نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - انتشرت مؤخراً بشكل شبه يومي جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 (إسرائيل)، وسط تقاعس الشرطة الإسرائيلية في تطبيق القانون في المناطق التي يقطنها الفلسطينيون، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية من انتشارها بشكل أوسع، وسط تساؤلات حول الداعمين لانتشار الجريمة في الوسط الفلسطيني داخل إسرائيل، ودور سلطات الاحتلال في دعمها لأهداف سياسية للتخلص من الفلسطينيين.
المحامي وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق طلب الصانع، أوضح أن المجتمع الفلسطيني في إسرائيل يعاني من أزمة سياسية واجتماعية. "هذه الأزمة السياسية تتمثل في أنه فقد بشكل كامل ومطلق التأثير على مصيره، لأن التمثيل العربي في الكنيست الإسرائيلي لا يؤثر على قرارات دولة إسرائيل سواء الاقتصادية والأمنية حتى في الخرائط الهيكلية لبلداننا العربية والمناهج الدراسية لأولادنا".
ويضيف: "بمعنى طالما الفوضى تبقى في المناطق العربية ولا تصل إلى المدن اليهودية فهي تحت السيطرة. ولكن نظرًا لوجود المجتمع العربي والمجتمع اليهودي في نفس الحيز الجغرافي، فهنالك تخوف أن تخرج هذه الفوضى عن السيطرة وأن تتحول إلى حرب أهلية.
وبالتالي نرى أن الحكومات الإسرائيلية تتحرك عندما تكون هنالك قضايا عنف أو جريمة في المناطق الموجود فيها عنصر يهودي مقارنة بالمناطق العربية التي لا تهتم بما يحدث بها".
ويرى الصانع أنَّ هذا يؤكد أنَّ "الحكومات الإسرائيلية تتعمد نشر الجريمة من خلال ضرب النسيج الاجتماعي في أعقاب هبة القدس والأقصى. حيث نرى المؤسسات الأمنية الإسرائيلية صدمت عندما انتفضت الجماهير العربية في الداخل المحتل في أعقاب انتهاكات للقدس والأقصى من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون. لأنها كانت تظن وهمًا أنها نجحت في أسرلة الوعي الفلسطيني.
ولكن الانتفاضة التي سقط على خلفيتها ثلاثة عشر شهيدًا أكدت بأن الفلسطينيين في الداخل هم فلسطينيون حتى النخاع. بالتالي قررت إشغالهم في الأمن اليومي ونشر الجريمة والسلاح وغياب الردع. وتم ضرب منظمات الجريمة في المدن اليهودية وتم نقلها إلى القرى العربية المجاورة مثل قلنسوة.
.. إذًا هنالك واقع سياسي ينعكس على تعاطي الشرطة والمؤسسات الأمنية مع الجريمة، وطالما هي في الشارع العربي فهي تخدم المشروع الصهيوني، حيث نرى أن مجتمعنا مشغول في قضية واحدة وهي العنف والجريمة حيث إنه بدأ يستغيث حتى بالشاباك لوقف هذه الجريمة". كما قال الصانع.
وأشار إلى أنَّ الأزمة الاجتماعية بجانب الأزمة السياسية لها عدة أبعاد مثل "انتقالنا من واقع معين إلى شبكات التواصل الاجتماعي، والتحول في المادة إلى قيمة عليا بالتعامل بغض النظر عن الطريقة، وانهيار المؤسسة التربوية التي فقدت هذا الدور حيث إن كل الوسائل مباحة كالتزوير وغيره للوصول إلى الهدف".
وأضاف: " ثم إن انفتاحنا على المجتمع اليهودي غيّر في عاداتنا وتقاليدنا بسبب غياب منظومة ترشد كيف يمكن أن نتعامل مع هذه الأزمات؟. كيف يمكن أن نحل هذه المشكلات بالحوار وألا نقوم بإلقاء الأخطاء على من لا علاقة له بل معالجة هذه المشكلة؟
وأكمل الصانع: " بالتالي، فإن الوعي الوطني والإجتماعي والسياسية كذلك دور مركز الشرطة التي لها صلاحية التدخل، ودورها توفير الأمن والأمان والردع. هذا كله له دور في التغير".
