النجاح الإخباري - بعض المتخصصين يرون في العاب الفيديو خطرًا على صحة الأطفال والمراهقين، لا سيما في غياب ترشيد استعمالها.
بعد أن غزت الشاشات عالم الكبار، انتقلت عدواها إلى الصغار عبر ألعاب الفيديو التي تتفنن الشركات العملاقة في تنويع منتجاتها لكسب المزيد من الهواة، حتى بات بعض المتخصصين يرون فيها خطرا على صحة الأطفال والمراهقين، لا سيما في غياب ترشيد استعمالها.
نقول بعض، لأن ثمة من يعتبرها سندًا لنمو تلك الشرائح العمرية، ووسيلة تجمع بين الترفيه واكتساب المعرفة، وفي الأقل الاستئناس بها لتنمية المدارك والقدرات.
هذه مثلًا عالمة النفس الأميركية باتريسيا غرينفيلد تستخلص من بحوث امتدت زهاء خمسة عشر عامًا أن ألعاب الفيديو تنمي الإدراك والذكاء الاستنتاجي، وتقلب علاقة النشء بالمعرفة، إذ صار الطفل، وحتى اليافع، يتعلم وهو يمارس لعبته، ما يحيلنا على مقولة ابن خلدون “علّموا الأطفال وهم يلعبون”.
وقد أيدها في ما ذهبت إليه عالم التحليل النفسي الفرنسي ميكائيل ستورا الذي درج على استعمال ألعاب الفيديو في تعامله مع المراهقين، ففي رأيه أن تلك الألعاب ضرورية لتطوير القدرات الذهنية وفتح الآفاق المعرفية والتمرس بالمواظبة، وأنها وسيلة فعالة لتوجيه غرائز المراهقين وإحباطاتهم، إذ غالبًا ما يكونون مدعوين إلى الامتثال للنظام، والانصياع لقواعد لا يفهمونها، ما يجعل ألعاب الفيديو أشبه بصمام أمان يمكّنهم من تخفيف الضغط.
وما اعتراض الأولياء عليها إلا لكونهم لم يعرفوها في صغرهم، أو أن أبناءهم لم يحذوا حذوهم في علاقتهم بأبطال الخرافات والأساطير التي نشؤوا عليها.
ورغم كل تلك الآراء، قامت منظمة الصحة العالمية لأول مرة بإدراج علة جديدة هي “الاضطراب الناجم عن ألعاب الفيديو” في تصنيفها العالمي للأمراض، واستندت في تحديد تلك العلة إلى معايير ثلاثة: أولها فقدان السيطرة أي عدم القدرة على التوقف عن اللعب. وثانيها فقدان الاهتمام بأنشطة أو وسائل ترفيه أخرى.
وثالث تلك المعايير مواصلة اللعب رغم آثاره السلبية على الإطار العائلي، والاجتماعي، والمهني خلال اثني عشر شهرا على الأقل. ما يدل أن مبدأ الألم هنا يحتل موقعا مركزيًا، وأن الاضطراب يصبح أمرا مفعولا حين تفقد لعبة الفيديو صفة المتعة لتصبح ضرورة، تماما كحال الإدمان على منتج ما.
وقد احتد الجدل حول هذه النقطة، فبعض المتخصصين ينزّلون الاضطراب في خانة الإدمان السلوكي، أي تلك الممارسات التي يأتيها الفرد يوميا حتى تغدو لديه عادة لا ينقطع عنها، فيما يصر فريق آخر على الحديث عن “الاستعمال الإشكالي” لألعاب الفيديو، لأن الإفراط في اللعب في نظرهم ليس سوى الجزء الطافي من اضطراب كامن أشدّ خطورة، كالإحباط أو الفوبيا الاجتماعية.