النجاح الإخباري - تفتتح الروبوت "أيدا"، معرضها الشخصي يوم 12 حزيران/ يونيو 2019 في بارن غاليري بكلية سانت جونز التابعة لجامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، وتبدو "أيدا" كأي فنان يدرس ما سيبدعه قبل أن يشرع في الرسم باستخدام الورقة والقلم، مرتدية وزرة بيضاء وشعرها الأسود ينسدل على كتفيها، غير أن الصفير الصادر من ذراعها الآلية يكشف سرها فهي مجرد روبوت.
وتوصف" أيدا" بأنها "أول روبوت فنان في هيئة إنسان، يعمل بالذكاء الصناعي في العالم"، أول معرض فني لها ليضم 8 رسومات و20 لوحة و4 أعمال نحتية وغيرها، بحسب ما ذكرت وكالة. وقال مخترعها البريطاني، صاحب صالة العرض إيدن ميلر، إن أيدا تقدم "صوتاً جديداً" لعالم الفن.
وأضاف ميلر في أثناء عرض تمهيدي: "الصوت التكنولوجي هو الشيء المهم الذي يستحق التركيز عليه لأنه يؤثر في الجميع".
وتابع ميلر: "لدينا رسالة واضحة للغاية نود أن نستكشفها وهي استخدام وإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي اليوم، لأن العقد الحالي يشهد تحولاً كبيراً ونحن قلقون بشأن ذلك، ونريد أن نضع الاعتبارات الأخلاقية في كل ذلك".
يمكن للروبوت أيدا، التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى عالمة الرياضيات الرائدة البريطانية في مجال الحاسوب "آدا لوفليس"، أن ترسم بالنظر بفضل كاميرات في مقلة العين، وخوارزميات للذكاء الاصطناعي طورها علماء بجامعة أوكسفورد تساعدها على إرسال إحداثيات لذراعها لإبداع أعمال فنية.
وتتعرف الكاميرات على الملامح البشرية، وتتمكن الروبوت أيدا من التواصل البصري وتتبع الأشخاص ببصرها، وتقليد من يقف أمامها بفتح أو غلق فمها، وإذا اقترب شخص منها بدرجة كبيرة فإنها ترجع إلى الوراء وهي تطرف بعينيها تعبيراً عن الشعور بالصدمة.
وقال أندرو كونرو، الفنان والمهندس ومؤسس معرض روبوآرت، لموقع مرصد المستقبل "رى أن الروبوتات ستستخدم على المدى القصير في إنتاج الأعمال الفنية الرقمية، خاصةً التي تتضمن تفاصيل كثيرة أو عناصر متكررة".
ولا يرى النقاد أن الروبوتات أو الخوارزميات ستحل محل الفنانين المبدعين، بل ينظرون إلى الأعمال الفنية التي تنتجها الآلات وكأنها تشبه اختراع الكاميرا، حين أصبح التصوير الفوتوغرافي فرعًا جديدًا من الفن ينتج صورًا تختلف عن لوحات الرسامين.
ولم يعتزل الرسامون العمل عندما انتشرت الكاميرات، ولذا يرى كورنو أن الأعمال الفنية الروبوتية والبشرية ستعيش معًا، فلكل منها مهارات وأساليب مختلفة، وقال "نستفيد جميعًا عندما نرى عملًا جميلًا"
وما زال الذكاء الاصطناعي وتقنية الروبوتات بحاجة إلى مزيد من التطوير قبل أن تواجه الاحتجاجات المناوئة لها أو نرى مشهدًا مماثلًا لتناول آندي وارهول وجبة برجر أمام الكاميرات، وحاليًا تتفوق أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالات محددة، لكنها ليست كيانات واعية، ما يعني أننا لا نملك حاليًا تقنية تنافس بول جوجان أو سالفادور دالي كي نحجز ستوديو ونتعاون مع آر2-ديجاس وبول-كليبو كي نرسم لوحة جديدة.
وتنتج هذه الخوارزميات والأذرع الروبوتية صورًا لكنها لا تستطيع تقدير قيمتها، ويرى كورنو أن الفنانين أو المهندسين قادرين على تطوير أدوات تقنية جديدة يستخدموها في إنتاج أنماط فنية جديدة.
وتعمل الروبوتات حاليًا على رسم أعمال فنية مشابهة للأعمال القديمة المشهورة، كما يقدم معرض روبوآرت مجموعة مدهشة من الأعمال الفنية توضح مدى تطور الخوارزميات وأنظمة الأندرويد التي أنتجها المطورون، وأعلن المعرض الدولي الأول سنة 2018، عن أفضل 10 فرق ومنحها جوائز مالية، واستخدمت الفرق أساليب مختلفة ما يظهر أنه توجد طرائق مختلفة لاستخدام الروبوتات في إنتاج الأعمال الفنية، وفاز فريق كلودبينتر بالمركز الأول، واستخدم نظام التعلم الآلي كي ينتج أعمالًا فنية حية وجذابة.
وفاز فريق جامعة كاسيتسآرت التايلاندية بالمركز الثالث، وبنى الفريق روبوت يستطيع محاكاة الفنانين، إذ يسجل الروبوت وضع الفنان وحركته والقوة التي يحرك بها فرشاة الرسم بدقة ثم يعيد رسم اللوحة، واستخدمت بعض الفرق خوارزميات الذكاء الاصطناعي كي تنتج الصور، وأنتجت فرق أخرى روبوتات مصممة كي تمزج مجموعة من الأعمال الفنية أو ترسم لوحات مماثلة للوحات التي يرسمها البشر.
أسئلة عميقة تطرح على قضايا الفن، جراء انتاج روبوتات تتيح رسم أعمال بطريقة آلية، هل يمكن نسبتها لعالم الفن؟ وهل هي بداية انسحاب مشاعر الإنسان من اللمسة الإنسانية، وبداية تشيئ الفن.