وكالات - النجاح الإخباري - استعرضت دراسة إسرائيلية صادرة عن معهد أبحاث ما يعرف بالأمن القومي في جامعة تل أبيب، مخاطر الخطة الأمريكية المزعومة للسلام في الشرق الأوسط " صفقة القرن " ومخاطر تطبيقها على أرض الواقع.
وأوضحت خطة "صفقة القرن" التي طرحها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي تشمل ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، "تنطوي على مخاطر كثيرة في كافة المجالات – الأمنية، الاقتصادية، المدنية/الاجتماعية، مكانة دولية وإقليمية – وعمليا خطر تسريع التوجه نحو واقع الدولة الواحدة".
ورأت أنه "من أجل الحفاظ على يهودية، وديمقراطية، وأمن وأخلاق، دولة الاحتلال ينبغي تبني مركبات الخطة التي تحسن الأمن وإلى جانب ذلك تشكل رافعة لتحريك عملية انفصال عن الفلسطينيين، وإنشاء واقع إستراتيجي أفضل لإسرائيل". وفق ما أورده "عرب 48" اليوم الجمعة.
وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الخطة تمنح إسرائيل "ردا شاملا لمطالبها الأمنية، لكن ترجمة الخطة إلى ظروف ميدانية – حدود طويلة وملتوية، جيوب ومستوطنات معزولة، خلط سكان – سيقود إلى واقع سيواجه فيه الاحتلال الإسرائيلي صعوبة في تطبيق الترتيبات الأمنية".
وأضافت: ستنشأ صعوبة في نشر قوات من أجل دفاع متواصل على طول محاور/شوارع طويلة وضيقة، تربط بين المناطق وتقود إلى مستوطنات معزولة؛ سيزداد الاحتكاك مع السكان وأجهزة الأمن الفلسطينية على طول المحاور؛ وتحديات أخرى ستكون مرتبطة بحماية المستوطنات المعزولة، المداخل، المخارج والمعابر بين المناطق الفلسطينية، وعلى طول الحدود الملتوية والطويلة".
وتابعت الدراسة إن "حراسة أمن المستوطنات، خاصة تلك الواقعة في عمق الأراضي الفلسطينية، ستتطلب زيادة حجم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير".
وبحسب الدراسة: في الجنوب المحتل، سيتصاعد التحدي الأمني عند محور فيلادلفي (رفح) – تهريب أسلحة وتسلل جهات "إرهابية" ومتطرفة من سيناء إلى الأراضي الفلسطينية، التي ستتسع إلى جيب في النقب الغربي. ولذلك، فإنه إذا تم تطبيق الخطة بصيغتها الحالية، سيكون من الصعب ضمان واقع أمني أفضل قياسا بذلك القائم اليوم.
ولفتت الدراسة إلى أن الفصل الاقتصادي في الصفقة، الذي استعرض خلال ورشة البحرين، العام الماضي، يقضي برصد 50 مليار دولار، بينها 28 مليار دولار تستثمر في مناطق السلطة الفلسطينية، على مدار 10 سنوات، أي 2.8 مليار دولار سنويا.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الفرق بين هذا المبلغ وبين مجمل التبرعات السنوية للسلطة الفلسطينية من الدول المانحة، سوية مع ميزانية الأونروا ، ليس كبيرا. كما أن تمويل الميزانية التي تقترحها الصفقة ليس واضحا، والجداول الزمنية لتنفيذ مشاريع ليست معقولة. كما أن التداخل بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية – الحدود الملتوية والطويلة وجيوب كلا الجانبين – سيضع مصاعب أمام فصل الاقتصادين وسيتطلب غلافا ضرائبيا موحدا، إذ لن تكون هناك طريقة لمحاربة ناجعة ضد التهريبات.
"صعوبات جوهرية" بتطبيق الخطة
ورأت الدراسة أنه ستنشأ "صعوبات جوهرية" إثر رفض الفلسطينيين للخطة. "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية هما بمثابة ’حاضر غائب’ في خطة ترامب. والخطة المقترحة تعني هزيمة النضال الفلسطيني من أجل حقوق وطنية، لأنها تقوض بين أمور أخرى القناعة بأن الزمن يعمل لمصلحة المشروع الوطني الفلسطيني وأنه مع مرور الوقت سيفرض المجتمع الدولي على إسرائيل شروط الفلسطينيين للتسوية. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن الخطة وتبعاتها تشكل تهديدا وجوديا حقيقيا على إنجازاتهم حتى الآن وعلى حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة.
وتصعب الإشارة إلى قائد فلسطيني في الحاضر والمستقبل، سيوافق على خطة لدولة فلسطينية مصغرة، مقطعة، محاطة بأراض إسرائيلية، وعاصمتها في ضاحية بأطراف القدس الشرقية. وفقا للدراسة التي قالت إنه "توجد مصاعب أخرى ستنشأ في أعقاب رد الفعل الدولي ضد الخطة".
