النجاح الإخباري - تتبع الجيولوجيون التقلبات الحاصلة في المجال المغناطيسي للأرض خلال الألفي سنة الماضية، واستنتجوا ان الانقلاب المقبل لن يكون في موقع عشوائي، بل في "نقطة سحرية" بجنوب أفريقيا.
يقول جون تاردونو، من جامعة روتشيستر الأمريكية، في مقال نشر في مجلة Geophysical Research Letters: "إننا نعلم الآن أن سلوك هذه النقطة كان غير اعتيادي عدة مرات على الأقل قبل بداية إضعاف المجال، وأن هذا السلوك هو جزء من التقلبات طويلة الأمد لقطبي الأرض. لكننا لا نستطيع التأكيد حاليا على أن هذه التقلبات ستؤدي إلى انقلاب تام أم لا".
وكان تاردونو وفريقه العلمي قد توصلوا إلى اكتشاف مدهش، عندما اكتشفوا شذوذ مغناطيسي غير اعتيادي في جنوب أفريقيا على ضفة نهر ليمبوبو، حيث انخفضت قوة المجال المغناطيسي عدة مرات بصورة حادة خلال القرون الـ 16 والـ 18 الميلادي، ما يشير إلى أن انقلاب قطبي الأرض لا يحدث عفويا، وإنما في نقاط ذات خصائص شاذة.
دفع هذا الاكتشاف الفريق إلى التحقق فيما إذا كان القطب المغناطيسي للأرض قد انقلب أم لا في هذه اللحظة في العصور القديمة أو الوسطى والقرنين الأخيرين، ومن أجل ذلك استخدم الجيولوجيون نفس الأسلوب الذي ساعدهم في اكتشافهم المدهش.
وقد أثار انتباه العلماء تقاليد قبائل البوشمان في تنظيف مستوطناتهم من "الأرواح الشريرة" والحشرات، حيث اكتشفوا أن هناك أسباب عرضية بعيدة عن العقيدة، فعندما كان البوشمان يحرقون منازلهم وحظائر الحيوانات والمباني الأخرى، كانوا يسجلون المعلومات عن قوة قطبي المجال المغناطيسي للأرض، وخصائصه الأخرى في الترسبات الطينية التي تقع عليها مساكنهم.
ويذكر أن معظم صخور الأرض، ومنها الطين تحتوي على ذرات عنصر الحديد، ومكورات تحتوي على هذه الذرات، تكشف اتجاه المجال المغناطيسي للأرض، وقوته في تلك اللحظة. إن تسخين الطين إلى درجة حرارة معينة يؤدي إلى فقدان جميع المعلومات "المسجلة" فيه، وتظهر معلومات حديثة.
أمضى الفريق سنتين في البحث عن المستوطنات القديمة والحديثة نسبيا لقبائل البوشمان، وحصلوهم على ألواح طينية من هناك، وتمكنوا من رسم خارطة تطورات الشذوذ المغناطيسي من القرن الـ 4 وحتى القرن الـ 18 الميلادي.
اتضح للعلماء ان المجال المغناطيسي للأرض ضعف في هذه النقطة ثلاث مرات، كان أولها فترة سقوط الامبراطورية الرومانية في القرون 400-450 ميلادي، وفي بداية ونهاية العصور الوسطى، وفي بداية القرن الثامن والفترة بين أعوام 1225-1550 . ويعتقد العلماء أن هذا الضعف يرتبط ارتباطا وثيقا بالضعف العام للمجال المغناطيسي للأرض، الذي لوحظ في الـ 160 سنة الأخيرة.