وكالات - النجاح الإخباري - جاء فوز المعارض التركي أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول بمثابة هدف قاتل في مرمى الرئيس رجب طيب أردوغان، من لاعب كرة قدم سابق.
وأعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، أن لجنة الانتخابات المحلية في إسطنبول دعت مرشح الحزب لرئاسة بلدية إسطنبول لتسليمه محضر تنصيبه رئيسًا للبلدية، لينتزع بذلك واحدة من أهم المدن التركية من قبضة "العدالة والتنمية" لأول منذ ربع قرن.
وأصدر الحزب بيانا، الأربعاء، جاء فيه "أن أكرم إمام أوغلو ومجموعة من القيادات الحزبية توجهوا إلى قصر جاغلايان العدلي للحصول على وثيقة تفويضه رئيسًا لبلدية إسطنبول".
وأظهرت نتائج الانتخابات المحلية في ولاية إسطنبول حصول مرشح الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو على 4 ملايين و169 ألفا و765 صوتا، مقابل حصول مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و156 ألفا و36 صوتاً.
وبتلك النتائج، تغلق لجنة الانتخابات الباب نهائيا في وجه الرئيس رجب طيب أرودغان الذي سعى طيلة الأيام الماضية منذ ظهور نتائج الانتخابات البلدية، وخسارة حزبه لأحدى أكبر وأهم المدن التركية لسرقة بلدية إسطنبول.
ومنذ إعلان نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في 31 مارس/آذار، وخسارة حزبه في ضربة أفقدته توازنه، بدأ على الفور الطعن في نتائج الانتخابات، والمطالبة بإعادة فرز الأصوات، ووصل حد جنونه المطالبة بإلغاء الانتخابات في إسطنبول، إلا اللجنة العليا للانتخابات رفضت لتنهي، الأربعاء، آمال أردوغان، وتدعو مرشح المعارضة الفائز أكرم إمام أوغلو لتسليمه البلدية.
بحسم حزب الشعب الجمهوري المعارض نتائج إسطنبول لصالحه، ينجح إمام أوغلو في إنقاذ القلب الديموغرافي والاقتصادي للبلاد من هيمنة أردوغان، خاصة أن منافسه كان رئيس الوزراء السابق بن علي يلديريم المقرب من أردوغان.
تاريخ جديد لإسطنبول
ولكن من هو حاكم إسطنبول الجديد الذي انتزع إدارة المدينة التي بقيت في يد أردوغان منذ عام 1994؟،
يعد أكرم إمام أوغلو من النجوم الصاعدين في سماء السياسة التركية، وينتمي إلى جيل الشباب، وولد في مدينة طرابزون عام 1970.
وبعدما أنهى المرحلة الثانوية بالولاية التي ولد بها، تخرج من قسم إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية في جامعة إسطنبول قبل حصوله لاحقا على درجة الماجستير من قسم الإدارة والموارد البشرية بجامعة إسطنبول.
وفي عام 1992، بدأ حياته العملية من خلال العمل في شركة العائلة الناشطة بمجال الإنشاءات، ثم تولى منصب رئيس مجلس إدارتها في مرحلة لاحقة.
وخلال سنوات الدراسة، لعب كرة القدم كهاوٍ، وتولى منصبا إداريا في عدد من النوادي الرياضية مثل طرابزون سبور وبيلك دوزو سبور.
وبرز اسمه بالمشهد السياسي في 16 سبتمبر/أيلول 2009، عندما أصبح رئيسا لمقاطعة تابعة لحزب الشعب الجمهوري، ثم رشحه الحزب خمس سنوات إثر ذلك لمنصب عمدة بلدية بيليك دوزو، وفاز بها.
فوز إمام أوغلو منحه أهمية سياسية كبيرة، وجلب الأنظار إلى حزبه في بيليك دوزو، بفضل سياساته المعتمدة على التوسع الحضاري وتزيين الشوارع وإقامة أماكن حضارية مميزة لجذب الشركات للاستثمار، في إنجازات سرعان ما وضحت ملامحها وأثارت الإعجاب.
وفي ديسمبر/كانون أول الماضي، أعلن إمام أوغلو أنه طلب لقاء أردوغان غير أن الأخير لم يستجب، رغم أنه أراد تخصيص اللقاء لمناقشة سبل تنمية مدينة إسطنبول والنهوض بها.
تصريحات أوغلو شكلت إحراجا كبيرا للرئيس التركي ولحزبه، وأثارت ردود فعل واسعة، حتى إن تقارير إعلامية وصفت طلب المعارض بـ"اللكمة القوية" بوجه أردوغان، مرجحة أن تلك الحادثة كانت من بين الأسباب التي أسهمت في تقليل حظوظ يلدريم في انتخابات البلدية.
حزب الشعب الجمهوري المعارض قدم مرشحا من العيار الثقيل، ويلاقي القبول لدى سكان إسطنبول الملمين بإنجازاته، والمتطلعين إلى تغيير حقيقي شامل، فعزف على وتر تذمر أغلبية الناس من أتباع أردوغان، وضرب في عمق الأحداث.
ورغم تفادي حزب أردوغان، المتحالف مع حزب الحركة القومية التركي المتشدد، استفزاز الناخبين الأكراد خلال الحمة الانتخابية، لكن هذا التحالف كان كفيلاً بخسارة الصوت الكردي لصالح إمام أغلو بكثافة.
وامتنع حزب الشعوب الديمقراطية الموالي للأكراد عن تقديم مرشحين له في إسطنبول وأنقرة وغيرها من المدن الكبرى التي لا يمثل الأكراد فيها أغلبية السكان، وبالتالي ذهبت أصواتهم للمعارضة.
وفي آخر تغريدة، قال إمام أوغلو: "الفائز في الانتخابات هم أبناء إسطنبول كلهم، وآمل في خدمة المدينة كلها بأسرع ما يمكن".
وبفوز إمام أوغلو، الذي يحظى بإجماع أبرز تشكيلات المعارضة التركية، يتبين أن انتقال بلدية إسطنبول إلى معسكر المعارضة ينذر بقرب أفول الحزب الحاكم وسط الأزمات السياسية المتلاحقة، إلى جانب تفاقم التدهور الاقتصادي.
المصدر: العين الإخبارية