وكالات - النجاح الإخباري - احتشد عدد كبير من المحتجين الإيرانيين الإثنين 13 يناير (كانون الثاني)، لليوم الثالث على التوالي في العاصمة طهران، وردد طلاب إحدى جامعات طهران هتافات "قتلوا نخبتنا واستبدلوهم برجال دين"، وسط غضب عام من اعتراف الجيش بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية الأسبوع الماضي.
ونشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر وجود العشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب في منطقة أخرى من طهران.
وكشفت فيديوهات أخرى محتجين يمزقون صوراً لقاسم سليماني ويرددون شعارات تطالب برحيل الزعيم الأعلى علي خامنئي وبإنهاء سلطة "الحرس الثوري". وأظهرت مقاطع أخرى الطلاب يهتفون "أميركا ليست عدواً للشعب الإيراني، عدونا هي إيران".
مواجهات واعتقالات
وفي سابقة من نوعها، تحدثت وكالات أنباء رسمية إيرانية عن تنظيم طلاب في جامعات طهران وقفات تضامنية مع أهالي ضحايا الطائرة المنكوبة، شهدت هتافات منددة بالسلطة.
وبحسب "اندبندنت" اعتقلت قوات الأمن الإيرانية عدداً من المتظاهرين بعد مواجهات عنيفة اندلعت في وسط طهران، أدت إلى سقوط عدد من الجرحى، بحسب تقارير أمنية، أشارت إلى اندلاع احتجاجات أمام مقر "الحرس الثوري" في مدينة آمل شمال إيران، استخدمت قوات الأمن الرصاص المطاطي لإنهائها.
ويرى نشطاء في تلك التطورات الأخيرة استكمالاً لشرارة الغضب التي عمت مدناً إيرانية في السنوات الثلاث الماضية"، بحسب وصفهم.
"ضبط النفس"
وقد أخذت احتجاجات عام 2019 في إيران طابعاً مختلفاً عن الأعوام السابقة، إذ بدأت بمطالب اقتصادية، ثم رفعت شعارات تندد بالطبقة الحاكمة وبـ"غياب الحريات السياسية والاجتماعية".
ومع انتشار فيديوهات توثق إطلاق النار الحي على المتظاهرين، أوضح قائد شرطة طهران الاثنين أنه تلقى توجيهات "بضبط النفس" في مواجهة التظاهرات الغاضبة ضد السلطات التي بدأت مساء السبت 11 يناير، وقال الجنرال حسين رحيمي في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي، إن "الشرطة عاملت الأشخاص الذين تجمعوا بصبر وتسامح، الشرطة لم تطلق النار على التجمعات لأن أمراً بضبط النفس أعطي للعناصر الأمنية في العاصمة".
ترمب يغرد
وللمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، غرد الرئيس الأميركي دونالد ترمب موجهاً رسالة للقادة في إيران يدعوهم فيها إلى عدم قتل المتظاهرين، مؤكداً أنه لا يأبه إذا قبلت إيران التفاوض مع الولايات المتحدة.
وكتب "مستشار الأمن القومي (اﻷميركي) روبرت أوبراين قال لي اليوم، إن العقوبات والتظاهرات ستخنق النظام الإيراني وتجبره على التفاوض. وفي الواقع، تفاوضهم لا يهمني. القرار متروك لهم، لكن لا يمكنهم امتلاك الأسلحة النووية ولا قتل المتظاهرين".
فرنسا ترغب في حماية الاتفاق النووي
وقال ترامب "إلى قادة إيران، لا تقتلوا متظاهريكم. لقد قتل واعتقل الآلاف على أيديكم، والعالم يراقب. وأهم من ذلك، الولايات المتحدة تراقب. أعيدوا الإنترنت واتركوا الصحافيين يتجولون بحرية. أوقفوا قتل الشعب الإيراني العظيم!".
وكان ترامب قد غرد في وقت سابق قائلاً "إلى الشعب الإيراني الشجاع صاحب المعاناة الطويلة... لقد وقفت معكم منذ بداية رئاستي وستواصل حكومتي الوقوف معكم. نحن نتابع الاحتجاجات عن كثب. شجاعتكم ملهمة".