الأردن: "الأردن هو الحلقة الضعيفة في المنظومة العربية. ويقف أمام معضلة كبيرة جدا – فهو متعلق اقتصاديا وأمنيا بالولايات المتحدة، لكنه يخشى جدا من أن تطبيق الخطة سيضع نهاية لحل الدولتين، وعندها ستعود من جديد فكرة أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين".
مصر: "مصر لم تعبر بعد عن موقف رسمي تجاه الخطة، رغم صدور عدة تصريحات مؤيدة لمحاولة الوساطة الأميركية، بدون دعم واضح للخطة. والصعوبة المركزية بالنسبة لمصر تنبع من الحاجة إلى دعم الفلسطينيين، وقد فعلت ذلك في إطار جامعة الدول العربية، وبرغبتها في الوقت نفسه بالحفاظ على العلاقات الثنائية الجيدة بين القاهرة وواشنطن. ورغم وجود عناصر في الخطة تستجيب لمصالح مصر (أولها نزع سلاح حماس وحصة في الجانب الاقتصادي للخطة)، لكن الانتقاد المصري يتركز على أنه تم استعراض الخطة من جانب واحد وهي تعتبر كخطوة بمبادرة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ".
دول الخليج: "واضعو الخطة توقعوا أن تعمل الأنظمة العربية المقربة من الولايات المتحدة على إقناع الفلسطينيين بإبداء توجه إيجابي وألا يرفضوها. لكن أملهم خاب، وبعد نشر الخطة وقفت الدول العربية والإسلامية علنا إلى جانب الفلسطينيين وأيدت معارضتهم للخطة".
المجتمع الدولي: "معظم المجتمع الدولي ليس شريكا في الانفعال الإسرائيلي – الأميركي من الخطة، وقد تحفظت منها عدة هيئات ودول هامة، بينها روسيا والاتحاد الأوروبي، كما تعالت أصوات في الكونغرس الأميركي ضد الخطة".
"تهديد حقيقي على إسرائيل"
قالت الدراسة إن ترامب يصف في الخطة "وضعا نهائيا" للعلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه يعرفها على أنها "رؤية" تدعو إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية حول التفاصيل والتطبيق.
وأضافت أنه "بالإمكان أن تقترح جهة وسيطة في مفاوضات مقترح جَسر عندما تكون هناك تفاهمات مبدئية بين الجانبين حول اتفاق. لكن، وضعا كهذا ليس موجودا اليوم في الحلبة الإسرائيلية – الفلسطينية في أعقاب الفجوات غير القابلة للجسر في المواقف الأولية للجانبين... وبالإمكان ملاحظة أن الخطة تتضمن قدرا كبيرا من السذاجة، تنعكس بقناعة أن المعايير فيها ستكون مفيدة لتشكيل منظومة إقليمية جديدة، مشتركة لإسرائيل والدول العربية المعتدلة، وأنه بالإمكان حل صراع إثني – عاطفي – غرائزي، كالذي يميز العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، بواسطة اقتراح عقاري وإغراء اقتصادي مهما كان سخيا".
ولم تستبعد الخطة أن "تعمل جهات في إسرائيل، تنتظر فرصة لضم مناطق، بشكل حثيث من أجل تحريك خطوة كهذه. وبذلك ستتعمق الهاوية الإسرائيلية – الفلسطينية وتزداد مصاعب صياغة شروط لاستئناف المحادثات في المستقبل.
كما أن الخطة، بحسب الدراسة، تهدد بتقويض كبير للوضع الحالي، رغم أنه ليس مثاليا، خاصة إذا قررت إسرائيل تطبيق البنود المريحة لها في الخطة من دون جهد صادق بالتنازل للفلسطينيين وإظهار ليونة من أجل إقناعهم بالانضمام إلى العملية. والخطة تخلو من رافعة حقيقية لإنشاء دولة فلسطينية قادرة على العمل ومستقرة ومسؤولة.
وأضافت الدراسة أن الخطة "تنطوي على تهديد حقيقي على حلم الدولة اليهودية والديمقراطية، لأنه بموجبها، سيتم استيعاب قرابة 450 ألف فلسطيني في إسرائيل. وإذا انهارت السلطة الفلسطينية بعد عمليات ضم إسرائيلية، فإن إسرائيل ستضطر إلى تحمل مسؤولية جميع السكان الفلسطينيين، والانتقال إلى واقع الدولة الواحدة. وفي موازاة ذلك سيطالب الفلسطينيون بمساواة في الحقوق للجميع".
وحول البنود في الخطة التي تتحدث عن منح جيب للفلسطينيين في النقب الغربي ونقل المثلث إلى الدولة الفلسطينية "واحتمال هذا الخيار يراوح الصفر"، وفقا للدراسة التي تساءلت: "في أي هيئة في حكومة الاحتلال تقرر أن ضم المستوطنات المعزولة في عمق الأراضي الفلسطينية أهم من مناطق في النقب، وتشكل عمقا إستراتيجيا لإسرائيل، ومن منطقة المثلث، في قلب إسرائيل؟ وفي أي هيئة جرى بحث الحاجة إلى حراسة حدود طولها قرابة 1400 كيلومتر، وضم 450 ألف فلسطيني؟".