نابلس - النجاح الإخباري - بالتزامن مع حرب لبنان عام 1983م، التقى فلسطينيون من رجال الفكر والثقافة ورجال الأعمال، وقرروا إنشاء مؤسسة التعاون، لتساهم في دعم الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات لبنان في شتى المجالات، بهدف تعزيز صمود الفلسطيني ومؤسساته وتمكينها اجتماعيا واقتصاديا تزامنا مع الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي عاشها الشعب في الوطن.
وللحديث عن مؤسسة تعاون ودورها الريادي في تعزيز صمود الانسان الفلسطيني ومؤسساته، استضافت فضائية النجاح، مدير عام مؤسسة التعاون يارا السالم، للحديث عن أبرز أنشطة المؤسسة والمشاريع الريادية التي قامتها بها منذ 37 عاماً، والصعوبات التي ستتعرض لها في ظل اتجاه الحكومة الاسرائيلية على ضم 30% من أراضي الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.
وأوضحت السالم ، أن مؤسسة تعاون تركز جل عملها بشكل أساسي منذ انطلاقها على أربعة محاور أساسية، وهي قطاع التعليم، قطاع الصحة، قطاع التنمية المجتمعية بما يتضمنه من مساعدة أيتام، والعديد من المشاريع الخاصة بتمكين الشباب والمرأة وغيره، والقطاع الرابع هو إعادة ترميم المدن القديمة مثل مدينة القدس ونابلس، وجنين وغيرها من المناطق الأثرية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل وترميم.
تعزيز صمود المواطن الفلسطيني
وأشارت السالم إلى أن مؤسسة التعاون عملت على تعزيز القدرة في الناحية التعليمية، وقامت بالعديد من المشاريع، التي تهدف إلى بناء الجامعات، والمدارس في كافة أنحاء الوطن، وتأهيل المدرسين، والعمل على المنهاج الفلسطيني، وابتعاث المدرسين إلى برامج زمالة للتعلم في الخارج، واكتساب القدرات الأجنبية، والعالمية، وتزويد الطلبة الفلسطينيين بها، إيمانًا من المؤسسة بأن التعليم رسالة أساسية نحتاجها في فلسطين من أجل تعزيز صمودنا، بحيث يتم هناك مشاركة ما بين خبراتنا ومعرفتنا والعالم.
وأضافت، أن قطاع التنمية المجتمعية، قامت مؤسسة التعاون ببناء العديد من المستشفيات، (معظم الوحدات التخصصية في كافة مستشفيات الوطن هي دعم من التعاون)، بالإضافة إلى أن أكبر دعم يقدم لشبكة مستشفيات مدينة القدس المحتلة لتمكينها من القيام بعملها مقدم من مؤسسة التعاون.
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان
وعن دور مؤسسة التعاون في لبنان حيث مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من ظروف انسانية صعبة منذ لجوئهم، أوضحت السالم أن هناك مكتب لمؤسسة التعاون في لبنان يتابع الأوضاع في المخيمات الفلسطينية ويركز على التعليم، كون التعليم هو الأساس لمساعدة المخيمات، إضافة إلى سعي التعاون للوصول للطلبة الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات والمدارس وتوفير فرص عمل لهم في السوق.
وأضافت أن التعاون تولي عناية خاصة بالقطاع الصحي في المخيمات الفلسطينية بلبنان، نظراً للإهمال الذي يتعرض له هذا القطاع من قبل السلطات، لذلك تعمل المؤسسة على تزويد المخيمات بالاحتياجات الأساسية، لتعزيز قدرة المرضى على الاستمرار في الحياة، إلى جانب العديد من المشاريع من بينها برامج الطفولة المبكرة.
وتابعت السالم، أن المؤسسة ورغم انها تقوم بدعم مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام عبر علاقة تشاركية وتكاملية مع كل من القطاع الخاص والعام، إلا أنها تستقطب أفراد وتقوم بتقديم الدعم المباشر لهم حسب نوع البرنامج، كالبرامج المخصصة "للشباب" يتم دعمه مثل برامج الريادة للانتقال إلى مرحلة أخرى بسبب زيادة حجم المشروع".
