نابلس - النجاح الإخباري - في عالم مليء بالتحدي والاستقطاب والجدل، يعد التفكير الحكيم مهارة بالغة الأهمية. يمكن أن يوفر وجهة نظر وتهدئة للأعصاب خلال الأوقات الصعبة، ويمكن أن يمنح إلهامًا برؤى وأحكام جيدة عندما تشتد الأمور، بحسب ما جاء في مقال لأستاذة علم الاجتماع الكندية البروفيسورة تريسي بروير، الذي نشره موقع "فوربس" Forbes.
تقول البروفيسورة بروير، مؤلفة كتاب "أسرار السعادة في العمل"، إنه في خضم الكم الهائل من المعلومات، فمن المحتمل أن يجد المرء نفسه وكأنه يبحث عن إبرة البصيرة في كومة قش المعلومات، لكن كومة القش تزداد حجمًا، مصداقًا للقول الشائع بأن الإنسان "يغرق في المعلومات بينما هو يتعطش للحكمة".
إن الخبر السار هو أنه يمكن زيادة الحكمة، وخلافًا للاعتقاد السائد، فإنه لا تقتصر على كبار السن فقط. إنها سمة يمكن تعلمها وتنميتها. يمكن أن تساعد الحكمة في الحياة الشخصية عندما يحتاج الشخص إلى طوق نجاة. ويمكن أن تساعد على تجنب الإرهاق عندما يرغب المرء في الشعور بمزيد من التحكم والسيطرة، فضلًا عن أنها يمكن أن تساعد في اتخاذ قرارات أكثر إلهامًا.
احتضن العلم والفلسفة خمسة عناصر للحكمة، وتطويرها سيجعل الشخص حكيماً (أو أكثر حكمة)، بغض النظر عن عمره، كما يلي:
1- معرفة الحدود والإمكانيات
إن أحد العناصر الأولى للحكمة هو التعرف على حدود المعرفة وتذكير النفس بأن لا أحد يملك كل الإجابات. بحكم التعريف، فإن وجهة نظر الشخص تكون محدودة بخبرته الخاصة ووجهات نظره. وما قد يبدو حقيقة واضحة بالنسبة للشخص، يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا بالنسبة للآخرين. إن القدرة على وضع التواضع الفكري موضع التنفيذ هي المقياس الحقيقي للحكمة.
توجد الحكمة أيضًا في الاستعداد للاعتراف بالأخطاء وتغيير وجهات النظر عندما يكون هناك معلومات جديدة. يتخذ البشر تحيزًا معرفيًا للوجه بشكل متكرر وتشير مغالطة التكلفة الغارقة إلى أن البعض يميلون إلى أن يكونوا أكثر التزامًا بمسار عمل أو معتقد إذا استثمروا الكثير من الوقت أو الطاقة فيه. وبالمثل، يعني التحيز التأكيدي أن الأشخاص يميلون إلى ضبط المعلومات بسهولة أكبر عندما تتماشى مع ما يؤمنون به بالفعل.
وينبغي أن يكون المرء على دراية بهذه التحيزات والبحث عن الأشياء التي تفاجئه، مما يتيح له معرفة أنه ربما تعرض للانحياز.
2- الإلمام بالسياقات المتنوعة
إن هناك طريقة أخرى لتنمية الحكمة وهي التفكير في سياقات متعددة وكيف تتطور وتتغير بمرور الوقت. إن اتخاذ القرارات من خلال النظر في الوضع الحالي ودرجة الحرارة والظروف أمر جيد. لكن توسيع وجهة النظر أفضل. يجب أن يضع المرء في اعتباره كيف سيتم النظر إلى قراره في المواقف الأخرى، وكيف سيؤثر على الناس بمرور الوقت.
تُظهر الأبحاث متى يمكن وضع القرار في سياق نافذة مدتها خمس أو عشر سنوات، بدلاً من نظرة فورية، لأنه عندئذ سيميل الشخص إلى التفكير بشكل أكثر إبداعًا لأنه لا يتعرض لضغط الوقت الذي يعرق تسلسل أفكاره. يمكن أن يضع الشخص نفسه في المستقبل وأن ينظر للخلف من وجهة النظر تلك، مع تخيل المثالية والتفكير في الإجراء أو القرار الذي ربما يؤدي إلى تلك النقطة الأكثر كمالًا. تعد القدرة على التخيل هي الخطوة الأولى في بناء مستقبل أفضل، ويمكن أن تحفز على اتخاذ قرارات حكيمة.
