وكالات - النجاح الإخباري - دعا الاتحاد الأوروبي، الجمعة 10 يناير (كانون الثاني)، إلى تحقيق "مستقل وذي مصداقية" بشأن حادثة تحطّم الطائرة الأوكرانية في إيران، والتي أسفرت عن مقتل 176 شخصاً كانوا على متنها.
وذكر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية شتيفان دي كيرسمايكر للصحافيين "من المهم جداً بالنسبة إلينا أن تأخذ التحقيقات شكل تحقيق مستقل وذي مصداقية يجري بشكل يتناسب مع قواعد منظمة الطيران المدني الدولي". وأبدى استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم "أي مساعدة ضرورية" في التحقيق، رافضاً الرد صراحةً على سؤال عمّا إذا كان الاتحاد على قناعة بقدرة إيران على القيام بتحقيق مستقل.
وانضم الجمعة وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك إلى مرجّحي سقوط الطائرة بصاروخ إيراني، قائلاً لصحافيين قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "من المرجّح فعلاً أن تكون الطائرة سقطت بصاروخ إيرانية". ورداً على سؤال عما إذا كان يجب فرض عقوبات على إيران، قال بلوك "الخطوات التالية تتوقّف على رد الفعل الإيراني (على نتائج تحليل مستقل)".
وأعلنت إيران أنها تريد تحميل بيانات الصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية، وذلك بعدما ذكرت كندا ودول أخرى أن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني ربما عن طريق الخطأ.
وقالت إيران، التي تنفي سقوط الطائرة وهي من طراز بوينغ 737-800 بسبب صاروخ، إن الأمر قد يستغرق شهراً أو شهرين لاستخلاص المعلومات من مسجلي الصوت وبيانات الطيران. وقالت إنها قد تطلب مساعدة روسيا أو كندا أو فرنسا أو أوكرانيا، إذا اقتضى الأمر.
أما التحقيق فقد يستغرق، وفق موقف إيران، عاماً أو عامين.
وصباح الجمعة، عرض التلفزيون الإيراني الرسمي مقطعاً لما قال إنه للصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية المنكوبة. ويظهر في المقطع، الذي نشره التلفزيون على الإنترنت، جهازان داخل صندوق خشبي قال التعليق المصاحب إنهما مسجل الصوت في مقصورة الطيارين وسجل بيانات الرحلة. وذكر التعليق الصوتي أن الصندوقين تعرضا لأضرار لكن من الممكن تحميل وحدة الذاكرة بهما وتحليلها. وتابع أن الصندوق الخشبي تم فتحه في منظمة الطيران المدني الإيرانية.
كيف سقطت الطائرة الأوكرانية؟
ووسط التضارب في المواقف بشأن سقوط الطائرة الأوكرانية في طهران، وترجيح أن تكون أُصيبت بأحد الصواريخ التي أُطلقتها إيران في اتجاه القاعدتين العسكريتين الأميركيتين في العراق، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن "شكوك" بشأن أسباب تحطم طائرة الركاب الأوكرانية بعيد إقلاعها.
وأعرب مسؤولون أميركيون عن ثقتهم بأن الطائرة أُسقطت بصاروخ إيراني استناداً إلى بيانات أقمار صناعية ومسؤولين بالحكومة. وأوضح أحدهم أنه وفقاً لبيانات الأقمار الصناعية فإن الطائرة التي أقلعت في رحلة إلى كييف حلقت لدقيقتين فقط بعد مغادرة طهران عندما رُصدت بصمة حرارة صاروخين أرض-جو أعقبه بسرعة انفجار بمحيط الطائرة.
وأعلنت الوكالة الأميركية المكلفة سلامة النقل، الخميس، أنها تلقت مذكرة من السلطات الجوية المدنية الإيرانية للتحقيق في أسباب تحطم طائرة البوينغ الأوكرانية بعيد إقلاعها من طهران الأربعاء.
وقالت الوكالة في بيان إنها "تواصل متابعة الوضع بشأن تحطم الطائرة وتقييم مستوى مشاركتها في التحقيق. كما في كل تحقيق شاركت فيه الهيئة الوطنية لسلامة النقل، لم تطلق الوكالة تكهنات حول أسباب" تحطم الطائرة.
وبموجب قواعد المنظمة الدولية للطيران المدني، اختارت الهيئة ممثلاً للتحقيق في هذه الكارثة التي أودت بحياة 176 شخصاً معظمهم من الإيرانيين والكنديين.
وكانت إيران دعت الولايات المتحدة لحضور التحقيقات في سقوط الطائرة الأوكرانية "باعتبارها موطن شركة بوينغ المُصنعة"، وفق ما أوردته وكالة أنباء فارس. في حين أوردت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أنه تمت دعوة "بوينغ كممثلة خلال التحقيقات دون تأكُد مشاركتها".
فرنسا ترفض التكهن وبريطانيا تنصح
لكن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، رفض التكهن بأسباب تحطم الطائرة، قائلاً "يجب قبل إطلاق التكهنات كشف الحقيقة في ظروف تتسم بالشفافية الكاملة، والطلب من السلطات الإيرانية فعل ذلك".
