منال الزعبي - النجاح الإخباري - لا ينكر عاقل التغيير الذي أحدثته التكنولوجيا في حياتنا على جميع الأصعدة سلبًا وايجابًا، ما يتطلب سعيًا حثيثًا لرفع الوعي والإدراك وتوجيه الجيل لتلافي الفجوة وملحقاتها من مشكلات اجتماعية وأسرية قد تفتك في المجتمع.
ويعتبر الزواج المؤسسة المجتمعية الأولى وهي كالقلب إن صلحت صلح جسدنا المجتمعي وإن فسدت فعلينا السلام، كان للنجاح الإخباري حديث مع الأخصائية النفسية والاجتماعية ليلى يعقوب، لنشير بالبنان على فواصل فارقة في الكيان الأسري.
-
من هي ليلى يعقوب؟
-
أخصائية نفسية واجتماعية، وناشطة في المجال النسوي، عملت في مجال حقوق المرأة، خريجة علم نفس في جامعة النجاح الوطنية، عملت في محكمة سلفيت الغربية "بديا" مدة (12)عامًا.
-
من خلال عملك مع قضايا الزواج والطلاق كيف تقيمين واقع الزواج حاليًّا؟
الأصل في الزواج مودة ورحمة، وهو علاقة ندّية وودّية في آن، يساء فهمها اليوم ويتم التعامل مع هذا الميثاق الغليظ بتهاون وسطحية، إذ يركز الشباب والفتيات المقبلون على الزواج على القشور ويغفلون جوهر الأمور، ما يخلق المشكلات ويفسد العلاقة بالطلاق او الخيانة أو الأزمات النفسية على أقل تقدير.
-
يُشار إلى ارتفاع نسب الطلاق في مجتمعنا الفلسطيني إلى ماذا تعود الأسباب برأيك؟
-
من خلال تجربتي في محكمة سلفيت الغربية "بديا" والتي تخدم (13) قرية، هناك ارتفاع وتفاقم في حالات الطلاق، خلال (2017) تمَّ تسجيل (100) حالة طلاق، و(30) قضية شقاق ونزاع تمَّ الفصل فيها.
أما الأسباب: أغلبها تندرج تحت بند قلة الوعي والإدراك، والوضع الاقتصادي السيء وتكاليف الزواج المرهقة التي تضع الزوجين في دائرة الدين والضغط النفسي، والمشكلة الأعقد تكم في انتشار مشكلة الضعف الجنسي عند الشباب، وهذا في الأغلب نتاج تفشي المواقع الاباحية وادمان الشباب على مشاهدتها والافراط في ممارسة العادة السريّة ما يسبب فشل في التناغم مع الشريك، وعدم الوصول إلى الرضا في العلاقة.
-
ماهي قضايا الشقاق والنزاع؟
-
قضايا يتم رفعها من قبل أحد الزوجين للحصول على الطلاق بسبب النزاع المستحكم بينهما واستحالة استمرار الحياة الزوجية وهي من أصعب القضايا، إذ تتطلب شهودًا على واقع الحالة، ومن الصعب ايجادهم واثبات شهادتهم، كانت المرأة في مثل هذه القضايا تتضر للتنازل عن كامل حقوقها في سبيل حريتها، إذ يتهدها الزوج حتى ترضخ، لذا تم التعديل على هذه القضايا، طالبنا من خلال الجمعيات النسوية والحركات النسوية بتسهيل إجراءات هذه القضايا.
قرر ديوان قاضي القضاة أن يتم التعامل معها من خلال تقدير القاضي، وتمَّ تسهيل إجراءاتها حيث تختصر باعتراف الزوجين بالشقاق والنزاع، ثمَّ تعقد جلسة صلح وتفاهم بينهما في المحكمة ويمهلون شهرًا لمراجعة النفس، ثمَّ يتم تعيين حكمين من المحكمة نفسها إذ تعتمد المحكمة مجموعة من الأشخاص حوالي 6 محكمين، من أهل الاختصاص والمشهود لهم دينيًّا وأخلاقيًّا والرأي السديد، تعقد الجلسات مع كل زوج على حدة للاصلاح، في حال فشلت محاولات الإصلاح يتم تقدير الإساءة وبناءًا عليها ترصد الحقوق، مثلًا زوجة مهرها 5 آلاف ومؤخرها 5 آلاف، وقدّر القاضي نسبة إساءة الزوج 70%، ونسبة إساءة الزوجة له 30%، تحصل المرأة على 7 آلاف دينار ويُعفى الزوج من 3 آلاف دينار، وفي أغلب الأحيان تكون نسبة الإساءة من الزوج أعلى.
ومن التعديلات على هذه القضايا الزمن إذ كانت تأخذ وقتًا أطول، اليوم لا تتجاوز (6)شهور.
-
ما الحلول التي تكفل الحد من هذه المشكلات وتضمن جو أسري صحي وزواج ناجح؟
-
هناك مجموعة من التوصيات رشحها مختصون في قسم الإرشاد والإصلاح الأسري وتناغمت مع مطالب الحركات النسوية وحقوق المرأة، منها:
# دورات تأهيل للمقبلين على الزواج وحديثي العهد به، من شأن هذه الدورات رفع كفاءة الأزواج ورفع مستوى وعيهم للمرحلة الجديدة، هي خطوة طُبقت في الدول المجاورة وأعطت نتائج رائعة، وهناك برنامج متكامل بهذا الخصوص توصلنا له كناشطين من خلال دورات تشمل:
1.توعية حول الذات اولًا.
2.العمل على المفاهيم كالزواج، والهدف، المشاركة، المسؤولية، التضحية، المرونة.
3.توضيح طبيعة وفسيولوجية العلاقة الخاصة بين الأزواج.
4.التركيز على النوع الاجتماعي الجندر، وتوضيح الأدوار وطرحه بشكله الايجابي بما لا يتنافى مع قيمنا واعرافنا.
ومن ثمَّ طرح كيفية حل المشكلات.
# لا تستقبل قضايا الشقاق والنزاع ودعاوي الطلاق قبل مرور عام على الزواج.
# تطوير قسم الإرشاد والإصلاح الأسري في المحاكم بما يكفل أخصائيين من ذوي الكفاءات العالية، والقدرة على الاقناع والتأثير.
وأخيرًا أتمنى على الأهل أولًا أن يحسنوا تنشئة أبنائهم وتهيئتهم لحمل المسؤوليات، وأوصي بتحسين صورة العلاج النفسي في مجتمعنا لأهمية هذا الجانب ومن الضروري مراجعة الأخصائيين بدل الخوض في المشكلات مع الغير ممن قد يفاقمون المشكلات، ولا بد من عدم الخجل من التوجه للعلاج الجنسي بحال الضعف لكلا الطرفين، والله ولي التوفيق.