أكرم الصوراني - النجاح الإخباري - يقول مسافرٌ في الباص .. لا شيءَ يُعْجبُني
لا التنسيق ولا رائحة العرق ولا الانتظار ولا الزحمة على حاجز قلنديا وصالة أبو يوسف النجار . أُريد أن أبكي
يقول السائقُ : انتظرِ الوصولَ إلى المعبر وابْكِ وحدك ما استطعت .
تقول سيّدةٌ : أَنا أَيضاً . أنا لا شيءَ يُعْجبُني . لا الحسوكه بعد منتصف الليل ولا ابني الذي لم يشرب الحليب ولا اللعبة التي لم يلعبها أعْجَبَهُ الموت ونامَ في الثلاجه ولم يُوَدِّعْني .
يقول الجامعيُّ : ولا أَنا لا شيءَ يعجبني . لا شهادة التخرج ولا شحادة الرصيف .
يقول الرصيف : ولا أنا لا شيء يعجبني لا الشارع ولا طخ الشعارات ولا الجنازات ولا طخ المسيرات وطفح الذل وطفح المجاري .
أَجِد الهُوِيَّةَ وحدها لا زالت تعجبني في طابور الكوبونه . هل أنا حقاً أَنا أم محض طحين وسمنه وعلبة سردين ؟
ويقول جنديٌّ : أَنا أَيضاً . أَنا لا شيءَ يُعْجبُني . أقبض على الناس ولا أقبض قوتي شَبَح الراتب يُحاصِرُني .
يقولُ السائقُ العصبيُّ : يلعن أبو الشيكل . يقول الركاب : يلعن أبوه ...
يصرخون : نريدُ ما بَعْدَ الموت .. فانطلق واخبط رأسنا بالحائط !
أمَّا أنا فأقول : أنْزِلْني هنا . أنا مثلهم لا شيء يعجبني . لا الحياة تعجبني ولا الموت يعجبني ولكني تعبتُ من الأمل .. فانزلولنا تحت الأرض واحكموا المقبرة .
أكرم الصوراني مع الاعتذار من محمود درويش