نابلس - النجاح الإخباري - تشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا تتسبب في نفايات طبية لا تقل عن 7 آلاف و299 طنا يوميا، وتتكون معظمها من كمامات وجه من النوعية التي تستخدم لمرة واحدة، بل حتى مع تراجع حدة الجائحة في بعض دول العالم؛ ما زال من المتوقع أن يستمر العاملون في الحقل الطبي في ارتداء هذه الكمامات معظم أوقات عملهم.
وكشفت دراسة حديثة أجراها "معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا" (Massachusetts Institute of Technology) لبحث الآثار المالية والبيئية لاستخدام أنواع كمامات الوجه المختلفة، أنه من الممكن خفض هذه التكلفة بشكل كبير عن طريق استخدام أنواع الكمامات التي يمكن ارتداؤها أكثر من مرة.
وأثبتت هذه الدراسة أن تعقيم الكمامات من نوعية "إن 95" -بحيث يستطيع العاملون في مجال الصحة استخدامها لأكثر من يوم واحد- يمكن أن يخفض من الأضرار البيئية والمالية لهذه الكمامات بنسبة 75% على الأقل، مقارنة باستخدام كمامة جديدة عند التعامل مع كل مريض.
ويقول جيوفاني ترافيرسو -طبيب الجهاز الهضمي والباحث بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا- إن استخدام وسائل حماية قابلة للاستخدام أكثر من مرة لن يؤدي فقط إلى خفض كبير في النفقات، بل أيضا سوف يحد من النفايات بشكل ملموس.
وخلصت الدراسة -التي أوردتها الدورية العلمية الطبية "بريتيش ميديكال جورنال أوبن" (British Medical journal Open)- إلى أن استخدام كمامات وجه من نوعية "إن 95" مصنوعة من مادة السيليكون قد يساعد في خفض أكبر في كمية النفايات الطبية. ويعكف ترافيرسو وفريقه البحثي على تطوير مثل هذه الكمامات التي لا تتوفر في الأسواق بالوقت الحالي.
وفي المراحل الأولى من تفشي كورونا، كان هناك نقص في كمامات "إن 95″، واضطر العاملون بالمجال الطبي في كثير من المستشفيات إلى ارتداء كمامة وجه واحدة طوال اليوم بدلا من تغيير الكمامة عند التعامل مع كل مريض، وفي وقت لاحق، بدأت بعض المستشفيات باستخدام أنظمة لتعقيم الكمامات بواسطة بخار مادة بيروكسيد الهيدروجين، وهو ما كان يسمح بارتداء الكمامة الواحدة لعدة أيام.
آثار بيئية
وبدأ ترافيرسو وزملاؤه العام الماضي في تطوير كمامات "إن 95" قابلة لإعادة الاستخدام مصنوعة من السيليكون ومزودة بمرشح للهواء يمكن تغييره أو تعقيمه بعد الاستخدام، وكانت هذه الكمامات مجهزة بحيث يمكن تعقيمها بالسخونة أو المبيضات من أجل استخدامها أكثر من مرة.
ويقول ترافيرسو -في تصريحاته التي أوردها الموقع الإلكتروني "ساي تيك ديلي" (SciTechDaily) المتخصص في العلوم والتكنولوجيا- إن "رؤيتنا كانت تتمثل في أنه إذا كانت لدينا منظومة لإعادة استخدام الأقنعة، فإنه من الممكن أن نخفض التكلفة"، مضيفا أن الغالبية العظمى من كمامات الوجه التي تستخدم لمرة واحدة لها تأثير ملموس على البيئة؛ حيث إنها تستغرق وقتا طويلا للغاية كي تتحلل.
وأثناء الجائحة، تتركز الأولوية على حماية البشر من الفيروس، وبالطبع هذه المسألة تظل هي الأولوية، ولكن على المدى الطويل علينا أن نتدارك الأمر ونفعل الصواب، ولا بد أن نفكر بجدية في تقليل الآثار السلبية لهذه الكمامات على البيئة.
وفي إطار الدراسة، قرر الفريق البحثي في معهد "ماساشوسيتس" اختبار أكثر من سيناريو لاستخدام كمامات الوجه أثناء الجائحة، بما في ذلك ارتداء كمامة "إن 95" للتعامل مع كل مريض على حدة، أو ارتداء كمامة واحدة على مدار اليوم، أو إعادة استخدام الكمامة بعد تعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو بيروكسيد الهيدروجين، وأخيرا استخدام قناع جراحي واحد على مدار اليوم.
وأظهرت التحليلات أنه إذا ما استخدم كل شخص يعمل في المجال الطبي بالولايات المتحدة كمامة وجه جديدة من نوعية "إن 95" عند فحص كل مريض خلال الشهور الستة الأولى من تفشي الجائحة؛ فإن إجمالي عدد الكمامات المطلوب سوف يصل إلى 7.4 مليارات كمامة بتكلفة تبلغ 6.4 مليارات دولار، وسوف ينتج عن ذلك 84 مليون كيلوغرام من النفايات.
أما في حالة تطبيق إستراتيجية استخدام كمامات الوجه القابلة للاستخدام أكثر من مرة، فقد توصل فريق الدراسة إلى أن ذلك سيؤدي إلى خفض ملموس في التكلفة وحجم النفايات، حيث إنه إذا ما استخدم كل عامل رعاية صحية كمامة "إن 95" مستعملة بعد تعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو بيروكسيد الهيدروجين، فإن التكلفة سوف تنخفض إلى ما بين 1.4 مليار و1.7 مليار دولار خلال 6 أشهر، مع تراجع حجم النفايات إلى ما بين 13 و18 مليون طن.
وتؤكد جاكلين تشو -وهي طبيبة في مستشفى ماساشويتس العام- أن "كمامات الوجه جاءت لتبقى خلال المستقبل المنظور، وبالتالي من الضروري دمج عامل الاستدامة في استخدامها هي وغيرها من وسائل الحماية الشخصية الي تؤدي إلى تفاقم مشكلة النفايات الطبية".
وبالرغم من دور حملات التطعيم في الحد من انتشار فيروس كورونا، يرى ترافيرسو أن الأطقم الطبية سوف تستمر على الأرجح في استخدام كمامات الوجه خلال المستقبل القريب للوقاية، ليس فقط من فيروس كورونا، ولكن من باقي أمراض الجهاز التنفسي مع الإنفلونزا.