خاص - النجاح الإخباري - فيما تستعد الولايات المتحدة إلى تدشين ميناء عائم على سواحل قطاع غزة كنقطة لإيصال المساعدات إليها من ميناء قبرصي بعد خضوعها للتفتيش الإسرائيلي، عبر العديد من المواطنين عن سخطهم من موقف دول العالم لا سيما الولايات المتحدة التي تقدم الأسلحة لإسرائيل لقصف غزة ثم تتحدث عن المعاناة والمجاعة في القطاع.

وقال المواطن مراد الفرا (35 عاما) لـ"النجاح الإخباري": "نحن بالطبع نرحب بأي مساعدات تصلنا... لأننا نعيش مجاعة، لكن الأولى من كل ذلك هو وقف قتلنا وقتل أطفالنا".

وتابع: "الولايات المتحدة تقول إنها ستقيم ميناء، لكنها تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة التي تقصفنا بها".

ويتفق معه المواطن جميل العلمي النازح من خان يونس إلى مدينة رفح قائلاً: "معظم الشهداء في القطاع قضوا باسلحة أميركية".

ومضى قائلاً: "نحن نفتش مع كل غارة عن الأحياء بين الأنقاض... نحن بحاجة لوقف القتل ووقف الموت قبل كل شيء".

وترفض إسرائيل وقف الحرب على قطاع غزة دون تحقيق أهدافها كما تقول، وهي القضاء على حركة حماس واسترداد أسراها المحتجزين في غزة، وهي أهداف يرى الكثير من المحللين أنها تخدم مصالح شخصية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي لا يريد وقف الحرب كي لا يتم المضي في التحقيق في ملف الفشل في هجوم 7 أكتوبر الذي قد يكتب نهاية حياته السياسية.

- لماذا لا تفتح المعابر الموجودة بالفعل؟-

وانتقدت منظمة أطباء بلا حدود الممر البحري ووصفته بأنه يصرف الانتباه عن المشكلة الحقيقية المتمثلة في العدوان الإسرائيلي المستمر وحصار غزة.

وقالت أفريل بينوا، المديرة التنفيذية للمنظمة في الولايات المتحدة، في بيان يوم الجمعة: "إن الغذاء والماء والإمدادات الطبية التي يحتاجها الناس بشدة في غزة موجودة عبر الحدود.. بدلاً من التطلع إلى الجيش الأمريكي لإيجاد حل بديل، يجب على الولايات المتحدة الإصرار على وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري باستخدام الطرق ونقاط الدخول الموجودة بالفعل".

ومع ذلك، قال ديف هاردن، المدير الإداري لمجموعة جورج تاون الإستراتيجية والمدير السابق لبعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن فتح ميناء مؤقت في غزة سيكون مختلفًا نوعيًا ويمكن أن يكون له التأثير الحقيقي، على عكس عمليات الإنزال الجوي الأمريكية للمساعدات، والتي وصفها بأنها "حيلة".

وأضاف: “بايدن يستحق الثناء على التفكير الإبداعي".

وتابع: "من الواضح أن المعابر البرية هي أهم الطرق وأكثرها فعالية لنقل المساعدات إلى غزة والحد من خطر المجاعة"، مضيفًا أن الرصيف سيكون بمثابة إدانة علنية لفشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فتح المزيد من المعابر.  

وأضاف: "لكن بناء ميناء في غزة يرسي في الواقع حقائق على الأرض، مما يغير الحسابات بين الإسرائيليين والأمريكيين ويساعد في دفع المزيد من المساعدات بالتنسيق مع الأمم المتحدة إلى الفئات الأكثر ضعفا في غزة".

- تخفيف الضغط على إسرائيل- 

وفي الوقت نفسه، قالت ميراف زونسزين، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في إسرائيل، إن ممر المساعدات البحرية يعمل أيضًا على تخفيف الضغط على إسرائيل من خلال منع غزة من حافة كارثة إنسانية أسوأ والسماح لها بمواصلة حملتها العسكرية.

ومضت قائلة: "الخطاب السائد في إسرائيل هو أننا بحاجة إلى وصول المساعدات حتى نتمكن من مواصلة القتال".

ونوه إلى أنهم "في دوائر المؤسسة الأمنية (الإسرائيلية)، كان من الواضح أنه لا يمكنك القيام بعملية لعدة أشهر وأشهر للقضاء على حماس دون أن يتمكن سكان غزة من القيام بعملهم".

وبذل الوسطاء محاولات لعقد صفقة وقف إطلاق نار بين حماس وإسرائيل طوال الأسابيع الماضية، لكنهم لم ينجحوا في جسر الخلافات بين الطرفين، لا سيما أن حماس تبحث عن وقف إطلاق نار بشكل دائم وهو طلب يرفضه نتنياهو.

ودخل قطاع غزة في موجة من المجاعة والظروف المأساوية مع استمرار الحرب في شهرها الخامس مع فرض حصار شامل على معابر القطاع، وسماح الاحتلال بإدخال جزء صغير فقط من المواد الغذائية والوقود، وبدأت بعض دول العالم في إلقاء مساعدات على القطاع جوا، لكن هذه الطريقة مكلفة وغير فعالة، وبمثابة نقطة في بحر، كما يقول أهالي غزة.

وزاد الطين بلة مع حدوث خلل اليوم في مظلات صناديق المساعدات التي سقطت على رؤوس المواطنين، فاستشهد مواطن وأصيب العديد من المواطنين بجروح.

وبحثت الدول الأوروبية منذ أسابيع ملف إنشاء ممر بحري يريط ساحل غزة مع ميناء لارنكا القبرصي، لكن المقترح بقي على الورق حتى أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الليلة الفائتة عن إيعازه للجيش الأميركي بإنشاء ميناء عائم لخدمة الممر البحري.

