منال الزعبي - النجاح الإخباري - تمَّ توقيع رواية " وجع بلا قرار" للأسير كميل أبو حنيش في حفلٍ أقيم على ساحة مكتبة بلدية نابلس، وتمت مناقشة الكتاب من قبل المهتمين بأدب السجون وقدّم للرواية كل من:
د. نبيل علوي والأسير المحرر بلال الكايد ، د. أمل ابو حنيش ، وأ.منال الزعبي
وهي رواية للأسير الفلسطيني كَميل أبو حنيش، تعتبر من أدب السجون، كتبها الأسير خلال فترة اعتقاله الذي امتد من عام (2003) إلى يومنا هذا وحُكم عليه بتسع مؤبدات، تناولت الرواية أعمال المقاومة والتنظيم ، وانفجار الانتفاضتين الأولى عام (1987) والانتفاضة الثانية عام (2000)، مبينًا النقلة النوعية للمقاومة خلال الفترتين وتنامي الحس الوطني والتربية العسكرية التنظيمية لدى المقاوم وتطور أدواته، وعكس واقع الأسير في سجون الاحتلال مصورًا السجن وأدواته وأركانه، والسجان وجبروته وتعنته ، والانفعالات النفسية الظاهرة في شخصه كراوي وفي شخصية "علاء" الراوي الآخر الذي تبرز صورته في الرواية، فيها من صدق المشاعر ما يستحق الدراسة، تعرض الرواية قصة علاء الأسير الذي عانى الفقد بكل أركانه، فقد الأم، فقد الحرية، فقد الحبيبة وكانت أوجاعه بلا قرار.
وجع بلا قرار هي رواية أم تحمل في بطنها رواية أخرى، فيظهر راويان، الأسير ذاته تجربته النضالية، والمقاومة، والمطاردة، الى حين الاعتقال وحيثيات السجن وقصة الحب المفقود للمحبوبة" جنان" ، ورواية الانسان الغامض في البداية ، الذي لا يلبث أن يتحول الى صديق حميم، "علاء" الذي يقدّم روايته من خلال كتاباته التي تفضح مكنون ذاته يزهر وجعه على جرح رفيقه فتشعر أن الراوي شخص واحد يتردد صداه في عمق كل أسير.
تظهر لغة الرواية الفرق بين السجن من وجهة نظر السجين والسجان، وتعمد إلى الافضاء الى الشاعرية حين يغمر الكلمات حزن معتق يفيض من أعماق الروح، فنجد أنّ النص المنتمي لأدب السجون نص غنائي جدير بالتأمل يؤرخ لأحداث ويصور معاناة الأسرى بعين خبير ويتركك على تماس مع الحكاية الفلسطينية .
تجلى في الرواية صدى الأساطير القديمة كأسطورة العنقاء التي تمثل الصمود والتجدد والبقاء.
وأسطورة "عناة" إلهة الحب والجمال في معرض الحديث عن الحبيبة واستحضار وجودها وسط الألم والانحدار النفسي ، عناة التي تدافع عن حبيبها وزوجها "بعل" إله الخصب في وجه "موت" إله الشر والموت، وعندما يقتل موت بعل فعناة لا تكتفي بالصراخ عليه ولا تستسلم وتتركه لقدره بل تذيق الموتَ موتًا وتعيد بعل إلى الحياة والخصب من جديد، ويرسم من خلال هذه الأسطورة صمود المرأة الفلسطينية المناضلة مع الرجل جنبًا إلى جنب.
ومن ثم يستحضر محبوبة علاء وقت اشتداد مرضه القديم الحديث عبر أسطورة الإله "دموزي" الذي يهبط للعالم السفلي في مرضه فتتبعه "عشتار" لتخلصه من الهلاك ويفيض الكاتب بالمعاني حين يدرك أنّ على الأسير أن بخلق عالمًا يصوغه بنفسه ويفرضه على نفسه في رحلة الصراع من أجل البقاء.
يصرح الكاتب بمفردات تطلّ على الأسرى كشمس الربيع دافئة ،مشعة، فياضة بالأمل منها:
صفقات تبادل الأسرى إذ تشكل هذه الكلمات موجة بحرية تنعش الأسماك العالقة على الشاطئ بعد أن جففتها رماله القاسية على هامش الحياة.
الحرية : عليك أن تقنع نفسك أنك على قيد الحرية مهما حاول الاحتلال سحق هامتك ، ويقرر، أن الأسرى أحرار في مقاومتهم، وبعض الأحرار أسرى في عمالتهم مع المحتل.
ويهمس بمونولوج داخلي "لتشعر بالحرية عليك أن تتسلق جبل المبادئ التي بنيتها في عمقك، نضال، مقاومة، حرية، هدف، سلاح، حق، عدل، وأخيرًا ثورة، قد تموت الثورة خارج الأسوار إلا أنها تبقى على رأس قمة الجبل الجاثم في نفوس الأسرى.