وكالات - النجاح الإخباري - وصل البابا فرنسيس عصر الخميس إلى البحرين، في زيارة تستمر أربعة أيام وتعدّ الأولى لحبر أعظم إلى المملكة الخليجية الصغيرة، يخصص الجزء الأكبر منها للتأكيد على أهمية الحوار بين الأديان.
ووصلت الطائرة البابوية إلى قاعدة الصخير الجوية في منطقة العوالي في جنوب البحرين قرابة الساعة 16,40 بالتوقيت المحلي (13,40 ت غ)، قبل أن ينتقل إلى باحة القصر الملكي المجاور حيث يلقي كلمة أمام ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وكبار المسؤولين ودبلوماسيين.
وللمرة الأولى منذ انتخابه عام 2013، لم يجر البابا البالغ من العمر 85 عاماً جولته الاعتيادية على الصحافيين الذين رافقوه على متن الطائرة، بسبب آلام الركبة التي يعاني منها مؤخراً.
وقال البابا للصحافيين الذين تولوا خلال الرحلة إلقاء التحية عليه بينما جلس على مقعده “كنت أود أن أحييكم واحداً تلو الآخر، لكن المشكلة اليوم أنني أشعر بألم شديد، ولا رغبة لي بالتجول”.
وتابع “إنها رحلة مثيرة للاهتمام ستجعلنا نفكّر ونقدّم أخباراً جيدة”.
واستقبل البابا في القاعدة الجوية على وقع الموسيقى التقليدية بينما كان أطفال في محيط القصر الملكي يطلقون التحية والهتافات المرحّبة.
وأقامت البحرين التي يبلغ تعداد سكانها 1,4 مليون نسمة، علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان في العام 2000. ويقطنها نحو ثمانين ألف مسيحي كاثوليكي، وفق الفاتيكان، يتحدرون بشكل رئيسي من جنوب شرق آسيا وافريقيا والشرق الأوسط ومن دول غربية.
وهذه الزيارة التاسعة والثلاثين للبابا إلى الخارج منذ انتخابه، والثانية إلى منطقة الخليج، بعد زيارة تاريخية إلى الإمارات عام 2019. وسيتصدّر الحوار بين الأديان، الذي يدافع عنه بشراسة، مضمون لقاءاته في البحرين، إضافة إلى إثارته قضايا تتعلق بحقوق الإنسان والعمال المهاجرين والبيئة.
وتأتي زيارة البابا في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني” الذي افتتح أعماله صباح الخميس، بحضور مسؤولين وقادة دينيين من دول عدة.
ويلقي البابا الجمعة كلمة أمام أعضاء “مجلس حكماء المسلمين” في جامع قصر الصخير. ويلتقي كذلك شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب الذي وقع معه في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.
وقال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين الشيخ عبد اللطيف المحمود لوكالة فرانس برس في المنامة “التقاء هاتان القامتان الدينيتان للمسلمين والمسيحيين، اعتقد أنه شرف للبحرين”.
نداء مشترك
لم تسلم الزيارة التي تصفها السلطات البحرينية ووسائل الإعلام المحلية بـ”التاريخية” من انتقادات، صدر أبرزها عن منظمات حقوقية تندد بالسياسات التمييزية التي تلحق بأبناء الطائفة الشيعية، على خلفية اضطرابات ترافقت مع تظاهرات مطالبة بتغيير نظام الحكم عام 2011.
وقالت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش قي بيان مشترك الثلاثاء إنه يتعيّن على البابا فرنسيس “مطالبة البحرين علناً بوقف تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة”.
وكانت هيومن رايتس ووتش ندّدت في تقرير الإثنين بـ”تهميش الحكومة المستهدَف” لشخصيات معارضة.
وردّت السلطات البحرينية على الانتقادات، معتبرة أنّ “حرية الدين والعبادة حقوق مصونة بموجب الدستور، ولا تتسامح المملكة مع التمييز أو الاضطهاد أو الترويج للانقسام على أساس العرق أو الثقافة أو المعتقد”.
وشدّدت على أنّه “لم يتم القبض على أي فرد في البحرين أو اعتقاله بسبب معتقداته الدينية أو السياسية”، مضيفة “في الحالات التي يحرّض فيها الأفراد أو يشجعون أو يمجدون العنف أو الكراهية، هناك واجب للتحقيق، وعند الاقتضاء، مقاضاة هؤلاء الأفراد”.
“يمنحنا بركته”
منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، زار البابا فرنسيس الأرجنتيني الجنسية، أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلادش والمغرب والعراق.
في الأماكن التي يعتزم البابا التوقّف فيها، انهمك عمال الأربعاء في وضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات الزيارة.
على طول الشارع المؤدي إلى كاتدرائية سيدة العرب، الكنيسة الأكبر في شبه الجزيرة العربية التي تم افتتاحها نهاية عام 2021، رفعت أعلام الفاتيكان والبحرين. وزيّنت جدران الكنيسة وباحتها صور ضخمة للبابا فرنسيس مرفقة بشعار الزيارة “على الأرض السلام للناس الذين بهم المسرّة”.
وفي استاد البحرين الوطني، حيث يرأس الحبر الأعظم قداساً صباح السبت، يتوقع أن يحضر نحو 28 ألف مؤمن مسيحي من المقيمين في قطر والدول الخليجية المجاورة.
في كنيسة القلب المقدّس، الكنيسة الأقدم في المنامة وحيث يلتقي البابا الكهنة العاملين في البحرين قبيل مغادرته الأحد، قال كاهن الرعية كزافيه ماريان داسوزا لفرانس برس “بعد كوفيد-19، إنه لفرح أن تعود هذه العائلة (المؤمنون في البحرين) “إلى الكنيسة، مضيفاً “سيمنحنا بالتأكيد بركته”.
ويأمل العامل الهندي جايسن دا سوزا أن تحمل زيارة البابا السلام إلى المنطقة.
وقال لفرانس برس “أعتقد أن الجميع يريدون أمراً واحداً، أن يفكر البابا في المنطقة.. وفي المصاعب التي يواجهها الناس هنا، وأن يصلي للسلام في المنطقة”.
وأضاف “لدينا الكثير من القضايا الجارية وأعتقد أن التفكر الرئيسي بشأنها يكون عبر جمع الناس معاً”.