وقال بايدن "إلى القيادة الإسرائيلية أقول هذا: المساعدة الإنسانية لا يمكن أن تكون اعتبارا ثانويا أو ورقة مساومة".

والاقتراح الأولي لإنشاء ممر بحري، والذي أيده الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس والذي تم طرحه على زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل منذ أكتوبر الماضي، توقف بسبب عدم وجود ميناء فعال على ساحل غزة الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا.

- قريبون جدا- 

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مدينة لارنكا الساحلية القبرصية اليوم الجمعة: "نحن الآن قريبون جدًا من فتح هذا الممر، ونأمل أن يكون ذلك يومي السبت والأحد، وأنا سعيدة جدًا برؤية عملية تجريبية أولية ستبدأ اليوم". 

ويأتي تجريب الممر البحري بعد أن تحولت مهمة المساعدات الأخيرة التي أشرف عليها جيش الاحتلال إلى عملية مميتة، بعدما أطلق جنوده النار على المواطنين الجائعين في شمال قطاع غزة الذين حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات التي دخلت للمنطقة بعد شهور من المناشدات.

وتقول ميراف زونسزين، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في إسرائيل، إن خطة الممر البحري تظهر حدود استعداد بايدن للضغط على إسرائيل، التي قاومت دعواته لفتح معابر حدودية إضافية للمساعدات إلى غزة . 

وأضافت: "إن المفارقة المتمثلة في اضطرار الولايات المتحدة إلى استخدام عمليات الإنزال الجوي والآن هذا الرصيف المؤقت، في حين أن أكبر مستفيد وحليف لها لا يتعاون في مجال وصول المساعدات الإنسانية، هي أمر مذهل". 

وأضاف زونسزين أنه بدون وقف إطلاق النار في غزة، فإن توزيع المساعدات سيظل صعبا للغاية. 

والخطة الأمريكية محفوفة بعدم اليقين: فالشحنات، التي سمحت بها الولايات المتحدة وتحالف من الحلفاء والشركاء، ستفحصها إسرائيل في البداية قبل مغادرة قبرص لضمان عدم تضمين أي أسلحة أو منتجات أخرى مفيدة لمقاتلي حماس في غزة. وستقوم إسرائيل، التي تمتد منطقتها البحرية قبالة ساحل غزة، بمراقبة الشحنات لضمان عدم إضافة أي شيء إليها في الطريق.

وقال وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس في مقابلة إن "البعد الأمني ​​من الجانب الإسرائيلي كان المعيار الرئيسي منذ البداية". 

وأضاف: "نحن ندرك تمامًا أنه بدون تلبية هذه المخاوف الأمنية، لن يحدث أي شيء".

- تحديات وعراقيل إسرائيلية - 

وقبرص هي أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى غزة حيث تبعد عنها نحو 370 كيلومترا. وقد مارست ضغوطا لعدة أشهر لإطلاق الممر، لكنها واجهت تحديات تتراوح بين الافتقار إلى البنية التحتية للموانئ في غزة إلى القضايا الأمنية.

وقال وزير الخارجية القبرصي إنه "لا يوجد توقيت محدد حتى الآن لموعد شحنة المتابعة، وإن الأمر سيعتمد جزئيًا على الوضع على الأرض عند وصول الشحنة الأولى، والأمل في نهاية المطاف هو أن تذهب السفن إلى غزة وتعود لالتقاط مساعدات جديدة لتوصيلها كل بضعة أيام".

وقالت قبرص إنها ستناقش مع المشاركين الآخرين كيفية تسريع تشغيل الممر البحري. 

ويؤكد المسؤولون أنهم ما زالوا يواجهون تحديات في إنشاء طريق آمن ومنتظم لشحن المساعدات.

وشددن قبرص والولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية والإمارات العربية المتحدة في بيان مشترك على أن "إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى غزة عن طريق البحر سيكون معقدا، وستواصل دولنا تقييم وتعديل جهودنا لضمان تقديم المساعدات بأكبر قدر ممكن من الفعالية".

ويأمل المسؤولون الأميركيون أنه في غضون أربعة أسابيع، إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن ما يعادل حمولة 200 شاحنة من المساعدات سيصل يومياً. 

وهذا من شأنه أن يجعله إجراءً مؤقتًا مقارنة بأوقات ما قبل الحرب، عندما كانت غزة تعتمد على ما يقرب من حمولة 500 شاحنة يوميًا.

ولا تزال هناك أسئلة أيضًا حول كيفية وصول المساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين الذين هم في أمس الحاجة إليها في القطاع، وكيف سيتم حماية الشحنات بمجرد وصولها إلى الأرض.

وكشف مسؤولون دفاعيون أمريكيون يوم الجمعة إنهم ما زالوا يستكملون خطط بناء الرصيف، بما في ذلك الجدول الزمني ووحدات الجيش التي سيتم نشرها بالقرب من سواحل غزة. 

وقال  مسؤول دفاعي أمريكي لصحيفة وول ستريت جورنال: "نحن نقود الطائرة بينما نسير".

وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يعملون مع الأمم المتحدة وشركاء آخرين لإيجاد طرق آمنة داخل غزة لنقل الإمدادات برا إلى المحتاجين بعد وصولها إلى الرصيف. وقال بايدن إن أي جندي أمريكي لن تطأ أقدامه غزة في إطار العملية.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، عاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع لاستئناف المحادثات المتوقفة بشأن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من غزة. وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن بيرنز سافر إلى مصر يوم الأربعاء وقطر يوم الخميس.