ويؤكد الصانع على ضرورة تعزيز المجتمع وإعادة المنظومة القيمية وإعادة دور المدرسة وتغيير المناهج التربوية للتعزيز التربوي والانتماء. ويقول: "يجب أن نكون في عندنا فعاليات اجتماعية يكون في حركات شبابية لتطوير العمل الطوعي داخل المجتمع.
ولفت إلى أنه في الشارع اليهودي الشاب يخدم مجتمعه بعدة طرق، في حين لا يقدّم الشاب العربي أي خدمة للمجتمع. وأضاف "نحن نقول أننا ضد كذا وكذا لكن يجب إيجاد أطر بديلة، وأضاف أنَّ الشاب يمكن أن يخدم مجتمعه من خلال السلطات المحلية والمجالس والمؤسسات، وهذا يعزز الانتماء والتعاون. نعمل معًا لخدمة مجتمعنا".
وأشاد الصانع بدور اللجان الإصلاحية في الحد من الخلافات والصراعات والجرائم، إلا أنها دورها يأتي بعد تنفيذ الجريمة، يقول: "هذا دور مهم لكن يأتي بعد أن يكون هنالك خلاف، وحتى جريمة، وبالتالي يجب أن يكون هناك إطار قطري للتسيير والتحكيم لحل الخلافات ومنع وقوعها. تنبثق عنه مجالس محلية لحل الخلافات لكل من لديه خلاف يستطيع خلافات يستطيع أن يتوجه لحل هذا الخلاف من أجل أن لا تتفاقم الأمور".
وأضاف: "نحن نريد إكساب المجتمع ثقافة ومهارات كيف يتعامل مع الخلافات ويتجنبها، وهذا لا يتأتى إلا عندما نعيد بناء الأسرة وإحياء دور المدارس والمساجد وتوجيه المناهج بما يخدم مجتمعنا وقضيتنا".
ودعا الصانع إلى تحرير المبادرة والإبداع والحوار في مواجهة المشكلات وعدم الاكتفاء بالمظاهرات، بقوله:
"هذا الموضوع من صعب لملمته هو بحاجة لطرح أكثر من مرة وفي أكثر من قالب".
وختم حديثه بقوله: "إسرائيل تدرك تمامًا من يحمل هذا السلاح وتعي تماما إلى أين يتجه؟، مضيفًا: "خلال حديثٍ مع المفتش العام للشرطة السابق قبل أيام سألتُه:
أنتم تصنفون الجريمة حسب الضحية. إذا كانت الضحية يهودية فهي جريمة أمنية يدخل الشاباك ويتم وضع اليد على القاتل أو المنفذ، وإذا كانت الضحية عربية من الداخل المحتل فهي قضية جنائية وتحويل القضية للشرطة وأنتم مدركون أن الشرطة عاجزة وبالتالي تعليق الملف ضد مجهول وهذه الجريمة تجر جريمة. وبالتالي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وإسرائيل هي قادرة لديها القدرة كما استطاعت كما أن عصابات الجريمة المنظمة التي في الشارع اليهودي تستطيع وتعرف من هي عصابات الجريمة في الشارع العربي. لكن هي غير لا تريد ذلك لأن هذا يصب في مصلحتها بشكل كامل. يعني من يراهن على أن الشرطة ستقوم بذلك هو واهم.
يشار إلى أن جرائم القتل حصدت أرواح أكثر من 160 فلسطينياً يعيشون في الداخل المحتل، الخاضعة لسيطرة الحكومة الإسرائيلية، منذ بداية العام الجاري 2023، وسط تقاعس سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ملاحقة الجريمة للحد منها.