منال الزعبي - النجاح الإخباري - قصص الأنبياء مع الرقم (7)
يقول عبد الكريم في كتابه "لغز الحضارة": "إنَّ بناء سفينة نوح استمر سبع سنوات وكانت جميع مكوناتها وأبعادها مرتبطة بالعدد سبعة، وانحسر الفيضان بعد سبعة أيام، وغابت حمامة نوح لتعود بعد سبعة أيام حاملةً غصن الزيتون الذي اتُّخذ رمزاً للسلام في العالم".
وأضاف: "ويلقى سيدنا إبراهيم الغدر والعذاب من قوم أهل كنعان مدة سبع سنين ليأمره الإله بعدها بالهجرة إلى مصر، أقام فيها سبع سنوات قبل أن يغادرها حاملاً رسالة التوحيد فيصبح (أبو الأنبياء)".
هرب النبي يعقوب، خوفاً من أخيه، ليمكث عند خاله لابان، وعمل لديه مدّة سبع سنوات مقابل أن يتزوج ابنته راحيل التي أحبّها حبّاً جمًّا. أما ابنه وابن راحيل، قضى في السجن سبع سنوات، خرج بعدها ليفسر حلم السنابل السبع السمان والسبع العجاف وسنوات القحط السبع ومثلها سنوات الرخاء.
والقرآن الكريم تعرّض للعدد سبعة في أكثر من سورة وموضع وآية، فهو يُستهل بالفاتحة المكونة من سبع آيات، يعقبها الشهادة المكونة من سبع كلمات "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، أيضاً خلق الله تعالى الكون في ستة أيام وفي اليوم السابع على العرش استوى، في حين خلق الإنسان في سبعة أطوار.
أما أحاديث الرسول فلم تخلُ من العدد سبعة، ففي حديث للصحيحين يقول النبي صلّ الله عليه وسلّم: "من تصبّح بسبع ثمرات من ثمر العالية لم يضرّه ذلك اليوم سمّ ولا سِحر".
وفي بناء الكون والإنسان يتجلى الرقم سبعة في تفاصيل ليست بقليلة، بداية من البحار السبعة والقارات السبع، إلى أبواب المدن التاريخية منها القاهرة ودمشق ولكل منها سبعة، أيضاً الأهرامات المبنية بشكل هندسي يتخلله الرقم سبعة.
قدسية العدد 7
ابن القيم الجوزي في كتابه "زاد المعاد في هدى خير العباد"، يقول: "وأما خاصية السبع فإنَّها قد وقعت قدراً وشرعاً، فخلق الله عز وجل السموات سبعاً، والأرضين سبعاً، والأيام والإنسان كمل خلقه في سبعة أطوار، وشرع الله سبحانه لعباده الطواف سبعاً، والسعي بين الصفا والمروة سبعاً، ورمي الحجارة سبعاً سبعاً، وتكبيرات العيدين سبعاً في الأولى".
وفي موضع آخر يقول: "السبعة جمعت معاني العدد وخواصه، بناء على ذلك يكون العدد سبعة هو النهاية للعدد وما بعده تكرار المكرر إلى ما فوقه من الأعداد".
وفي مخطوط النسمات الفائحة في آيات الفاتحة يقول مؤلفه ابن الدريهم الموصلي التغلبي: "السبعة أول عدد كامل لأنَّها جمعت العدد كله".
البعض فسر العدد سبعة على أنَّه رقم مقنع ويدل على التمام لتضمُنه في السماوات والأرض وخلق الإنسان وأعضائه واستمراره، في حين دحض آخرون أي بُعد غامض للأرقام عموماً وللرقم سبعة خاصة.
الدكتور والباحث الأمريكي، روبيرت تي كارول، مؤلف قاموس التشكيكية، والمختص في التحيزات المعرفية والمغالطات المنطقية التي تدفع الناس إلى إطلاق أحكام بعيدة عن الوعي، يقول: إنَّ الأرقام لا تحمل أي معنى دلالي فهي لا تتجاوز كونها نظام مبتكر لفهم قوانين الطبيعة والتواؤم مع البيئة والمحيط.
ويضيف في مقال له لا شك أنَّ جاليلو رأى أنّ الكون مشكل بالأرقام، وفيثاغورث ربط علم الأرقام بالعديد من مجالات الكون، لكن ذلك لا يضيف للأرقام أي بعد روحي أو عاطفي كما يعتقد البعض.
ربما لم يرسُ العدد سبعة على يقين محدد إلّا أنَّ الأكيد أنَّه استحوذ مساحة حيَّرت الحضارات الإنسانية منذ نشأتها بين الرمزية والقدسية بداية من السماوات السبع مروراً بالأفراح والأحزان لأيامٍ سبعة، وصولاً إلى الأمثال الشعبية التي شكت سوء الحال بقولها "سبع صنايع والبخت ضايع".