وكالات - النجاح الإخباري - عقدت الجمعية العامة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أمس، مؤتمرها السنوي لمانحي الأونروا لأول مرة منذ بدء الجائحة العالمية كوفيد١٩.
وتأتي أهمية انعقاد هذا المؤتمر قبيل اعتماد ولاية الأونروا وتمديدها، حيث أجمعت الدول المانحة على أهمية دور الأونروا في تقديم الخدمات للاجئي فلسطين في كافة مناطق عملياتها وفق التفويض الذي أسند إليها من قبل الجمعية العامة، وأن لا استغناء عن الأونروا ولا بديل عن دورها الأساسي في توفير عيش كريم للاجئين، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي يشهدها العالم، إلى أن يتم تحقيق حلا سياسيا عادلا لقضيتهم.
وافتتح كل من: رئيس الجمعية العامة عبد الله شهيد (المالديف)، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرس هذا المؤتمر مؤكدين ضرورة استمرار دعم المجتمع الدولي للاجئي فلسطين من خلال تقديم الدعم السياسي والمالي للأونروا ومعالجة النقص المزمن في ميزانيتها العامة. وقدم كلاهما الشكر والتقدير لكافة الموظفين والعاملين في الأونروا على خدمتهم النبيلة وإخلاصهم وتفانيهم رغم تعريض حياتهم للخطر في كثير من الأحيان.
وقال شهيد إن قضية لاجئي فلسطين تعد واحدة من أطول القضايا المنظور بها في الأمم المتحدة، وهي لا تزال قضية ملحة وحيوية كما كانت في عام ١٩٤٨، حيث عانى لاجئو فلسطين بعد أن فقدوا أراضيهم ومنازلهم وسبل عيشهم لما يزيد عن ٧ عقود. وأكد أن الحل العادل محنتهم أمر حتمي لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة، ويقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية جماعية لإنهاء هذا الظلم والوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، بناءً على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وفي كلمته، طلب غوتيريش من ممثلي الدول والوفود الدبلوماسية الحاضرة أن تتخيل نفسها لاجئ فلسطيني فقد الأمل في حل سياسي قريب، ويرى تدهور الأوضاع الإقليمية والعالمية، ماذا كانوا سيفعلون. وأوضح أنه في السنوات الماضية، ازدادت احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، لكن الموارد انخفضت، مطالبا بضرورة وضع الأونروا على أساس مالي مستقر وتمويل كافٍ حيث يلجأ ملايين اللاجئين إلى الأونروا للتخفيف من معاناتهم ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يخذلهم.
وصرح أيضا أنه بينما تتطلب الحرب في أوكرانيا اهتمامًا دوليًا، يجب على المجتمع الدولي أيضًا أن ينتبه ويعمل على معالجة الأزمات العالمية الأخرى، بما في ذلك القضية الفلسطينية. مؤكدا أن الاستثمار في الأونروا يعني الاستثمار في الاستقرار في المنطقة والنهوض بالاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية وأهداف التنمية المستدامة للاجئي فلسطين، وبث الأمل في مستقبل أفضل حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لمحنتهم.
هذا وقدم المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني تقريره عن عمليات الأونروا في المناطق الخمس وعن مخرجات اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا الذي انعقد مؤخرا في بيروت، مؤكدا أن لاجئي فلسطين هم الأكثر عوزا في المنطقة وأن الأونروا بمثابة شريان الحياة لهم لما تقدمه من خدمات التعليم والصحة والإغاثة، خاصة في أوقات الطوارئ.
وقد شارك في هذا الاجتماع عدد كبير من الوفود، وكانت الغالبية من الدول والجهات المانحة الرئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وبريطانيا وألمانيا، والدانمارك وهولندا والسويد واستراليا ونيوزيلندا، وكان أيضا من بين المتحدثين كل من الصين وكوريا الجنوبية وماليزيا والمالديف وإندونيسيا ومصر والأردن وقطر والكويت وكوبا وتركيا ورومانيا وبولندا وفرنسا وفنلندا وأيسلندا وبلجيكا وغياب واضح لاسرائيل. وأكد كافة المتحدثين التزامهم الثابت والعميق اتجاه الأونروا وولايتها، والعمل على كل ما هو ممكن من أجل تقديم الدعم المالي اللازم للقيام بدورها وفق تفويض الجمعية العامة حتى تحقيق حل سياسي لقضية اللاجئين وفق القانون الدولي، فيما نوه بعض المتحدثين إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها قد تؤثر على قدرة المجتمع الدولي على سد العجز المالي بشكل كامل ولكن ذلك يجب ألا يكون سببا لإغفال معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة.
من جانبه رحب المراقب الدائم لدولة فلسطين رياض منصور بعقد هذا المؤتمر الهام وفيما جاء في بيانات والتزامات الدول المانحة، معتبرا ذلك دلالة هامة على مركزية قضية لاجئي فلسطين ومحورية دور الأونروا رغم كل محاولات التهميش السابقة. وأكد في الوقت ذاته أهمية الدعم السياسي ولكنه يجب أن يقترن بالدعم المالي لميزانية الأونروا لكي تفي بولايتها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين.
وألقت نائبة المراقب السفيرة فداء عبد الهادي كلمة دولة فلسطين في ختام المؤتمر آملة بأن يقابل هذا التضامن الدولي الذي يحتاجه اللاجئون لاستعادة الشعور بالاستقرار بالدعم المالي للأونروا.
وقالت أنه في غياب حل سياسي عادل، فإن التكهنات حول استمرارية الأونروا هي السبب الرئيسي للقلق العميق بين لاجئي فلسطين، لا سيما في قطاع غزة المحاصر، حيث وصل الفقر والبطالة لمستويات غير مسبوقة بسبب الحصار الإسرائيلي غير القانوني وغير الإنساني، وفي لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة هناك، فضلاً عن التوترات التي تشهدها المنطقة، مما يزعزع استقرار مجتمع اللاجئين والدول المضيفة في منطقتنا وخارجها.