وأعلن، الجمعة، أن باريس مستعدة لتقديم خبرتها التقنية في التحقيق بشأن تحطم الطائرة.
ورداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية قال مكتب التحقيقات والتحليلات الفرنسي إنه "أُبلغ رسميا بالحدث من جانب إيران وحدد ممثلاً معتمداً للمشاركة في التحقيق".
أضاف المصدر أن هذا الإبلاغ "محض إداري ولا يمهد لأي طلب آخر من قبل السلطات الإيرانية".
في الأثناء، نصحت بريطانيا، الجمعة، عبر وزير الخارجية دومينيك راب، بعدم السفر إطلاقاً إلى إيران.
وقال رئيس الوزراء البريطاني جونسون إن "هناك معلومات تفيد بأن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني. قد يكون هذا غير مقصود... تواصل بريطانيا دعوة جميع الأطراف بشكل عاجل إلى خفض التوتر في المنطقة".
وتقدير الموقف ذاته صدر عن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إذ أعلن الخميس أن العديد من المصادر الاستخباراتية، بما في ذلك الكندية، تشير إلى أن الطائرة "أسقطت بصاروخ أرض-جو إيراني". وقال في مؤتمر صحافي "ربما لم يكن الأمر متعمداً".
وطلبت إيران من كندا تقديم معلومات لها.
أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فلم يستبعد، الجمعة، احتمال سقوط طائرة شركة الخطوط الدولية الأوكرانية في إيران نتيجة إصابتها بصاروخ. أضاف أنه سيتناقش الجمعة مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن التحقيق.
وأفاد وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو الجمعة بأن بلاده تسلّمت من مسؤولين أميركيين "معلومات مهمة" تتعلق بالطائرة. وقال عبر تويتر "التقينا أنا والرئيس فولوديمير زيلينسكي بممثلين عن الولايات المتحدة. حصلنا على معلومات مهمة سيحللها خبراؤنا".
أمّا روسياً، فذكرت وكالة "تاس" للأنباء نقلاً عن مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، اليوم الجمعة، أن موسكو لا ترى في الوقت الراهن أي أساس لاتهام إيران بالمسؤولية عن سقوط الطائرة الأوكرانية. وأضافت الوكالة أن ريابكوف دعا كبار المسؤولين في العالم إلى الامتناع عن الإدلاء بتصريحات علنية لحين تكشف المزيد من التفاصيل.
وتم تصنيع محركات الطائرة الأوكرانية من طراز بوينغ من قبل شركة "سي اف ام انترناشيونال" المشتركة بين الفرنسية "سافران" والأميركية "جنرال الكتريك".
ووقعت الكارثة التي أدت إلى مقتل 176 شخصا معظمهم من الإيرانيين والكنديين بعد إطلاق طهران صواريخ على قاعدتين يستخدمهما الجيش الأميركي في العراق.
ولا تملك سوى دول قليلة بينها الولايات المتحدة، وكذلك ألمانيا وفرنسا، إمكانيات تقنية لتحليل الصندوقين الأسودين.
وكان رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية علي عابد زاده صرح أن إيران يمكن أن تطلب مساعدة "فرنسا او دول أخرى" لتحليل بيانات الصندوقين اللذين عثر عليهما الأربعاء.
وقال إن "إيران وأوكرانيا تملكان وسائل تحميل المعلومات" التي يتضمنانها. واضاف "لكن إذا كانت هناك إجراءات تتطلب تخصصاً أكبر لاستخراج معلومات وتحليلها، فيمكن أن نفعل ذلك في فرنسا أو دول أخرى".
ووصل نحو خمسين خبيراً أوكرانياً الخميس إلى طهران للمشاركة في التحقيق وخصوصاً في فك شيفرة الصندوقين الأسودين للطائرة.
ألمانيا وإيران
وعادت طائرة ألمانية تابعة لشركة لوفتهانزا إلى فرانكفورت بعد ساعة من انطلاقها، الجمعة، نحو طهران. ووصف الشركة ذلك بالإجراء "الوقائي" لأسباب "امنية" في "المجال الجوي لمطار" العاصمة الإيرانية.
وكانت لوفتهانزا علّقت لساعات في الثامن من يناير كغيرها من شركات الطيران التحليق فوق إيران بعد الضربات الإيرانية على قاعدتين يتمركز فيهما جنود أميركيون في العراق.
وفي سياق متصل، أظهرت بيانات أولية من مكتب الإحصاءات الألماني تراجع صادرات ألمانيا إلى إيران نحو النصف في الأحد عشر شهراً الأولى من 2019 مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2018 بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.
وبين يناير ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، تراجعت الشحنات الألمانية إلى إيران 48.2 في المئة إلى نحو 1.3 مليار يورو (1.44 مليار دولار)، وفقا للأرقام. تستورد إيران من ألمانيا بالأساس الآلات والمنتجات الكيماوية والأغذية والأدوية.
وتراجعت واردات ألمانيا من إيران 54.7 في المئة إلى نحو 191 مليون يورو في الفترة ذاتها.