النجاح الإخباري - قال المؤرخ اليهودي يعقوب رابكين، إن المجتمع الدولي يتجاهل هجمات إسرائيل التي تستهدف الفلسطينيين وذلك بالاكتفاء بالتأكيد على "حق تل أبيب في الدفاع عن النفس" في حين أنها "مجرم يلعب دور الضحية".
وأضاف رابكين، وهو أستاذ التاريخ في جامعة مونتريال بكندا، خلال تعليقه على أسباب التوتر المتزايد والهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، خاصة في القدس وغزة، أن على إسرائيل أن تتوقف عن التفكير بأنها ضحية، ومواجهة حقيقة ملفها الجنائي.
وذكر أن المشكلة بين إسرائيل وفلسطين ليست وضعاً جديداً وأن هناك هجمات مماثلة وقعت قبل سنوات عديدة، مشددًا على ضرورة الانتباه إلى عدم وجود توازن في القوة بين الفلسطينيين والقدرات العسكرية الإسرائيلية.
وقال رابكين، الذي تُرجم أحد كتبه إلى اللغة التركية بعنوان "اليهودية في معاداة الصهيونية"، إن التوتر المتصاعد الأخير هو تكرار للعديد من الأحداث المؤلمة في التاريخ الإسرائيلي الفلسطيني، حيث استمر منذ عقود قمع إسرائيل وتضييقها على الفلسطينيين النازحين من الأراضي المحتلة ما بين 1947-1949.
وتابع: "إن الأحداث التي بدأت قبل نحو 20 عاما عندما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى المسجد الأقصى، تسببت بشكل استفزازي في اندلاع الانتفاضة الثانية، وعليه نستطيع الاستدلال بوضوح على أن إسرائيل هي الطرف الذي يؤجج النار ويخلق التوتر مع الفلسطينيين".
وعن التجاذبات السياسة داخل إسرائيل والهجمات الراهنة، قال: "لا أعرف لماذا أصدر رئيس الوزراء نتنياهو أمراً بالهجوم على غزة، لكني أعرف أن هذا الوضع لا يؤذيه، بل على العكس من ذلك فهو يستفيد من الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي، ومثل هذه الأعمال العدائية تزيد من الاستقطاب الذي نراه في شوارع إسرائيل اليوم".
وشدد على أنه من الخطأ الفادح وصف ما حدث بين إسرائيل وفلسطين بأنه "صراع"، وأوضح: "لا يمكننا استخدام مصطلح الصراع فيما يتعلق بالوضع الحالي، لأننا نتحدث بشكل أساسي عن سكان مدنيين يواجهون واحدة من أكثر الآليات العسكرية تطوراً في المنطقة، بالطبع، تحدث مثل هذه النتائج (عدد الضحايا الكبير بصفوف الفلسطينيين) عندما يكون هناك مثل هذا التفاوت في توازن القوة".
وفي تقييمه لمعرفة ما إذا كانت هجمات إسرائيل على المدنيين تشكل جرائم حرب، قال رابكين: "أنا لست خبيراً في القانون الدولي، لكن يمكنني أن أقول التالي: هناك آلة عسكرية متطورة للغاية تهاجم المدنيين، أعتقد أن هذه الأفعال يمكن أن تعتبر جرائم حرب".
واستدرك: "لكنني لست محامياً للتحدث عن توصيف قانوني يتعلق في وصف الأعمال الإسرائيلية على أنها عنصرية أو ترقى لمستوى جرائم حرب، المهم هنا هو ما وراء كل هذا، عندما يكون هناك مثل هذا التوزيع غير المتكافئ للقوة بين الجانبين، لا يمكنك التحدث عن صراع، بل عن طرف يهاجم آخر".
وذكر رابكين أن الدعم الذي تقدمه الإدارة الأمريكية لإسرائيل لا علاقة له بإدارة جو بايدن، وأن جميع الإدارات الأمريكية حتى الآن دعمت إسرائيل بالفعل، مشيرًا أنه من الضروري النظر إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من هذا الجانب.
وأكد أن الولايات المتحدة خصصت مساحة كبيرة من سياساتها الخارجية لجعل إسرائيل "بلد يمتلك حصانة تجاه أفعاله"، والدفاع عنها وتزويدها بالمساعدات العسكرية والاقتصادية ودعم المؤسسات والآليات الدولية.
وأوضح رابكين أن هناك إجماع لم يتم الحديث عنه في المجتمع الدولي، وهو إفلات إسرائيل من العقاب على ما ترتكبه من جرائم، وقال: "ما تفعله إسرائيل في الواقع لا يختلف كثيرًا عما تفعله الولايات المتحدة في أجزاء مختلفة من العالم، لذلك لا ألوم بايدن أو إدارته، فهم يواصلون السير على خطى الإدارات السابقة".
ولفت إلى أن المؤسسات والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة غير فعالة تجاه إيجاد حلول حقيقية للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، وأن الأمم المتحدة تتعامل مع حل الدولتين فقط من منظور "سياسي إشكالي".
وزاد: "إن ضمان حقوق الإنسان للجميع وخاصة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة، يجب أن يكون القضية الرئيسية للمجتمع الدولي الذي يجب أن يركز على حقوق الإنسان وحقوق الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي".
ولفت رابكين إلى ضرورة وقف "حمام الدم" في المنطقة، مؤكّدًا أنه في هذه المرحلة تتحمل إسرائيل وهي "الجانب القوي"، مسؤولية أكبر في تخفيف التوتر وحماية الهدوء والاستقرار.
كما ذكر أن الخطاب الإسرائيلي الموجه ضد الفلسطينيين يحض على العنف، مشيرًا أنه يجب أن يكون للفلسطينيين حق الدفاع عن النفس، لكنهم ليس لديهم حاليا وسائل كافية لذلك.
وختم بالقول: "الآن على الجانب القوي أن يفعل شيئًا هنا، سنقول إن للفلسطينيين أيضًا الحق في الدفاع عن أنفسهم، لكنني لا أعتقد أن هذا سيفيد أحداً، إسرائيل مُلزمة بالامتثال للمعايير الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرتها".