النجاح الإخباري - في ظلال الحرب والدمار، يقف عاطف تمرز، بائع الخروب في رفح، شاهدًا على تغيرات جذرية ألمت بتقاليد رمضان العريقة. لم يعد الخروب، المشروب الرمضاني الذي يروي عطش الصائمين، كما كان، فقد أخذت الحرب معها الثلج والمكسرات والقوارير الجديدة، وتركت وراءها أسعارًا مرتفعة وأجواءً رمضانية باهظة الثمن.
“هذه السنة دمار،” يقول تمرز، “الأسعار غالية جدًا، الأجواء الرمضانية مكلفة جدًا.” لم يعد اللتر من الخروب يُباع بأربعة أو خمسة شواقل كما في السابق، بل قفز السعر إلى عشرة شواقل، مع ارتفاع أسعار السكر والخروب نفسه.
الحرب لم تحرم أهالي غزة من مشروبهم المفضل فحسب، بل أحكمت الحصار، وفاقمت من البطالة وارتفاع الأسعار، وأجبرت نحو مليون ونصف المليون شخص على النزوح إلى رفح.
وفي ظل هذه الظروف، يحمل الزبائن قواريرهم الخاصة، أو يستعيضون بأكياس بلاستيكية، أو يكتفون بكوب صغير لإرواء الظمأ.
الخروب، الذي لم يكن مرتبطًا برمضان بشكل مباشر، كان يمثل فرصة عمل لمئات البائعين المتجولين، يجدون فيها ملاذًا من قسوة الحاجة. لكن الحرب أدت إلى اختفاء باعة الخروب من الشوارع، ولم يبق منهم إلا القليل في رفح، يبيعون ما تيسر لهم لمن يملك مالاً يستطيع أن ينفقه على شراب أصبح من الكماليات.
“الناس فقدت ديارها ولم يعد معها مال لتأكل وتشرب،” يضيف تمرز. “حتى الأكل غير متوفر، الأب لم يعد باستطاعته شراء طعام لأطفاله بسبب ارتفاع ثمنه.”
وفي ختام حديثه، عبر تمرز عن خشيته من توسع نطاق العمليات البرية للجيش الإسرائيلي إلى رفح، وسط تكدس المدينة بالنازحين. “نعم نحن هنا في رفح نخاف أن تصل الحرب إلينا… الحرب دمرتنا لم يبق لنا شيء.”
معاناة يعيشها الأهالي في غزة، وكيف أن الحرب لا تقتل الأجساد فحسب، بل تخنق الروح وتسلب الفرح من أبسط مظاهر الحياة.