نابلس - النجاح الإخباري - يتوسع نشاط المنظمات اليهودية اليمينية والجمعيات الاستيطانية، في فلسطين التاريخية بالسنوات الأخيرة، خصوصا عقب هيمنة اليمين الصهيوني على مقاليد الحكم والمشهد السياسي الإسرائيلي.
ويسعى اليمين الصهيوني عبر هذه المنظمات لإحكام السيطرة على قطاعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي، إذ بات خطابه هو السائد في الوسط السياسي الإسرائيلي.
ولذلك يصعب فصل الأنشطة اليمينية العنصرية والاعتداءات والتحريض الدموي على الفلسطينيين التي تقودها المنظمتان العنصريتان اليهوديتان "لاهافا" و"لافاميليا" وجمعيات استيطانية أخرى، عن الأجندة والسياسات الإستراتيجية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي تعتمد في تركيبتها على أحزاب معسكر اليمين التقليدي وغلاة المستوطنين.
في محاولة من إسرائيل للالتفاف على الانتقادات الدولية وتنفيس الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية في ظل تمادي المنظمات وعصابات المستوطنين في تنفيذ الاعتداءات على الفلسطينيين بالضفة الغربية، وجرائم الكراهية والعنصرية التي تجلت في "مسيرة الأعلام" بالقدس المحتلة، أوصى وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس بتصنيف منظمتي "لاهافا" و"لافاميليا"، كمنظمتين إرهابيتين وإخراجهما عن القانون.
وتأتي الإجراءات التي أوصى بها غانتس للترويج للرواية الإسرائيلية بأن "جرائم الكراهية والعنصرية اليهودية تنفذ من قبل "مجموعات صغيرة" ولا تمثل الشعب اليهودي"، وذلك في محاولة لـ"تجميل صورة إسرائيل"، في ظل جرائم عصابات المستوطنين ودورها بالانتهاكات الجسدية ضد الفلسطينيين.
كما تسعى إسرائيل الرسمية إلى استباق تداعيات الانتقادات التي وجهها الاتحاد الأوروبي للشعارات العنصرية اليهودية وخطاب الكراهية ضد الفلسطينيين الذي كان سائدا خلال "مسيرة الأعلام" الاستفزازية، وتصاعد أعمال العنف للمنظمات اليمينية واعتداءات وجرائم عصابات "تدفيع الثمن" بالضفة الغربية المحتلة.
لاهافا.. تفوق العرق اليهودي
تعتبر منظمة "لاهافا" اليمينية المتطرفة التي أسسها الحاخام بن تسوين غوفشتاين، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2009، أحد أبرز المنظمات الصهيونية اليمينية التي تعمل وفقا لأجندات استيطانية قومية متطرفة وعنصرية ضد الفلسطينيين.
وتعني "لاهافا" في اللغة العربية "اللهب"، وهي الحروف الأولى باللغة العبرية من كلمات "لمنع الانصهار في الأرض المقدسة"، إذ توحي هذه العبارة إلى توجه وعقيدة المنظمة بالعداء للفلسطينيين والعرب وتفضيل العرق اليهودي، والحفاظ على نقاوة العرق اليهودي، عبر محاربة "الزواج المختلط"، وتحديدا زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود، إلى جانب مكافحة ورفض انصهار "الغيار-غير اليهودي" في حياة اليهود.
ويستدل من إحصاءات لجنة النهوض بمكانة المرأة في الكنيست التي ناقشت ظاهرة "الزواج المختلط" في إسرائيل، أن البيانات أظهرت وجود أكثر من 93 ألف عائلة في إسرائيل أحد الزوجين فيها ليس يهوديا.
وبرز نشاط منظمة "لاهافا" التي تتبنى وترفع خطاب العنصرية والكراهية، شعارا وعملا، ضد العرب والفلسطينيين وتنفيذ الاعتداءات الجسدية والتحريض الدموي عليهم، وبالذات في القدس المحتلة، في الدعوات إلى بناء "الهيكل" المزعوم مكان قبة الصخرة.
كما أنها المحرك الأساس لدعوة المستوطنين ونشطاء اليمين الإسرائيلي المتطرف لاقتحام جماعي للأقصى وإقامة الطقوس والشعائر التلمودية في ساحات الحرم، خاصة في فترة الأعياد اليهودية.
