خاص - النجاح الإخباري - منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعيش العائلات الفلسطينية في ظروف مأساوية، حيث دُمرت آلاف المنازل والمرافق الحيوية، ونزح ملايين السكان، وانتشرت الأمراض المعدية، وأصبح الطعام عملة نادرة.
وفي حي الشجاعية شرق مدينة غزة، يحاول الفلسطيني محمود عبد الصابر (40 عامًا) وعائلته البقاء على قيد الحياة بين أنقاض منزلهم الذي دمرته قوات الاحتلال في غاراتها المتعددة على القطاع.
ويقيم عبدالصابر مع زوجته وثلاثة من أبنائه في غرفة صغيرة ما تزال صامدة رغم تهدم معظم جدران المنزل الذي قاموا باغلاق نوافذه المشرعة بقطع من الصاج والنايلون لكي يقوا أنفسهم من المطر والبرد.
ويقول لـ"النجاح": رغم تدمير منزلنا لكن لن نغادر منزلنا، فهنا عشنا وهنا ذكريات حياتنا. بل نفضل الموت هنا على النزوح لمكان آخر".
ونزح الآلاف من سكان قطاع غزة إلى المناطق الأكثر أمانًا مثل رفح منذ بداية الحرب التي حصدت حتى الآن نحو 100 ألف بين شهيد وجريح.
ويشرح عبدالصابر أن أكثر ما يرهقهم هو قلة الطعام والماء وعدم توفر الكهرباء والوقود، وكذلك الغارات الإسرائيلية التي تستمر في ساعات النهار والليل في عدة مناطق من القطاع.
ويضيف بحسرة بينما أبنه الصغير يبكي: "لا أعرف ماذا أفعل، لقد خذلنا العالم وتركنا وحدنا نعيش نكبات متتالية، والاحتلال يشن علينا الآن حرب تجويع، لقد شردونا في النكبة ثم النكسة والآن يريدون تهجيرنا من غزة من جديد".
ويعاني غالبية الأطفال ومنهم أبناء عبدالصابر من الجفاف والبرد بسبب قلة الطعام والماء.
وأظهر تقرير صدر أمس عن مجموعة التغذية العالمية - التي تقودها اليونيسف - أن طفلاً من بين كل ستة أطفال دون سن الثانية يعاني من سوء التغذية الحاد في شمال غزة، حيث انقطعت المساعدات بشكل شبه كامل منذ أسابيع.
وبين عبدالصابر أنه يقضي جل وقته يبحث عن الحطب وبقايا الشجر لإشعال النار من أجل تدفئة صغاره وأيضا لتوفير بعض الطعام القليل لهم كي يبقوا على قيد الحياة.
قال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي لليونيسف، أمس إن غزة على وشك أن تشهد "انفجاراً في وفيات الأطفال التي يمكن تفاديها، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يطاق بالفعل". وذكّر بأن اليونيسف حذرت من أن القطاع "على شفا أزمة تغذية"، وحذر من أنه إذا لم ينته الصراع الآن، "فسيستمر تدهور تغذية الأطفال، مما يؤدي إلى وفيات يمكن الوقاية منها أو مشاكل صحية ستؤثر على أطفال غزة مدى الحياة ولها عواقب محتملة عبر الأجيال".
وعائلة عبدالصابر ليست الوحيدة، فهناك مئات العائلات في قطاع غزة تعيش في ظروف صعبة للغاية وفقدت الكثير من أبنائها كشهداء وجرحى.
فعائلة أبو مراد الفرا (60 عاما) لها أيضا قصة من المعاناة، ويقول: "نزحنا في بداية الحرب من جباليا إلى مستشفى الشفاء، ثم اخرجونا جيش الاحتلال من هناك تحت النار، ونزحنا أنا وعائلتي المكونة من 9 أفراد إلى مستشفى ناصر في خان يونس، ثم بعدما هاجموا المستشفى من جديد، ها نحن نجد أنفسنا في خيم النازحين في رفح، ونعيش في وسط الخراب والدمار".
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الثلاثاء، من أن "المجاعة تتعمق" في القطاع وتهدد حياة "مئات آلاف الأطفال والنساء".
وطالب أبو مراد بأن يعيش الفلسطيني بكرامة وأمن مثله كمثل باقي شعوب الأرض.
ويقول: "سعر كيلو الأرز 40 شيكلا (11 دولارا)، لكننا لا نملك المال لشرائه، فنحن نعاني ونتدبر أمورنا اليومية من طعام وقضاء حاجتنا بصعوبة بالغة، ونعيش كل يوم بيومه".
وكان مدير الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة قال أمس إن سكان غزة دخلوا مرحلة متقدمة من المجاعة.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه لم تدخل منذ 10 أيام سوى 9 شاحنات مساعدات، وناشد فتح معبر رفح فورا لإدخال المساعدات العاجلة إلى القطاع.
ويخشى النازحون في رفح من شن الاحتلال هجوما واسعا على المدينة حيث لا مكان يذهبون إليه.
ويقول أبو مراد: "أين نذهب؟ هذا العالم ظالم، والعالم الغربي تحكمه المصالح والمعايير المزدوجة يتحدثون ليل نهار عن بضعة أسرى للاحتلال في قبضة المقاومة بينما يصمتون عن 30 ألف شهيد والاف الجرحى ومئات المفقودين ونحن في رفح نقف على عتبة الموت في حال امعن الاحتلال في تنفيذ مخططاته".
وهدد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا بشن هجوم على مدينة رفح الحدودية مع مصر، متوعدا بأن الجيش سيصل لكل مكان تعمل فيه حركة حماس.