمكن تعزيزه عن طريق ممارسة الرياضة".