وكالة أنباء العالم العربي - النجاح الإخباري - وصف طبيبان كويتيان يزوران قطاع غزة الوضع الإنساني في القطاع بأنه تجاوز حدود الكارثة بكثير، وقد وصل الطبيبان مع أربعة أطباء كويتيين آخرين إلى قطاع غزة يوم الجمعة ضمن وفد طبي مشترك بين الهلال الأحمر الكويتي ومؤسسة رحمة حول العالم الأميركية لإجراء عمليات جراحية في تخصصات متعددة.

وعبر الطبيبان عن إعجابهما بصمود أهالي القطاع، الذين قتل منهم ما يزيد على 31 ألفا منذ بدء الحرب الإسرائيلية، وهم يعيشون ظروفا "لا يتحملها بشر".

وأوضح الطبيب محمد جمال، الأستاذ في كلية الطب بجامعة الكويت واستشاري جراحة الكبد والبنكرياس، أن هدف الزيارة الأساسي "تسجيل موقف بأكبر منطقة حرب في العصر الحديث، لشعورنا بالخجل والتقصير أمام ما يحدث".

وقال الطبيب الكويتي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "السؤال عن الهدف ممكن يسأل في الظروف العادية، لكننا في غزة لأنه يجب أن نكون هنا في هذا الوضع الكارثي الذي لم نشاهده من قبل، ولا يوجد هدف أكثر من تسجيل موقف"، مضيفا أن الهدف التقليدي يتعلق بوجود خبراء لإجراء جراحات لإنقاذ حياة، فضلا عن توفير معدات طبية لمساعدة المستشفيات.

وتابع قائلا "الوضع الصحي في قطاع غزة منهار لكن الطواقم الطبية ما زالت تحاول التماسك والقيام بما تستطيع رغم النقص الحاد في كل الاحتياجات الطبية"، مشيرا إلى حالة الصمود لدى الفلسطينيين الذين قابلهم "لا نظير لها".
 
وتستمر زيارة الأطباء الكويتيين عشرة أيام، لكن الطبيب جمال لا يدري كيف ستسير الأمور قبلها أو بعدها، واصفا مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس الذي يجري جراحات في داخله بأنه "مخيم نازحين أكثر مما هو مستشفى".

وردا على سؤال حول شعوره عندما وطأت قدمه الأراضي الفلسطينية لأول مرة، صمت الطبيب وهو يهز برأسه باكيا، ثم مسح دموعه وقال في تأثر "إحساس لا يوصف أبدا، هذا توفيق عظيم وكأنها هدية إلهية".

وأبدى الطبيب الكويتي إعجابه بالابتسامة التي لا تفارق من قابلهم في غزة على الرغم من الأوضاع القاسية، وقال "ومع كل هذا فلا أحد يشتكي ويستقبلونك ويرحبون بك بابتسامة".

أما الطبيب الكويتي الثاني، محمد علي شمسان، فأوضح أن الجهود المبذولة من قبل الأطباء والطواقم المحلية والوفود الموجودة تخفف من حدة النقص في الكوادر الطبية والإمكانات الأولية غير المتوفرة في المستشفيات.

وأكد شمسان، استشاري التخدير والعناية المركزة، أن ما شاهده في مستشفى غزة الأوروبي ليس له مثيل بسبب وجود نازحين في كل مكان بالمنشأة الطبية "وكأن المكان ملجأ كبير به مستشفى وليس العكس"، مشيرا إلى أنه زار مناطق فقيرة كثيرة في العالم لكن لم يشاهد واقعا مأساويا بهذا الشكل طيلة حياته.

وأضاف الطبيب الكويتي واصفا الوضع الإنساني والصحي "أسوأ مما توقعت من حيث حالة العوز والتدهور بشكل يتجاوز ما يمكن تخيله، الأوضاع سيئة جدا وبطريقة غير مسبوقة، ولا توجد إنسانية تقبل بهذا الشيء".

ووصف شمسان شعوره لحظة عبوره معبر رفح إلى الأراضي الفلسطيني بالقول "لحظة لا تتشابه إلا مع المواقف العظيمة التي يشعر فيها المرء بإحساس لا مثيل له، مثل دخول بيت الله لأول مرة وعندما ترزق بأول مولود وعندما تفقد عزيزا كأمك وأبيك، والموقف الرابع هو وجودك في فلسطين".
 
لكن سعادة الطبيب الكويتي بوجوده في الأراضي الفلسطينية طغى عليها حزنه على الأوضاع القاسية لأهالي قطاع غزة، معتبرا أن قدرة الفلسطينيين على الابتسام على وجوههم على الرغم من هذه الضغوط هو أمر "يستحق التقدير والثناء، فلو كنت أتعرض لذات الضغوط لبكيت ليلا ونهارا".

وكتب شمسان وصيته قبل سفره إلى غزة، حيث قتلت إسرائيل خلال الحرب التي دخلت شهرها السادس العشرات من أفراد الطواقم الطبية. 

وقال شمسان إن والدته كانت تخشى عليه من الموت أو التعرض للإصابة خلال ركوب الخيل أو قيادة الدراجات النارية، لكنه قال إنه سألها "هل الموت بهاتين الوسيلتين أفضل، أم الوفاة شهيدا في فلسطين؟ فابتسمت قائلة أريد أن تحيا وتعود إلى الكويت".