وتابعت السالم أن التعاون دعمت التعليم العالي، بالإضافة إلى تزويد خبرات عالمية للمدرسين والمعلمين، في الجامعات الفلسطينية، وخصصت جوائز سنوية تحفيزية للإبداع والتميز، إلى جانب الدعم في جميع مراحل التعليم كون التعليم يعتبر الوسيلة الأساسية من أجل خلق أفراد جاهزين للاندماج في سوق العمل. موضحة أن للمؤسسة العديد من البرامج التي تقوم بها قبل وبعد التخرج من أجل تأهيل الشباب إلى سوق العمل من خلال معايير معينة، مشيرة إلى أن التعاون وفرت وظائف للآلاف من الشباب خلال السنوات الماضية في القطاع الخاص ولفترة محدودة مدفوعة الأجر، وذلك من أجل تشجيع القطاع الخاص على تدريبهم ثم تعيينهم.
التعاون ودورها في ظل جائحة كورونا
وعن نشاط مؤسسة التعاون في ظل جائحة كورونا العالمية، أوضح السالم، أن المؤسسة قامت بإطلاق حملة ضد جائحة كورونا، تحت عنوان "فلسطين تناديكم" في كافة مناطق الوطن، وأيضا حملة في مخيمات الشتات في لبنان تحت عنوان "كلينا يد واحدة"، وعبر هذه الحملات تم جذب العديد من الأموال عبر المؤسسات الدولية والعربية والأفراد وأعضاء مؤسسة التعاون، إضافة إلى أن المؤسسة حصلت خلال الشهرين الماضيين على 6 مليون دولار لفلسطين وحوالي مليون دولار إلى لبنان، وكافة هذه الأموال ذهبت لدعم القطاع الصحي، وتعزيز جهوزيته واستعداده للتشخيص والعلاج من هذه الجائحة.
وأضافت، تم تجهيز المستشفيات بالمستلزمات والأجهزة الطبية، عبر علاقة وثيقة مع وزارة الصحة وغيرها من المؤسسات الوطنية إضافة إلى دعم العائلات المستورة، وذات الدخل المحدود والتي عانت بشكل كبير خلال تلك الفترة من انقطاع سبل الدخل، كتأمين السلال الغذائية في قطاع غزة، وسكان منطقة "C" وحول الجدار في الضفة الغربية، وأوضحت أن المميز في كافة هذه المشاريع أن المؤسسة تخلق فرص عمل في نفس الوقت، كذلك تم دعم المزارعين الذين يوفرون المواد الغذائية.
وحول استراتيجية عمل مؤسسة التعاون بعد جائحة كورونا، أوضحت مدير عام مؤسسة التعاون يارا السالم، أنه من منطلق الاستجابة للتغيرات العالمية وحالة الانكماش الاقتصادي التي يعاني منها العالم، إلى جابن الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها فلسطين، قامت التعاون بعمل تعديل على استراتيجيتها، وسيركز على التعليم وكيفية رؤيتنا له وغيره من المواد بحيث يتم التركيز على التعليم عن بعد، وكافة متطلبات هذا الموضوع، وأيضا التركيز على قطاع الزراعة وخاصة في موضوع الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل للشباب والتركيز على نوعية العمل في القطاع الزراعي وغيره، وسيكون هناك تعديل في نظرتنا لكيفية الخدمات التي نقدمها من خلال المشاريع والبرامج المختلفة التي تركز على التعليم عن بعد، لنركز على أن تكون البرامج أكثر استجابة للاحتياجات في المرحلة الراهنة بحيث يتم تحويل كافة الدعم من برامج أخرى إلى المشاريع الطارئة إذا ما تطور الوضع، وبنفس الوقت التركيز على أهمية التشبيك حيث أن التعاون لا تستطيع وحدها أن نقوم بعملية تغيير إغاثية وتنموية، لذلك يتم التشبيك ما بين المؤسسات المختلفة للمجتمع المدني لتكمل بعضها البعض إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص.
جامعة النجاح والتعاون
وحول ما قدمته مؤسسة التعاون من دعم لجامعة النجاح الوطنية، أوضحت السالم، أن المؤسسة قدمت نحو 40 مشروعاً لجامعة النجاح الوطنية خلال السنوات الماضية، بحوالي 12-13 مليون دولار، منها مشروع المكتبة 5 مليون دولار، ومركز الطفولة 3 مليون دولار، والمساهمة في مبنى هشام حجاوي للعلوم التطبيقية ، ومختلف المختبرات الموجودة حاليا بالجامعة.
وقالت:" ناقشنا اليوم البناء على التعاون الذي قمنا بتقديمه، إلى الجامعة في المراحل الماضية والتي استمرينا به اليوم عبر توفير دعم إضافي إلى مركز الطفل في الجامعة، كما تم مناقشة سبل التعاون فيما يتعلق ببرنامج "زمالة" وهو برنامج تحت برنامجنا الكبير للتعليم الذي يتعلق بتأهيل المدرسين الجامعيين في جامعات دولية لكسب الخبرة والعودة إلى أرض الوطن بخبرات جديدة، حيث سيتم توسيع هذا البرنامج وعمل مكثف بين الجامعة والتعاون في هذا الاطار.