وحصدت تغريدة ترمب أكثر 340 ألف إعجاب لتسجل رقماً قياسياً في تاريخ "تويتر". كما أعيد نشرها أكثر من 76 ألف مرة.
إلا أن متحدث باسم الحكومة الإيرانية رفض تغريدة ترمب قائلاً إن "الشعب الإيراني سيتذكر أنه قتل قاسم سليماني"، أما فيما يخص احتجاز السفير البريطاني لدى إيران باعتبر أن تصرفه "غير مقبول".
"من دون قيد"
أوروبياً، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين 13 يناير، عن رغبة باريس وموسكو المشتركة في حماية الاتفاق النووي الإيراني. في حين رأت الحكومة الألمانية أن التظاهرات في إيران يجب أن تجري "من دون قيود"، وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية خلال مؤتمر صحافي في برلين، أن "الشعب الإيراني يجب أن تكون لديه إمكانية الاحتجاج سلمياً وبحرية" مشيرةً إلى أن "الشعب يريد التعبير عن ألمه وبالطبع هناك غضب بعد الأحداث وكارثة حادث الطائرة الفظيعة".
وقالت الحكومة الألمانية إنها "قلقة جداً" ممّا يجري في إيران، لافتةً إلى أنها حصلت على مقاطع فيديو تُظهر تدخّل السلطات في الاحتجاجات. وأضافت المتحدثة باسم الخارجية "ندعو إذاً القوات الأمنية (الإيرانية) إلى التحلي بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس ونذكر بحق الإيرانيين في النزول إلى الشارع وبأن يحزنوا ويعبروا عن رأيهم".
إيران "تختنق"
كان أوبراين أعلن في تصريح تلفزيوني إن "حملة الضغط الأقصى التي تمارسها إدارة ترمب ناجحة... إيران تختنق ولن يكون أمامها خيار سوى الجلوس إلى طاولة المفاوضات".
وتابع "أعتقد أن النظام الإيراني يمر بأسبوع سيء للغاية"، مستشهداً بكارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية ومقدماً تعازيه للرئيس الأوكراني ولعائلات الضحايا"
وأضاف "هذا النظام يعاني من أقصى قدر من الضغط، ويعاني من عدم الكفاءة، وقد سئم الشعب الإيراني من ذلك".
وقال "أفضل ما يمكن أن نفعله للشعب الإيراني والعالم مواصلة حملة الضغط القصوى لضمان عدم حصول طهران على سلاح نووي، ووقف أنشطتها الإرهابية في المنطقة، ووقف برنامج الصواريخ الباليستية".
الرياضية كيميا علي زاده تغادر
وفي سياق متصل، تناقل مغردون إيرانيون تدوينة لكيميا علي زاده، لاعبة التايكواندو الشهيرة.
وتطرقت اللاعبة في تدوينة نشرتها على حسابها على انستغرام للأحداث الأخيرة قبل أن تعلن مغادرتها البلاد هرباً مما سمته بـ "نفاق النظام"، وأضافت "أنا واحدة من ملايين النساء المضطهدات في إيران، لقد ارتديت كل شيء طلبوه مني لكني لم أعد قادرة على تحمل نظام يستخدم الرياضيين لغايات سياسية ولا يقوم سوى بإذلالهم".
علقت وكالة "إسنا" شبه الرسمية على قضية كيميا بوصفها بـ "الصدمة للرياضة الإيرانية".
وقال نشطاء إن هجرة كيميا وغيرها من الرياضيين والكفاءات العلمية "هي نتيجة طبيعية لممارسات النظام المستبدة والقمعية".
وكيميا هي ثالث شخصية رياضية إيرانية بارزة تتوقف عن تمثيل بلادها في الشهور الماضية، وفقا لوكالة "رويترز".
