وكالات - النجاح الإخباري - افتتحت معركة انتخابات الكنيست رسميا اليوم، الجمعة، بعد تقديم الأحزاب قوائمها التي ستخوض من خلالها هذه الانتخابات، في التاسع من نيسان/أبريل المقبل. ويتبين من القوائم التي قُدمت، أن هذه الانتخابات هي لعبة كراسي فحسب، والتحالفات بين الأحزاب الإسرائيلية جاءت لخدمة مصالح شخصية أو فئوية، ولا توجد اصطفافات على خلفية أيديولوجية، بحسب التحليلات المنشورة في الصحف الصادرة اليوم. ورغم أن هذه التحليلات لم تتطرق إلى الأحزاب العربية، التي تخوض الانتخابات بكتلتين، إلا أنه واضح أن ما يسري على الأحزاب الصهيونية يسري على الأحزاب العربية أيضا.
واستهجن معظم المحللين المجهود الذي بذله رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، من أجل تشكيل قائمة مشتركة، تحت اسم "البيت اليهودي"، تجمع غلاة اليمين المتطرف، وبضمنهم أتباع الحاخام الفاشي المأفون، مئير كهانا، مؤسسة حركة وحزب "كاخ"، وذلك في إطار صراعه على البقاء، ومحاولة الإفلات من محاكمته في أعقاب توصيات الشرطة والنيابة بمحاكمته وتوجيه اتهامات إليه، إثر التحقيقات الجنائية ضده بشبهات فساد خطيرة، في مقدمتها الرشوة وخيانة الأمانة.
وكتب المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، أن "نتنياهو لا يحارب من أجل ’أرض إسرائيل’، وإنما هو يحارب من أجل حريته الشخصية. وجهوده من أجل إدخال الذين يسيرون على درب الحاخام كهانا لا يهدف إلى إنقاذ الاستيطان أو لجم اليسار، وإنما هدفه واحد فقط، وهو إدخال اصبعين أو ثلاثة لا يتأثرون من قرار المستشار القضائي للحكومة بتقديم لائحة اتهام بتهمة الرشوة ضد رئيس حكومة إسرائيل". وتوقع كسبيت أن يتفكك "البيت اليهودي" إلى ثلاثة أحزاب، تتشكل منها هذه القائمة، بسبب الخلافات بينها.
وأضاف كسبيت أنه "لا يوجد أي خطر على ’أرض إسرائيل’. ولا يوجد يسار حقيقي، لا بين الجمهور ولا في الكنيست. ومعظم الإسرائيليين موجودون في الخانة نفسها. (رئيس كتلة "كاحول لافان") بيني غانتس ليس قادرا على تفكيك مستوطنة واحدة، أو حتى قطعة حديد واحدة في بؤرة استيطانية عشوائية غير قانونية، حتى لو أن المستوطنين أنفسهم رجوه أن يفعل ذلك. كما أن (المرشح الثاني في "كاحول لافان") يائير لبيد بعيد عن أن يكون كائنا هجينا بين يوسي بيلين وشمعون بيرس".
ورأى كسبيت أن "الذعر حول ’صعود اليسار’ (أي "كاحول لافان") اصطناعي ومفتعل وسخيف. ونجاح نتنياهو في إقناع الجميع بهذا الواقع البديل مذهل، وغايته الاستمرار فقط في حربه اليائسة من أجل التهرب من المحكمة".
ولفت المحللون إلى أنه من أجل تشكيل كتلة "البيت اليهودي"، ألغى نتنياهو لقاء مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد أن سعى إليه طوال الأشهر الأخيرة.
واعتبرت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن نتنياهو "في الحضيض كسياسي وزعيم. ومن أجل الصراع على بقائه الشخصي، هو مستعد لأن يبيع الكنيست والدولة للذين يسيرون على درب الحاخام كهانا، ميخائيل بن آري وإيتمار بن غفير. إنهم ثلة من العنصريين الذين يؤمنون بطهارة العرق وكراهية الغرباء، وينثرون الاحتقار تجاه كل ما هو مختلف وآخر. وسيتذكرون حزب الليكود إلى الأبد كمن ساعد في ذلك بصمت... لم ينهض أحد في الليكون ليقول إنه لن يتعاون مع شخص مثل (عضو الكنيست المتطرف في "البيت اليهودي" بتسلئيل) سموتريتش، الذي أعلن أنه ليس مستعدا أن تنجب زوجته فيما ترقد إلى جانبها في الغرفة والدة عربية، والذي وعده نتنياهو بتعيينه وزير التعليم القادم لأولاد إسرائيل".
واقتبست كدمون من تفوهات بن آري، من أجل توضيح الخطوة "الرهيبة" بتشكيل "البيت اليهودي": "ينبغي الاعتراف باستقامة أن الديمقراطية تتناقض مع الجذور الأساسية للصهيونية"؛ "على الحكومة تنفيذ تدفيع ثمن وطرد سكان القرية (الفلسطينية) التي خرج منها القتلة. وتدمير القرية وبناء شقق للأزواج الشابة والمسرحين من الجيش الإسرائيلي مكانها"؛ "يجب أن تتشكل المحكمة العليا من خبراء قانون حصفاء، ويحملون أفكارا تلائم قيم شعب إسرائيل في بلاده. ويجب أن يعمل القضاة في إسرائيل من أجل مصلحة اليهود وجنود الجيش الإسرائيلي الذين هم أعزاء أكثر من حياة آخرين"؛ "نمحو غزة. لا يوجد أبرياء في غزة. ماذا يعني 200 غارة ومقتل 15 فقط؟ إننا نريد 15 غارة وآلاف القتلى. وأن تكون غزة كلها مقبرة".
