نابلس - خاص - النجاح الإخباري - أكد عالم الفضاء المصري في وكالة ناسا، د. عصام حجي، مساء اليوم الثلاثاء، أن أهمية هبوط المسبار "بيرسفيرنس" على سطح المريخ تنقسم إلى شقين، الأول، أن هذه المركبة تحمل سبع تجارب علمية، خمسة منها تكرروا في المركبات الأخرى، مشيرا إلى أن بينهم جهازين فيهما تجديد.
وأوضح خلال استضافته عبر "اذاعة النجاح"، أن التجربة موكسي تهدف إلى محاولة انتاج الاكسجين بشكليه الغازي والسائل تمهيدا إلى تحضير أكسجين في حالة وجود رواد فضاء على سطح القمر، اضافة إلى استخدام الاكسجين كوقود سائل في حالة العودة من القمر لعينات من سطح المريخ.
وأضاف، ثانيا، جهاز التصوير "الراداري رين فاكس" بحيث سيقوم بالتصوير والبحث عن آثار الحياة والمياه في المكان التي نعتقد بوجودها تحت سطح كوكب المريخ بعمق متر.
وكشف أن موقع الهبوط كان من الصعب الوصول إليه، موضحا أنه فريد جدا وهو عبارة عن أحد البحيرات القديمة الموجودة في مصب بقايا نهر، ورجح أن يكون في المكان آثار لحياة قد تكون اختفت من على سطح المريخ منذ (3.5) مليار عام.
وأشار إلى أن الرحلة مرت بلحظات حساسة جدا بدءا من الانطلاق، ثم مرحلة الدخول في الغلاف الجوي للمريخ، ثم مرحلة الهبوط على المريخ، وأضاف، بمجرد خروج المركبة من مدار كوكب الارض والدخول في مدار انتقالي بين الارض والمريخ خلال سبعة أشهر، ليست بالصعبة ولا يوجد بها مخاطرة، لكنه شدد على أن لحظات الخطورة تكمن أثناء الهبوط على كوكب المريخ، مشيرا إلى أن الجميع كان يراقب بحذر شديد لحظات الهبوط خوفا من الفشل.
وأضاف أن غالبية عمليات الهبوط تستغرق سبع دقائق، وهي عملية "اوتوماتيكية" بالكامل ويتم التحكم بها عبر كمبيوتر يطلق عدة أوامر للمسبار من أجل تنفيذها، محذرا من أن أي عطل خلال السبعة دقائق لا يمكن اصلاحه بسبب أن ارسال أي رسالة من كوكب الارض إلى المريخ تستغرق قرابة الـ(8) دقائق، كما أنها تستغرق نفس الوقت حال الاستقبال، بمجموع (16) دقيقة.
وبين أن الهدف من اكتشاف المريخ يكمن في دراسة تطور كوكب الأرض، موضحا أن المريخ هو "الأخ التوأم" لكوكب الأرض، وتابع: "اذا فهمنا كيف اختفت المياه من على كوكب المريخ، وكيف تحول من الكوكب الأزرق الذي كان في يوم من الأيام شبيه لكوكب الأرض منذ (3.5) مليار عام، نستطيع أن نفهم صورة إلى ما يمكن أن يؤول عليه كوكب الارض في ظل التغيرات المناخية.
وقال، "الدول المعنية باكتشاف المريخ، ليس هدفها سباق للسيطرة والهيمنة، بقدر ما هو استمرار لمشروعات دراسات التغير المناخي على كوكب الأرض".
وأكد أن العمل بدأ فعليا على سطح المريخ، وأنه خلال هذه الايام سيتم مجموعة من التجارب لمراجعة الاجهزة العلمية على متن مركبة الفضاء وفحص جميع الاجهزة السبعة التي كانت على متن مركبة الفضاء والتأكد من سلامتها خشية من تضررها أثناء عملية الهبوط.
وذكر أن كل فريق علمي يعمل على جهاز من الأجهزة السبعة يقوم بتفقده وتحضيره لمرحلة المسح العلمي التي لم تبدأ بعد، مشيرا إلى أن ما نراه في الوقت الحالي من صور وبيانات هي فقط للاطمئنان على صحة المسبار وصحة الانسان الآلي وليست بداية لنتائج علمية.
وأوضح أن المسبار "بيرسفيرنس" يمكن أن يعيش لفترة تصل إلى عشر سنين، مشيرا إلى أن العلماء أمام رحلة شيقة حال لم تحدث أي أعطال من أجل اكتشاف موقع مهم على سطح المريخ، وأضاف أنه من المتوقع أن يكون هناك آثار للحياة والمياه التي اختفت منذ قرابة الـ(3.5) مليار عام في الموقع الذي هبط فيه المسبار.
وبين أن اكتشاف مياه على كوكب المريخ سيؤكد الماضي المشترك بين المريخ وكوكب الارض وبالتالي يؤكد المستقبل المشترك بينهما، مما يجيب على تساؤلات حول "هل يمكن أن ينتهي كوكب الأرض مثلما انتهى كوكب المريخ؟ وما هي الفترة الزمنية والشكل الذي يتم فيه عملية اختفاء المياه، والآثار التي يمكن العثور عليها، وهل ما نراه في الوقت الحالي من تغيرات مناخية ستؤدي للوصول إلى حالة المريخ أم هي فترة عابرة فقط".
وشدد على أن المريخ يجيب على سؤال طويل المدى لفهم استمرار البشرية وفهم مناخ الارض بالأساس.
وأكد على أن انعكاس التجارب على المريخ ستضع فهم منطقي وواقعي لتطور الموارد المائية والتطور المناخي في كوكب الارض، وبالتالي يجب أن نكون جاهزين لكل المتغيرات في المستقبل، اضافة إلى فهم الحياة في الكون، وهل نحن أول الأحياء في المجموعة الشمسية، مشيرا إلى أننا قد نكون الجيل الثاني أو الثالث في الاحياء وقد تكون سبقتنا حياة بالشكل البدائي على سطح المريخ ومن ثم ظهرت الحياة على كوكب الارض عندما توفرت عناصر الحياة عليه، وبالتالي يجب أن نعرف أن الحياة ليست حكرا على كوكب الارض، وما سيتم اكتشافه سيكون انجاز علمي كبير.
وقال: مشروع اكتشاف المريخ قائم منذ التسعينيات ومستمر بمركبات عديدة، وكل عامين يتم اطلاق مركبة جديدة تجيب على جزء من الصورة المفقودة في كوكب المريخ.
لماذا المريخ؟
وكشف أن جميع التجارب تستهدف كوكب المريخ لأنها ترى أن هناك شباك زمني محدد بسبب قرب المريخ من الارض كل عامين.
وبرر الاهتمام العالمي لهبوط المسبار "بيرسفيرنس" على المريخ بأنه يحمل أكبر عدد من الأجهزة المتطورة التي تمكن العلماء من عمليات مسح وليس فقط دراسة الصور، إضافة إلى موقع الهبوط.
ووصف التشكيك بأنه ناتج عن حالة من الاحباط الشديد الذي يعيشها المواطن العربي، مشيرا إلى أن تفشي حالة الاحباط يؤدي بالناس إلى نكران التقدم العلمي.
ورأى أن هناك فرصة للعلماء العرب للمشاركة في تحليل البيانات الواردة من المسبار "بيرسفيرنس" على سطح المريخ، وعمل الدراسات المناسبة للوصول لنتائج توضح مستقبل الحياة على الارض.