النجاح الإخباري - تعتمد صحة القيام بالعبادات في الإسلام على وجوب النية، فعن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه». وتعرف النية لغوياً بأنها توجه النفس نحو العمل، وتعرف اصطلاحاً بأنها عقد القلب وعزمه على الفعل.
ونقترب اليوم من موسم عظيم هو موسم الحج الذي تأتي له آلاف الناس من كل فج عميق، فما هو الوقت الصحيح لوجوب نية الحج وكيفية عزم النية؟
وقت وجوب النية
بداية أجمع العلماء على أن النية هي شرط لصحة الحج والعمرة وذلك لعموم الحديث السابق عن سيدنا عمر رضي الله عنه، أما بالنسبة لوقتها فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين وهما:
الرأي الأول: وهو مذهب أبي حنيفة حيث قال بأنه يستحب أن تكون النية عقب الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً واستدلوا بحديث عبدالله بن عمر عن أبيه حيث قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يَقُولُ: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ)) لَا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ.
الرأي الثاني: وهو مذهب مالك والشافعي حيث يريان بأن الإحرام يستحب عند ابتداء السير، وانبعاث الراحلة ودليلهم إخبار عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كَانَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ فَقَالَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ...»
حكم النطق بالنية
يقول الشيخ ابن تيمية بأنه اختلف العلماء على حكم التكلم بالنية في الحج وفي الصلاة والصواب المقطوع بأنه لا يستحب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع للمسلمين شيئاً من ذلك، ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية لا هو ولا أصحابه، بل لما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط قالت: فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني)) رواه أهل السنن وصححه الترمذي ولفظ النسائي: إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: «قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت».