النجاح الإخباري - يعد المبنى رقم 8  في شركة فايسبوك الأكثر سرية وغموضًا، فلا أحد يعرف ماذا يدور وراء أبوابه المغلقة، ويدور الحديث عن مشروعين سيغيران الكثير في حياة البشرية عبر السنوات المقبلة، إذ يعكف فريق من المهندسين المبدعين في المبنى المشار إليه، على تحويل الخيال العلمي إلى واقع، عبر تطوير تقنيات تسمح بالاستماع من خلال الجلد، ليس هذا فحسب بل الكتابة من خلال الدماغ مباشرة، وبالتالي منح المستخدم قدرة التواصل مع الآخرين عبر الأفكار دون التحدث. اي خلق وسائط تخاطب صامتة !

وتحدثت ريغينا دوغان، مسؤولة فريق المهندسين المسؤولين عن هذا المشروع في الشركة خلال مؤتمر عقد العام الفائت في كاليفورنيا، كاشفة أن الشركة تريد "فك تشفير الكلام" ليتمكن جميع الأفراد من الاتصال باستخدام موجاتهم الدماغية.

وكتبت على صفحتها على فايسبوك سؤالين طرحهما المطورون في الشركة: ماذا لو كان بالإمكان أن تكتب مباشرة من دماغك، وماذا لو سمعت بجلدك؟

وحسب التقديرات فاننا ذاهبون نحو تقنية ستثبت القدرة على الكتابة على الشاشة عبر التفكير فقط، وهذه الالية ستوفر وقتا وجهدا، فالدماغ ينتج 1 تيرابايت في الثانية بينما نحن قادرون من خلال الكلام على نقل 100 بايت في الثانية فقط. بمعنى في حال نجحت فايسبوك في تقنيتها الجديدة، فسنتمكن من الكتابة بعدل 100 كلمة في الدقيقة - أي أسرع 5 مرات من قدرتنا على الطباعة على الهواتف الذكية اليوم - من خلال فك النشاط العصبي للخطاب.

فالعقل البشري ينتج كما كبيرا من الأفكار كل دقيقة بينما يتمكن الشخص من نشر بعض هذه الأفكار على شكل كلمات ملفوظة، والتقنية الجديدة ستتيح نشر الأفكار وقت تبلورها.

وقد يكون هذه الأمر مريبا لدى البعض، لكن ما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي سيغدو حقيقة بعد هذه القفزة الكبيرة في علم الأعصاب.

ليس هذا فحسب، بل أن مهندسي فايسبوك يسعون بحسب - دوغان مسؤولة وحدة التطوير في فايسبوك- على توفير تقنية السمع عبر الجلد، وتقول دوغان: لدينا مترين مربعين من الجلد على جسدنا مليئين بأجهزة استشعار متصلة بالدماغ.. وبالتالي فنحن استوحينا الفكرة من لويس بريل الذي اخترع نظام كتابة للمكفوفين من خلال تفسير رموز نافرة.

وعليه تسعى الشركة التي أسسها مارك زوكربيرج على تطوير تقنية جديدة تسمح للناس بالسمع من خلال بشرتهم عبر نظام من الذبذبات vibrations.

فقد بُنيَت نماذج من أجهزة وبرامج تسمح للجلد بتقليد قوقعة الأذن التي تترجم الصوت إلى ترددات محددة في الدماغ، ما سيسمح للمولودين الصم بالسمع من جلودهم، لا من آذانهم.

أما كيف يجري ذلك؟ فقد بنى الباحثون في فايسبوك جهازاً مع 16 محركاً موصولاً به وربطوه بذراع أحد المهندسين، فيما كتب مهندس آخر 9 كلمات على حاسوبه. شعر المهندس بذبذبات على ذراعه تتوافق مع الكلمات الموجودة على الحاسوب، وكان قادراً على تفسير ما يريده المهندس الآخر. للقيام بذلك، يأخذ الباحثون كل كلمة ويقسمونها إلى مكونات ترددها (أي الترددات التي تتألف منها)، ومن ثم يرسلون هذه الترددات إلى المحركات على الذراع، وعوض نقل الإشارة من القوقعة إلى الدماغ تُنقل الإشارة من الجلد إلى الدماغ.

في النهاية، ترغب شركة فايسبوك بتمكين الأشخاص من التفكير بشيء وإرسال تلك الفكرة إلى جلد شخص آخر. بالإضافة إلى تمكينهم من التفكير بشيء بلغة، وتلقي شخص آخر تلك الفكرة بلغة مختلفة كليًا.

هذا غيض من فيض، فالتكنولوجيا تتسارع بشكل مريب. فمن يدري ماذا سيحدث خلال الأعوام القليلة المقبلة !