وأكدت أن هناك رؤية واحدة بين مؤسسة التعاون وجامعة النجاح الوطنية وسيتم البناء على ما تم البدء به، وهناك العديد من الافكار التي يمكن أن يتم العمل عليها فيما يتعلق بمشاريع الطاقة الشمسية، والزراعة.
التعاون والمعهد الفلسطيني للطفولة
وأشارت السالم إلى أن مؤسسة التعاون أنشأت المعهد الفلسطيني للطفولة، اعتقادا منها أن المعهد يخدم المواطن الفلسطيني بشكل كبير خاصة وأن العائلات التي لها أبناء هم بحاجة إلى عناية خاصة، وأن هذا المركز هو الوحيد في منطقة الشمال وفلسطين الذي يوفر الخدمات الرائعة بالمساعدة في تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ليكونوا أفرادا فعالين في المجتمع وتخفيف العبء على عائلاتهم التي لها صعوبات كبيرة في التعامل، وكيفية التعامل مع أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأعربت السالم عن أمنياتها أن تجد التعاون الموارد في الفترة القريبة القادمة من أجل أن يتم إعداد مركز آخر في منطقة أخرى من فلسطين لسد احتياجات الهائلة التي يحتاجها ابناؤنا في مختلف المناطق.
وأشارت إلى أن التعاون قدمت دعم آخر للمعهد خاص بجائحة فيروس الكورونا، نظراً لأنه كان هناك صعوبات فنية ومالية وغيرها ضمن الوضع الماضي، لذلك تم تقديم دعم إضافي لضمان أن يكون هو منارة لذوي الاحتياجات الخاصة للأفراد والكوادر الفلسطينية المؤهلة للتعامل مع هذه الفئة.
تأثير الوضع السياسي "الضم ومصادرة الاراضي"
وحول تأثير الوضع السياسي على عمل المؤسسة، أكد السالم أن الوضع السياسي الحالي صعب ومعقد، لأن الوضع السياسي مرتبط بالتمويل، والمؤسسة تحصل على تمويلها من مختلف الجهات الخارجية، العربية والدولية التي تهتم بدعم فلسطين ومشاريع التعاون.
وأشارت إلى أنه سيكون هناك تأثير على حجم التمويل في حال تم تنفيذ خطة الضم في الضفة الغربية والاغوار، الأمر الذي سيؤثر على حجم البرامج، وبالتالي سيؤدي إلى تقليصها، وتحويلها إلى قطاعات معينة بتركيز أكبر من القطاعات التي ندعمها حاليا، لهذا سيكون للوضع السياسي أثر سلبي على التعاون، وأوضحت أنه انطلاقا من استشعار المؤسسة بالخطر تقوم حاليا بإعادة هيكلة برامجها بحيث نكون على جهوزية لأي درجة من الخطر يمكن أن يصل إليها الوضع، بحيث يمكن تحويل موارد المؤسسة إلى القطاع الصحي إذا ما تم هناك تصعيد في الوضع السياسي وسيتم تحويل البرامج إلى الاحتياجات الأهم على أن يتم تعويض ذلك في حل تحسن الأوضاع.
مؤسسة التعاون ومصادر الدعم
وأوضحت مديرة مؤسسة التعاون، أن المؤسسة لها مجال عمل معين وهو فلسطين، وأن هناك تعاون كبير ما بين الفلسطينيين المغتربين ومؤسسة التعاون وخاصة أن معظم أعضاء التعاون فلسطينيين في الخارج ولذلك هناك تعاون كبير ما بين المؤسسة والجاليات الفلسطينية في الخارج لدعم الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة.
وأكدت أن المؤسسة ليس لديها أفكار لتوسيع نشاطاتها خارج فلسطين وخارج مخيمات الشتات في لبنان كونها تعاني أصعب الظروف، بل إن هناك توجه من أجل زيادة التعاون مع الفلسطينيين في الخارج من أجل زيادة الدعم في الفترة القادمة، لأن الموارد المالية من المتوقع أن تشح، وهناك العديد من البلدان المانحة تريد أن تحول دعمها إلى بلدان أخرى، كذلك فإن الوضع السياسي والكساد الاقتصادي يؤثر على إمكانية اجتذاب الأموال.