وتشجع المنظمة مبدأ "العمل العبري"، فوفقا لرئيس منظمة "لاهافا"، فإن نشطاء وأعضاء المنظمة يعملون على تكثيف وممارسة الضغوطات على أصحاب المحال التجارية والمصانع التي تشغل يهودا وعربا، ما أجل طرد العمال العرب، كون هذه الأماكن تزيد من إمكانية الأنصار والاختلاط.
وتدأب "لاهافا" على تنظيم مسيرات استفزازية في البلدات الفلسطينية، والمبادرة إلى حملات تحريضية ضد الفلسطينيين، وبث خطاب العنصرية والكراهية والشعارات الداعية إلى قتل العرب والفلسطينيين، وذلك في ظل غياب الردع من قبل سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية، الأمر الذي يحفز المنظمة على مواصلة جرائمها، والتمادي في اعتداءاتها وزيادة التطرف في خطابها التحريضي الدموي.
لافاميليا.. إرهاب بغطاء رياضي
على خطة "لاهافا" انطلقت في القدس منظمة "لافاميليا" التي تأسست عام 2005، كرابطة لمشجعي فريق "بيتار اورشاليم" لكرة القدم، وتأتي استمرارا للمنظمة اليهودية "غوف هأريوت" التي تعني بالعربية "عرين الأسد"، واعترفت بها كجسم رسمي من قبل إدارة نادي "بيتار القدس" عام 2006.
وتعني "لافاميليا" في اللغتين الإسبانية والإيطالية، "العائلة"، وتم اختيار الاسم من قبل جمهور "بيتار اورشاليم"، تيمنا بأفلام المافيا الإيطالية، إذ تعتبر المنظمة نفسها المحافظ على قيم "العائلة اليهودية"، النقية، والمتفوقة والمغلقة والعنصرية، كما عرفتها الحركة الصهيونية في مقابل الآخر الفلسطيني.
ويطغي على سلوك وخطاب منظمة "لافاميليا" العنصرية والكراهية والعداء للفلسطينيين، إذ يتم من خلال الترويج على أنها "رابطة مشجعين" لفريق كرة قدم التضليل على حقيقة وجوهر وعقلية ونشاط أعضاء هذه المنظمة.
ويشتهر أعضاء "لافاميليا" بالعنصرية ضد كل ما هو "غير يهودي"، وبالشعارات المسيئة للفلسطينيين، والهتافات المعادية للإسلام والنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وكذلك بالمسيرات التي تتميز بعمليات تخريب وإرهاب واعتداءات على العرب وممتلكاتهم.
دعم جماهيري وسياسي
يرفض أعضاء "لافاميليا" وجود أي لاعب من فلسطينيي 48 ضمن فريقهم "بيتار اورشاليم"، ويعارضون أي تعاون أو تشبيك أو توأمة مع ما هو "غير يهودي"، كما أنهم يهاجمون بعنف شديد الفرق اليهودية الأخرى التي تضم في تشكيلتها لاعبين عربا.
وتتضمن القاعدة الجماهيرية لهذه المنظمة يهودا من كافة القطاعات، بما في ذلك ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من خطاب العنصرية والكراهية والسلوك العنيف وعمليات الإرهاب والتخريب التي تطال كل ما هو عربي، فإن فريق "بيتار اورشاليم" وإدارته لا يسعون لإدانة منظمة "لافاميليا"، وهذا ما ينطبق أيضا على المستوى السياسي الإسرائيلي وقادة بعض أحزاب اليمين الذين يرون في المنظمة تعبيرا حقيقيا عن اليمين الصهيوني، بكل ما يحمله من قيم وتوجهات ومضامين خطابية.
وفي ظل غياب الرادع القانوني والدعم من المستوى السياسي والقاعدة الجماهيرية، يشعر أعضاء هذه المنظمة بالأمان والحماية، ويتمادون في العنصرية وخطاب الكراهية والاعتداءات الإرهابية، إذ تنشط المنظمة برعاية القانون الإسرائيلي وبدعم خفي من القيادات الإسرائيلية اليمينية التي تبدي إعجابها بمنظمة "لافاميليا" وأعضائها.
نقلا عن: الجزيرة