رام الله - النجاح الإخباري - أطلق رئيس المكتبة الوطنية عيسى قراقع، اليوم الثلاثاء، كتابه الجديد، والذي يحمل عنوان "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي".
وجاء الكتاب في 444 صفحة من القطع المتوسط، وصدر عن مكتبة "كل شيء" في حيفا، وحمل غلافه لوحة أعدها الفنان التشكيلي الفلسطيني يوسف كتلو.
ووقع قراقع نسخا من الكتاب في حفل نظمه نادي الأسير واستضافته بلدية البيرة، وحضره لفيف من المثقفين والأدباء والكتاب وأسرى محررين.
وقال إن إصداره الأدبي الجديد، يضم نصوصا تشكل ترجمة لما خالجه من مشاعر وأحاسيس إزاء قصص حقيقية لشهداء وأسرى ومواطنين من أبناء شعبنا، ممن وقعوا ضحية لانتهاكات الاحتلال وجرائمه.
وأضاف: "أنا لا أصنف نفسي ككاتب محترف، ولكن ألجأ للكتابة عندما استشعر ضرورة توثيق تجارب أناس حقيقيين مهمشين، قد يكون هناك من لم يسمع بقصصهم بعد. كتبت عن أم شهيد كلمت جثمان نجلها، وشقيقة شهيد أصبحت تكره الصور، ووالدة أسير أنكرت ابنها الذي خرج لتوه من السجن، وعن مناشدة لم تجد آذاناً صاغية".
وحول اختيار عبارة "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي" كعنوان للكتاب، أوضح قراقع أنه استلهمها من مسألة النطف المهربة التي تتفرد فلسطين بها عالميا، حيث تتجلى معاني الإرادة والحياة من تمكن الأسير المحكوم بالمؤبد في سجون الاحتلال من صناعة عائلة وأن يرزق بأطفال يحملون اسمه ويتمكنون من زيارته في المعتقل.
وتابع: "هذه الأسطورة الفلسطينية يجب أن يكتب الكثير من النصوص والكتب عنها. هي ثورة الحب والإصرار على الحياة برغم السجن والجدران.
وخلال تقديم الكتاب، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس إن الكتاب يمثل فصلا من الانتاجات الأدبية لقراقع، صاحب التجربة العريقة والطويلة في العمل والنضال ضمن الحركة الأسيرة الفلسطينية الرائدة والفريدة.
وأضاف "قبل أربعين عاما، وعندما كنا أسرى لدى الاحتلال في سجن رام الله، كان عيسى قراقع يمرر لي في الفورة أوراقا تحمل بعضا من النصوص التي يكتبها، وآنذاك كنت أظنه ما زال صغيرا على الكتابة فهو لم يصل الخمسين من العمر بعد، ولم أكن جادا في التعاطي مع ذلك، ولكن بعد العودة إلى الغرف كنت أجد نصوصه منمقة وعميقة وفيها من الإثارة ما يجبرك على متابعته قدما في القراءة".
وأشار إلى أن قراقع كان يتمتع بكل أدوات القياس الأساسية للبطولة في المعتقلات، وفي مقدمتها الثقافة والالتزام، وهذا أهّله لكي يلعب دورا في رفع مستوى المعرفة داخل السجون، وعمل خلال فترة الاعتقال على تطوير ذلك عند غيره من الأسرى.
من جانبه، أكد الشاعر والأديب المتوكل طه، في تقديم الكتاب، أن ما كتبه قراقع من سرديات وقصص وخواطر وقصائد، تؤهل الكتاب لأن يكون كتاب العذاب وكتاب الإصرار والأمل.
وأضاف أن من يريد قراءة الحياة الفلسطينية، في اشتباكها الصعب والشرس مع الاحتلال، سيجد ضالته في صفحات كتاب قراقع، التي تمور بحكايات مستحيلة، تصل في معظمها إلى ذروات اللامعقول، حتى تكاد أن تقول إن الواقع الفلسطيني أشد غرابة من غير المتوقع والمألوف.
وتابع طه: "لعل احتفاء عيسى بأبطال حقيقيين من لحم ودم، على كثرتهم، من شهداء وأسرى وجرحى ومقاومين وقادة وأطفال ونساء وقرى بأكملها وأشجار وغناء، يجعل الشعب الفلسطيني المرابط الصامد، برمته، أسطورة ممتدة، في عرس استثنائي لا ينتهي".
وشدد الأديب والروائي أحمد رفيق عوض، على أن عيسى قراقع يستحق الحصول على جائزة وطنية، لأنه كرّس نفسه ووقته لقضية الأسرى والمعتقلات، والمواجهة في الخندق الأول التي يخوضها الشعب الفلسطيني مع الاحتلال في سجونه.
وقال: "إنه لم يكتب سوى عن قصة واحدة وحول موضوع واحد في مختلف إنتاجاته الأدبية، ولم ألمس في أي كاتب حول العالم هذا الجلَد والصبر. قراقع كاتب محترف وليس هاويا، يستخدم نفس الأدوات والأشخاص والهدف، ويتميز بامتلاك ذات الطاقة والشغف للكتابة حول قضية الأسرى، وهذا ما يؤهله لنيل جائزة شعبية مكافأة له على المثابرة والدأب".
وأشار إلى أن الإصدار الجديد لقراقع يضم بين جنباته أدبا بلغة مجازية عن أبطال ليسوا استثنائيين ومن واقع حقيقي، وهو كتاب تراجيدي يجسد كيفية انتصار الضعيف أمام الوحش، ويشكل إضافة أدبية فنية تدفع القارئ للاستمتاع وتمنح الكتاب أحقية الخلود.
وتابع أن الكتابة فعل تنافسي بين الجلاد والضحية، حول صاحب السردية الأعمق والأعلى ما يجعل الكتابة فعل مقاومة وانتصار.
أما الروائي والكاتب صالح أبو لبن، فتطرق إلى الشكل الفني الذي استُخدم في المؤلف الجديد، وقال: "لا يختلف اثنان من بين القراء على أن قراقع يكتب بطريقة شاعرية، تتراوح بين الشعر النثري أو النثر الشعري".
وبين أبو لبن أنه لمس في نصوص قراقع اعتماده على إيقاع رئيسي ثابت يتكرر بين فترة وأخرى، إلى جانب الإيقاعات الفرعية والداخلية، وكأنها سيمفونية على شكل مقال تزود القارئ بما يبحث عنه من شاعرية وجمال وهدهدة.
ونوه إلى أن الكتاب غني جدا في جوانب التوثيق والأنسنة، ويقدم لوحات ولا يمكن أن تقرأ في يوم واحد نظرا لما تحتويه من إشباع روحي ومعنوي ومعلوماتي.
ولعيسى قراقع 8 مؤلفات، آخرها "ثورة الحب والحياة في سجون الاحتلال الإسرائيلي"، وهو أسير سابق أمضى سنوات عدة في سجون الاحتلال.