النجاح الإخباري - أصبح حساء نبتة الخبيزة وجبة يومية لعائلة النازحة الفلسطينية سعدة الشريف المكونة من 54 فردا يقطنون جميعا في إحدى مدارس إيواء النازحين بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.
ويضطلع أفراد عائلة الشريف كل بدوره في تنظيف وتقطيع وطهي الخبيزة كي يصنعوا قدرا من حساء هذه النبتة يكفي الجميع، في وقت أصبح الخبز والطحين من السلع النادرة التي يصعب العثور عليها بأسواق شمال القطاع، وانعدام المواد الأساسية في المنطقة التي يحاصرها الجيش الإسرائيلي منذ بدء حربه على القطاع في 7 أكتوبر تشرين الأول الماضي.
وتقول سعدة إن الخبيزة أصبحت ملاذ عائلتها الأخير كي تقيهم الموت جوعا، موضحة "حالتنا المعيشية لا يعلم بها سوى الله، اليوم طهونا الخبيزة، ثمة أناس حنُّوا علينا بعد أن استضفنا شقيق زوج ابنتي الذي كان يعاني مرضا ثم مات بسبب الجوع".
وأضافت "عندما مات ضيفنا من الجوع حنَّ الناس علينا ومنحونا بعض الخبيزة التي طهوتها كحساء يحتسونه شربا دون خبز أو أي شي أطهوه معها، كنا نطهو الخبيزة لمرة أو مترين أو ثلاث في السنة فقط، أصبحنا نطهوها ونتناولها يوميا وهذا يعتمد على أن يتحسَّن أحدهم ببعضها علينا".
ويتطلب البحث عن الخبيزة في أراضي شمال القطاع رحلة شاقة لجمع النبات الصالح منها، فالقصف الإسرائيلي المستمر على شمال القطاع وإقبال العائلات التي فضلت البقاء على النزوح من الشمال جعلها نبتة برية نادرة.
وقالت النازحة سعدة "أصبحت أرسل أبنائي ليعثروا لنا على الخبيزة، لكن هذا أمسى خطرا عليهم، أرسلنا من أولادنا من يجلب الطحين فمات بالقصف أثناء بحثه عن الطحين، لم نتمكن من جلب الطحين ولم نستطع إدخاله إلى بيوتنا، هذا يدفعنا للتساؤل حقا أين هي الدول العربية إزاء ما يحصل لنا".
وفاقمت صعوبة الحصول على الأطعمة الأساسية من تردي أحوال العائلة الكبيرة للنازحة سعدة التي قالت "عائلتي تتكون من 54 فردا، حالتي الاجتماعية متردية، بناتي مريضات، هن 6 بنات منهن 5 مريضات، إحداهن تعاني السرطان في رأسها وأجريت لها 7 عمليات جراحية في رأسها وهي ابنتي الكبيرة".
وتابعت قائلة "ابنتي الثانية مكثت في العناية المشددة 52 يوما بسبب معاناتها ضمورا في الرئتين، ابنتي الصغرى تعاني الذئبة الحمراء، لدي ابنة تعاني مرض القلب، وابني يعاني كذلك مرض القلب، وأحلف بمحمد رسول أني لا أقول كلمة واحدة كذبا، كل هذا تعانيه عائلتي، وحالتنا المادية تحت الصفر، ما من أحد يلتفت إلينا".
وأردفت "قصتي في المدرسة هنا بدأت بعد أن قصفوا بيتنا ونحن 54 فردا، بناتي جميعهن نحوا إلى بيتي بعد تعرض بيوتهن جميعها للقصف، بدأت حكايتي في السابع من أكتوبر".
وتحولت الخبيزة مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من 5 أشهر إلى "سيدة المائدة" التي توفر العناصر الغذائية والدفء لفلسطيني شمال القطاع، وسط شح غير مسبوق في الطعام.
وبسبب ندرة هذه النبتة، أصبح الكيس منها يباع بما لا يقل عن 15 دولارا بعد أن كان بسعر يقل عن الدولارين في أوقات ما قبل الحرب، على ما ذكر نازحون فلسطينيون في شمال غزة.