النجاح الإخباري - تناولت التحليلات المنشورة في الصحف الإسرائيلية اليوم، الأحد، عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، أول من أمس، بين التفاخر بقدرات "إسرائيل" الاستخبارية والعملانية من أجل عرقلة تقدم ما يصفونه بتقدم البرنامج النووي العسكري الإيراني، إلى جانب التحذير من انتقام إيراني، والرسالة التي يبعثها الاغتيال إلى الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، وإدارته وتحذر من العودة إلى الاتفاق النووي.
ومن أجل تبرير الاغتيال، أشار محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، إلى أن الكثير من وثائق أرشيف البرنامج النووي الإيراني، التي سرقها الموساد وأحضرها إلى "إسرائيل"، في العام 2018، ممهورة بتوقيع فخري زادة، ما يدل على دوره الكبير في تطوير البرنامج النووي.
وأضاف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "البروفيسور فخري زادة كان في المهداف منذ سنوات كثيرة. ونتنياهو بنفسه كشف عنه علنا في العام 2018، عندما استعرض الأرشيف النووي الإيراني الذي نجح الموساد بسرقته. ووصفته أجهزة الاستخبارات في "إسرائيل" والغرب بأنه ’مركز معلومات’، كشخص جمع خبرة واسعة حول البرنامج النووي".
لكن هرئيل حذر من أمرين. الأول هو أنه قد يلحق ضررا ب"إسرائيل" بسبب اغتيال فخري زادة، إذ أنها "بدأت العلاقات مع إدارة بايدن بالقدم اليسرى. والرئيس المنتخب صامت حاليا، لكن مسؤولين سابقين في إدارة أوباما أصدروا تعقيبات مفاجئة في شدتها تجاه الاغتيال. ورئيس الـCIA السابق، جون بيرنن، وصف الاغتيال بأنه ’عمل جنائي، عديم المسؤولية، والذي قد يكلف بانتقام فتاك ومواجهة إقليمية’. ووصف الاغتيال بأنه ’جريمة قتل، إرهاب ممول من دولة’ من دون أن يذكر منفذيه، ودعا الإيرانيين إلى انتظار وصول قيادة مسؤولة إلى واشنطن. كذلك وصف نائب مستشار الأمن القومي السابق، بن رودس، الاغتيال بأنه ’خطوة مزعزعة، غايتها عرقلة المفاوضات السياسية’" التي أعلن بايدن أنه سيجريها مع إيران.
ونقل هرئيل عن مسؤولين سابقين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعبيرهم عن مواقف مشابهة، وقالوا إن "نتنياهو قلق جدا من عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي تحت إدارة بايدن. والحادثة الأخيرة تفرض وقائع على الأرض، تضع مصاعب أمام السياسة الإقليمية للإدارة الجديدة".
رد إيراني خارج البلاد
ورجح المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أنه "لا توجد مصلحة لدى إيران بأن تقود المنطقة إلى حالة فوضى عسكرية بواسطة عمليات حربية، عشية دخول بايدن إلى البيت الأبيض. لكن كل شيء مفتوح، لأن الرغبة هي الانتقام، الردع وترميم العزة الوطنية موجودة داخل إيران. والآن، باتت هذه مسألة فرصة وقدرة".
وأشار فيشمان إلى أن "المبدأ الذي يوجه "إسرائيل" في حربها ضد النووي العسكري الإيراني هو أن يتعرض طوال الوقت للهجوم: مبادرة، تشويش، عرقلة، كسب الوقت. ومثلما لا يمكن لعملية واحدة القضاء على النووي الإيراني، فإنه لا توجد جهة واحدة في سلسلة صنع القنبلة محصنة. وتشمل هذه الحرب استهداف المنشآت (النووية)، إما بشكل فعلي أو بهجوم سيبراني أو بمساعدة ضغوط اقتصادية أو دبلوماسية، وكذلك باستهداف العامل البشري: الأدمغة، المدراء، المتعاونين".
وحذّر فيشمان من أن "الجميع ينفذون اغتيالات باسم المصلحة القومية: الأميركيون، الفرنسيون، البريطانيون، الروس. و"إسرائيل" أيضا. غير أنه في السنتين الأخيرتين، تحولت مباهاة القيادة (الإسرائيلية) بالعمليات التي تُنفذ تحت الرادار العام إلى ظاهرة منتشرة. "إسرائيل" تتبنى، مباشرة أو بالتلميح، عمليات سرية، وتقضي بيديها على حيز نفي العدو وتكاد ترغمه على الرد".
رفع العقوبات أولا
حسب محلل الشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي برئيل، فإن "توقيت الاغتيال، يحمل رسالة واضحة لبايدن، غايتها إظهار الانتقاد الإسرائيلي حول عزمه العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، والمبادرة لاتصالات دبلوماسية حول شروط العودة ومحاولة توسيع حجم الاتصالات مع إيران إلى مواضيع أخرى، مثل تجميد برنامج الصواريخ البالستية مقابل تعاون اقتصادي".
وأضاف برئيل أن "حيز العمليات الإسرائيلية قد ينكمش إذا قرر بايدن أن أي عملية إسرائيلية ضد إيران من شأنها إلحاق ضرر في جهوده للعودة إلى الاتفاق النووي، الذي يرى فيه أساسا لائقا من أجل لجم البرنامج النووي الإيراني وسد الطريق أمام قدرة إيران لتطوير سلاح نووي.