من الأفضل أن يوضع في الاعتبار أيضًا الآثار المترتبة على أي خيار، أي كيف يمكن أن تؤثر الأفعال في هذا المشروع على قسم آخر أو مشروع مستقبلي؟ أو كيف يمكن أن تؤثر الاختيارات بشأن سياسة أو ممارسة في المجتمع على المجتمعات الأخرى في المنطقة. إن التفكير بمنظور أوسع هو سمة أساسية للحكمة.
3- الاعتراف بوجهات نظر الآخرين
يرتبط الاعتراف بحدود معرفة الشخص ارتباطًا وثيقًا بالاعتراف بوجهات نظر الآخرين وتقديرها. اكتشف دراسة جديدة، أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، أن الاعتراف بوجهات نظر الآخرين ربما يكون صعبًا، حيث أن منطقة معينة من الدماغ تقوم بمعالجة المعلومات الواردة، ويمكن عندما يعبر الآخرون عن آراء مختلفة، أن يفسرها الدماغ على أنها تهديد لواقع الشخص بما يثير الغضب أو الخوف. كما يتخذ الدماغ طرقًا مختصرة وربما يتجاهل المعلومات، التي يصعب عليه استيعابها أو يرفضها، مما يمكن أن يجعل من الصعب رؤية وقبول وجهات نظر الآخرين.
إن المعنى الضمني هو أن الحكمة تتطلب القصد أو السعي لفهم الآخرين وتقدير الآراء المختلفة. يمكن للجدل أن يكون وسيلة للتعلم عندما يكون مصحوبًا بالاستماع ورغبة حقيقية في التعلم من وجهات نظر الآخرين. وستكون التسوية هي الوقود للمضي قدمًا. إنها إظهار الحكمة التي تأخذ وجهات نظر متعددة من أجل إيجاد أفضل مسار للعمل.
4- صيغة الغائب
يمكن أن يكون منظور المسافة مفيدًا بشكل خاص في تعزيز الحكمة. توصلت أبحاث المحاكاة، التي أجرتها جامعة واترلو، إلى أنه عندما يفكر الأشخاص في أنفسهم بصيغة الغائب، فإنهم يميلون إلى اتخاذ خيارات أكثر حكمة، إذ تساعدهم صيغة الشخص الغائب على التفكير بموضوعية أكبر والتخلص من إحساسهم بالتخصيص الذي أدى إلى حجب الحكم.
وتكمن الرسالة النهائية في أنه عندما يفكر الشخص لاتخاذ قرار صعب، يجب أن يحصل على بعض المنظور وأن يفكر في نفسه بطريقة أقل عاطفية وأكثر بعدًا وعقلانية، أي يستعرض ماذا سيفعل على المدى الطويل؟ أو ماذا سيفعل شخص آخر؟ وعندما ينظر إلى هذا القرار لاحقًا، ماذا يمكن أن يكون رأيه فيه؟ لأن مثل هذه الأنواع من الأسئلة يمكن أن تساعد على اكتساب منظور وأن تكون أكثر حكمة.
5- الثقة بحدسك
كما توصلت الدراسة، التي أجريت في جامعة واترلو، إلى أنه عندما يقوم الأشخاص بضبط معدلات ضربات القلب عن كثب، فإنهم يميلون إلى اتخاذ قرارات أفضل. يمكن أن يعتقد البعض أن الحكمة ترتبط بالعقل فقط، ولكن يمكن أن تتداخل معه عناصر مثل الشعور والعاطفة والحدس أيضًا.
ينبغي أن يتحقق الشخص من ردود أفعاله تجاه الموقف وأن يثق بحدسه. وأن يقوم بتقييم الأمور بعقلانية ثم يمزجها بجرعة من الحدس والعاطفة. عندما يهتم الشخص بردود أفعاله، يمكن أن يوفر الوعي رؤى حول قيمه وشغفه، مما يمهد الطريق لاتخاذ قرارات أكثر حكمة