تحذيرات واتهامات
على صعيد آخر، حذر إيرانيون من محاولات استغلال حادثة تحطم الطائرة الأوكرانية أو هجرة كيميا لتحقيق مكاسب سياسية.
وقال نائب وزير الرياضة الإيراني "لم أقرأ ما نشرته كيميا لكن على ما أعلم فقد كانت دوماً تقول إنها تريد استكمال دراستها في مجال العلاج الطبيعي".
بينما وصف مغردون الرياضية بـ "الخائنة" وأطلقوا وسوماً تدعم الحكومة الإيرانية وتهاجم بريطانيا والولايات المتحدة.
كما تناقلوا صوراً لتظاهرات تستنكر "تدخل السفارات الأجنبية" في شؤون الداخلية.
قضية استدعاء السفير البريطاني
وكان الأمن الإيراني قد احتجز أمس السبت، السفير البريطاني روب ماكاير لحوالى ثلاث ساعات بتهمة "التحريض ضد الحكومة".
غير أن السفير البريطاني نفى ذلك، قائلاً "لقد شاركت في وقفة تضامنية مع ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة. ومن الطبيعي أن أحضر تلك الوقفة فبعض الضحايا هم من البريطانيين". وأشار إلى أنه غادر المكان بعد خمس دقائق من ترديد هتافات مناهضة للحكومة.
وإثر الإجراءات الإيرانية، استدعت بريطانيا السفير الإيراني في لندن لإبداء اعتراضاتها القوية على احتجاز سفيرها في طهران، وفق ما أعلن متحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وأضاف المتحدث الاثنين "هذا انتهاك غير مقبول لاتفاقية فيينا ويجب التحقيق في الأمر... نسعى للحصول على تأكيدات من الحكومة الإيرانية بأن هذا لن يحدث مرةً أخرى أبداً".
وتباينت ردود الفعل حول احتجاز السفير البريطاني، إذ وصف مغردون تصرف السلطات الإيرانية بـ"الغباء السياسي" قائلين إنها وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من "التخبط والعبث".
في المقابل، دافع آخرون عن حق إيران في "حماية سيادتها وضمان أمنها" واتهموا السفير البريطاني بالتحريض على التظاهر".
طهران تنفي التكتم على قضية إسقاط الطائرة
وفي مستجدات حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، قال وزير خارجية أوكرانيا فاديم بريستايكو لوكالة "رويترز" إن الدول الخمس التي قُتل رعايا لها في الطائرة ستجتمع في لندن الخميس المقبل لبحث اتخاذ إجراء قانوني بشأن القضية. وأوضح بريستايكو، على هامش زيارة يقوم بها إلى سنغافورة الاثنين، أن الدول المعنية ستبحث التعويضات والتحقيق في الواقعة، واصفاً تصريح إيران بأن الطائرة حلّقت قرب موقع عسكري حسّاس بالـ"هراء".
طهران من جهتها نفت الاثنين أي محاولة "للتكتّم على قضية" إسقاط الطائرة عن طريق الخطأ. وقال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي في مؤتمر صحافي "في هذه الأيام الحزينة، وُجّهت انتقادات إلى مسؤولي البلاد وسلطاتها. واتهم بعض المسؤولين بالكذب وبمحاولة التكتم على القضية، فيما في الواقع، وبصراحة، لم يحصل ذلك". وأضاف "الحقيقة هي أننا لم نكذب. الكذب يعني تشويه الحقيقة عن قصد وعن علم. الكذب يعني التكتم على معلومات. الكذب يعني إدراك أمر ما وعدم قوله أو تشويه حقيقته".
وأكّد ربيعي أن "ما قلناه الخميس... كان مبنياً... على معلومات قُدّمت للحكومة كاملةً ولم تذكر وجود أي رابط بين الحادثة وإطلاق الصواريخ". وكانت هيئة الطيران المدني الإيرانية والحكومة نفتا الخميس والجمعة فرضية أن تكون الطائرة قد أسقطت بصاروخ، وهي فرضية أشارت إليها كندا الأربعاء، قبل أن تعودا وتعترفا بذلك صباح السبت.