تشكيلة الحكومة المقبلة
نقلت كدمون عن قيادي في حزب الليكود قوله إن "حملة الانتخابات للحزب تُدار من بلفور (أي من منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية). والرسالة التي تُنقل إلى وزراء وأعضاء الكنيست من الليكود، هي أنه بإمكانهم السفر في إجازة والعودة بعد الانتخابات. وهم ليسوا ضالعين في أي شيء".
وشددت كدمون على أن "الأمر الواضح هو أن المعركة الانتخابية ستُحسم وفقا لمعيارين: ما هو الفارق في عدد المقاعد في الكنيست بين الليكود وحزب غانتس ولبيد، وما هو حجم الكتلتين (اليمين والوسط – يسار). وحجم الكتلتان سيتحدد وفقا للأصوات التي ستخسرها كل كتلة بسبب نسبة الحسم. لذلك فإن فقدان نواب هو أمر مصيري بالنسبة لكل كتلة".
إضافة إلى ذلك، أشارت كدمون إلى أنه ما زالت هناك أسئلة ليست واضحة الإجابات عليها، "مثل، على ستواصل يهدوت هتوراة (الحريدية) رفضها للانضمام إلى ائتلاف مع لبيد. وهل سيفي أرييه درعي (رئيس شاس) بتعهده بدعم نتنياهو. وماذا سيفعل (رئيس حزب "كولانو") موشيه كحلون إذا تجاوز نسبة الحسم. وأين ستكون (رئيسة حزب "غيشر") أورلي ليفي أبيكاسيس بعد الأقوال التي أدلت بها ضد غانتس هذا الأسبوع، وهل ستتجاوز نسبة الحسم".
ورأت كدمون أنه "حتى لو فاز غانتس بأربعين مقعدا، وأصبح أكبر حزب، فإنه ليس مؤكدا أن يتمكن من تشكيل الحكومة. والسخرية هي أنه بعد الانتخابات سيتضح أن غانتس لا يستطيع تشكيل ائتلاف من دون الليكود. والعكس صحيح أيضا. وها هي حكومة مع ثلاثة تناوبات"، بعد أن نص اتفاق التحالف بين غانتس ولبيد على أن يتناوبا على رئاسة الحكومة.
"الأمل بلائحة اتهام ضد نتنياهو
رغم أن غانتس معروف للجمهور الإسرائيلي، كرئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي، إلا أن رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أشار إلى أن "تطلعاته السياسية كانت ضبابية، وهو لم يفعل شيئا ذا قيمة وصدى جماهيري منذ أن تسرح من الجيش، كما أن رصيده في الزي العسكري لم يُدرس في تراث القتال".
رغم ذلك، أضاف بن، فإن "سر غانتس هو بتشخيصه الدقيق للمشاعر في معسكر مؤيديه المحتملين الآن. وهؤلاء أناس سئموا حكم بنيامين نتنياهو، وكانوا محبطين من عجز خصومه في المؤسسة السياسية، يائير لبيد وآفي غباي، الذين اعتبروا فاقدون للخبرة والوزن السياسي في الشؤون السياسية والأمنية. وغانتس يزود ردا لناخبيه بفضل رتبه العسكرية، خبرته العسكرية، وحذره من أفعال وتصريحات مثيرة للخلاف. وقد خدّر غانتس خصومه في الوسط واليسار، حتى وجدوا أنفسهم مرتبطين بعربته".
وتابع بن أنه بعد تشكيل قائمة "كاحول لافان"، فإن "اختبار غانتس الآن فرض طاعة على شركائه مقابل تهجمات اليمين وخطوات نتنياهو اليائسة، والتي ستزداد شدة لدى إعلان المستشار القضائي للحكومة عن توجيه لائحة اتهام متوقعة ضد رئيس الحكومة".
وحول فرص فوز غانتس، كتب بن أن "الحوافز والقدرة السياسية تميل لصالحه، لكن الانتخابات تُحسم في ديوان الرئيس، والطريق إلى هناك ملتوية. إذ يوجد خلف نتنياهو معسكر متكتل حول أيديولوجيته، أي الحفاظ على المناطق (المحتلة) وكراهية معلنة للعرب. وغانتس بحاجة إلى دعم كتلة أحزاب تبدأ من موشيه يعالون ويوعاز هندل (من "كاحول لافان") وتنتهي بأحمد طيبي وأيمن عودة".. لم يذكر وبحق الكتلة العربية الأخرى للتجمع والحركة الإسلامية.
وأكد بن على أنه "لا يوجد اتفاق على أي شيء في هذه الكتلة، باستثناء تغيير نتنياهو. وتوجد فيها خطر فناء، لأن جزبي العمل وميرتس لم يتحدا. ويتعين على غانتس أن يأمل بأن موشيه كحلون وأورلي ليفي أبيكاسيس سيسقطان تحت نسبة الحسم، وأن تُنقذ أحزاب اليسار، والأهم أن تُبعد لائحة اتهام وخدع نتنياهو ناخبي اليمين المعتدل إلى أذرع ’كاحول لافان’ أو أن يبقوا في البيت في التاسع من نيسان/أبريل".