النجاح الإخباري - شكّل المستشار القضائي لحكومة الاحتلال الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بشكل سري فريقا من كبار خبراء القانون بهدف التباحث في الملفات الجنائية ضد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وذلك في موازاة المداولات حول الموضوع في النيابة العامة ولكن من دون علم وزارة القضاء، وفق ما كشفت صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء.
وعقد مندلبليت اللقاءات مع طاقم الخبراء السري، التي سُجلت في جدول مواعيده بأنها "لقاء مع أكاديميين"، العام الماضي وقبل مدة قصيرة من إعلانه عن عزمه تقديم نتنياهو إلى المحاكمة بعد جلسة استماع. عُقدت اللقاءات خارج مكتب المستشار القضائي، وطولب المشاركون فيها بالحفاظ على السرية وعدم توثيق المداولات. وقال أحد أفراد الفريق أنه "تم تحذيرنا فعليا".
وقال أعضاء في فريق الخبراء إن سرية المداولات كانت مستوجبة لأن مندلبليت أبلغ الفريق بقراره الآخذ بالتبلور حول ملفات نتنياهو قبل أن يعلنه على الملأ. فيما قال مصدر قريب من المستشار إن اللقاء عُقد قبل عشرة أيام من قرار مندلبليت بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، لكنه لم يكن حينها قد اتخذ هذا القرار.
ونصح الخبير القانوني، بروفيسور يديديا شطيرن، مندلبليت بتشكيل فريق خبراء "مدني"، وانضم إليه البروفيسورات يوفال إلباشان، روت غابيزون، ميني ماوتنير، يوفال شاني ورون شبيرا. وقال أحد هؤلاء الخبراء إنه "هاتفني خبير قانوني وقال إن مندلبليت يواجه نوعا من الضائقة، وهو يعتزم التوجه نحو تقديم لائحة اتهام، لكنه لا يعتمد بشكل كاف على طاقمه (النيابة العامة) في المسائل الكبرى. ورأيت بأن مساعدته هي رسالة وطنية".
وشارك شبيرا في لقاء واحد فقط، لأن زوجته مثّلت نتنياهو في الماضي، وانتقد تشكيل الفريق. وامتنع المحامي حاييم زيخرمان عن المشاركة في المداولات، بعد دعوته إليها، وأبلغ مسبقا أنه يقدم استشارة لنتنياهو.
وقال أحد أعضاء الفريق إن "مندلبليت كان حذرا جدا معنا. ولم نتسلم أي مواد خطية، وكل شيء جرى شفهيا. وقد ألقى أسئلة تعالت من الملفات، وطرح أحيانا الآراء المختلفة في الطواقم الرسمية في وزارة القضاء. والقضايا التي ناقشناها كانت مبدئية. فلم يكن أيا منا خبير في القانون الجنائي وهو يعلم ذلك. وفهمنا منه أنه بحاجة إلى استشارة في قضايا تعالت من ملفات نتنياهو، ولوجهة نظر قال إنه لم يجدها في وزارة القضاء".
وبين الأسئلة التي طرحها مندلبليت على فريق الخبراء، سؤالا متعلق بالملف 4000، الذي في مركزه طلب نتنياهو وعائلته بتغطية إعلامية داعمة له في موقع "واللا" الإلكتروني، وما إذا كانت تغطية كهذه تنطوي على رشوة. يشار إلى أن ناشر "واللا"، شاؤل ألوفيتش، حصل على تسهيلات في وزارة الاتصالات، التي تولاها نتنياهو، وحققت لألوفيتش أرباحا بمئات ملايين الشواقل، حسب لائحة الاتهام.
وسؤال آخر طرحه مندلبليت على فريق الخبراء يتعلق بالملف 2000، حول المحادثات بين نتنياهو وناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وتغطية داعمة لنتنياهو مقابل سعي الأخير إلى منع توزيع صحيفة "يسرائيل هيوم" مجانا. ودار نقاش كبير في النيابة العامة حول ما إذا ينبغي اتهام نتنياهو بالرشوة. وبعد معارضة نائب المدعي العام، راز نيزري، توجيه هذه التهمة، تقرر توجيه تهمة خيانة الأمانة لنتنياهو، وكان هذا رأي الخبراء ايضا.
ورفض مندلبليت رأي فريق الخبراء، الذين أيدوا الموافقة على طلب نتنياهو بتجنيد المال لمصاريف محاكمته من قريبه، نتان ميلكوفسكي. وشعر أعضاء في فريق الخبراء أنه نشأ معسكران داخل الفريق. شطيرن وشاني أيدوا خطا متشددا ضد نتنياهو، رغم تأييدهما لحصول نتنياهو على تمويل من قريبه، فيما إلباشان وغابيزون طرحا موقفا محافظا أكثر، بينما كانت مواقف ماوتنر تميل إلى أحد المعسكرين تارة وإلى الآخر تارة أخرى.
وكان توقيت الإعلان عن تقديم لائحة الاتهام، قبل الانتخابات أو بعدها، إحدى المسائل التي تردد مندلبليت فيها، تحسبا من التأثير على نتائج الانتخابات. وقال ماوتنير وشطيرن وشاني للمستشار إنه بعد أن اتخذ قراره عليه الإعلان عنه من دون التطرق إلى التبعات السياسية، وأن "اعتبارات التوقيت هذه لا نهائية". وفي المقابل حذر إلباشان وغابيزون المستشار من أن الإعلان عن قراره سيعتبر تدخلا سافرا في الانتخابات، وأن فوز نتنياهو من شأنه أن يقوض الثقة بلوائح الاتهام وبمكانة جهاز إنفاذ القانون.
ويشار إلى أن أعضاء فريق الخبراء السري صرحوا بمواقفهم لوسائل الإعلام في تلك الفترة. وفي المقابل، دعا نتنياهو عددا من الخبراء القانونيين والمحامين البارزين إلى مشاورات. ووفقا للصحيفة، فإن الانطباع لديهم أن نتنياهو حاول تجنيدهم لإطلاق تصريحات إعلامية لصالحه. ولم يكن نتنياهو يعلم بتشكيل فريق الخبراء، ولذلك دعا بعضهم إلى مقر إقامته الرسمي، بعد طرح اسمي غابيزون وشطيرن كمرشحين لتولي حقيبة القضاء، وذلك بالتنسيق مع كاحول لافان".