نابلس - خاص - النجاح الإخباري - في ظل ازدياد وتيرة التهديدات الإسرائيلية وبالأخص من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول إمكانية تنفيذ عمليات اغتيال قياديين في فصائل المقاومة الفلسطينية، رداً على تصاعد العمليات ضد إسرائيل في الضفة الغربية، وهو ما قوبل بأخذ التهديدات على محمل الجد من قبل قادة الفصائل، الأمر الذي يطرح تساؤلاً هل من الممكن أن تقدم إسرائيل على تنفيذ تهديداتها وما ستؤول إليه الأمور خاصة بعد رد الفصائل بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي استهداف إسرائيلي لأي من القادة؟.

محللون سياسيون اعتبروا في أحاديث منفصلة مع "النجاح الاخباري" أن تلك التصريحات "جدية" لكنها ليست جديدة، مؤكدين أنه في حال أقدمت إسرائيل على اغتيال شخصية قيادية فقد نتوجه إلى حرب؟

واستبعد غالبية المحللين أن تكون هناك حرباً على المدى القريب، لكنهم يرون أن "المرحلة الحالية لا مرحلة حرب ولا مرحلة سلم، أي مفتوحة على كل الاحتمالات".

وبرزت مؤخراً تهديدات إسرائيلية صريحة وعلنية باغتيال قيادات فلسطينية، أبرزها صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، وقائد الحركة في الضفة الغربية، وقال نتنياهو في جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي، إن "العاروري يعرف جيدًا سبب اختبائه هو وأصدقائه؛ في حماس، يدركون جيدًا أننا سنقاتل بكل الوسائل ضد محاولاتهم خلق الإرهاب ضدنا في الضفة الغربية وفي غزة وفي أي مكان آخر".

جاء ذلك رداً على تصريحات تلفزيونية للعاروري، قال فيها "في حال عادت إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات الممنهجة لقادة الفصائل الفلسطينية، فسوف يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية".

وفي اجتماع لها في غزة يوم الثلاثاء، حذرت الفصائل الفلسطينية من الإقدام على أي عملية اغتيال من قبل الاحتلال وبالأخص العاروري، وهددت برد غير مسبوق.

لكنَّ هذه التهديدات تزامنت مع موقف مُعقّد، ميدانياً وسياسياً، حيال تنفيذ هذه المهمة، في ظل وجود العاروري في لبنان، وتجديد الأمين العام لـ "حزب الله"، حسن نصر الله، تعهّده عَدَمَ السماح بتنفيذ أي عملية اغتيال لقادة المقاومة في الأراضي اللبنانية، الأمر الذي جعل ميزان الربح والخسارة معقداً أمام المستويين السياسي والعسكري في "دولة" الاحتلال.

وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، أكد في تصريحات لوكالة "أنباء العالم العربي" أن حركته في حالة طوارئ، بعد التهديدات الإسرائيلية باغتيال الفلسطينيين، مشيراً إلى أن حماس تتعامل مع التهديدات الإسرائيلية بجدية تامة. وقال "لا نأمل مكر العدو ولا غدره، ونتعامل مع تهديدات العدو بجدّية".

رد فعل قوي

أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، د. عثمان عثمان، يرى بأن التهديدات الإسرائيلية باغتيال قياديين من الفصائل الفلسطينية، قد تؤدي إلى حرب، مشيراً إلى أن الاحتلال قد يقدم على عملية اغتيال شخصية قيادية وازنة.

وقال عثمان في حديث لـ "النجاح الاخباري": إنه "في حال أقدم جيش الاحتلال على اغتيال شخصية قيادية سواء من حماس أو الجهاد فسيكون هناك رد فعل قوي من تلك الفصائل، لأن اغتيال شخصية من هذا العيار بدون رد يعني فقدان الثقة والمصداقية من قبل هذا الفصيل أو المقاومة بشكل عام".

وأضاف "من هنا هذا الرد سيستدعي إلى رد إسرائيلي، وستتدحرج الأمور إلى حرب لا محال إلى ما لم يكن ضبطه بأي حال من الأحوال"، مشيراً إلى أن الحرب قد تكن على عدة جبهات.

وتابع عثمان "ومن هنا قد تكون وحدة الساحات جاهزة وهذا أمر وارد، لأن هناك قراءة تحليلية بأن هناك اتفاق بين أكثر من ساحة فلسطينية للرد في حال عملية اغتيال إسرائيلية".

وأوضح أن "إسرائيل تفكر عشر مرات قبل الإقدام على هذه الخطوة بالذات في الساحة اللبنانية، بعد تهديدات حسن نصرالله، بأن أي عملية اغتيال لأي كان على الأراضي اللبنانية سوف يواجه برد قوي، ومن هنا قد تكون عملية الاغتيال في منطقة أخرى كقطاع غزة أو سوريا".

المحلل السياسي أكرم عطاالله يوافق سابقه في الرأي بأن إسرائيل تأخذ تهديدات حزب الله بجدية تامة، لكنه استبعد أن تقدم إسرائيل على أي عملية اغتيال.

وبحسب المحلل عطا الله، فإن التهديدات المتبادلة بين الاحتلال وفصائل المقاومة هي تهديد بالقوة بديلاً عن استعمال القوة، "يعني كل طرف يقول للطرف الآخر لدينا قوة ولكن لا ترغمونا عليها"

وأضاف في حديث لـ "النجاح الاخباري"، إن "هذه التهديدات هدفها التهدئة، وليست التصعيد والحرب الشاملة"، منوهاً إلى أن الحرب الشاملة هي نوع من التهديد.

ويرى المحلل عطا الله أن ظروف المنطقة والمناخات تقول أن المنطقة تتحفز لحرب، لكن طبيعة المصالح بين الأطراف لا تريد الحرب، مردفاً قوله بأن "كل مصالح الأطراف العقلانية لا تستدعي حرب، وتأتي هذه بهدف إبعاد الحرب وليس تقريبها".

وكان الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله، استقبل السبت الماضي، العاروري إلى جانب أمين عام "حركة الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، في رسالة واضحة للاحتلال، وقال بيان صادر عن الاجتماع إن الثلاثة استعرضوا آخر المستجدات والتطورات السياسية، خصوصاً في فلسطين، مع إجراء تقييم مشترك للوضع في الضفة الغربية وتصاعد حركة المقاومة فيها والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة.

وأكد المجتمعون على الموقف الثابت والراسخ لكلّ قوى محور المقاومة في مواجهة إسرائيل واحتلالها وغطرستها وأهمية التنسيق والتواصل اليومي والدائم بين حركات المقاومة، خصوصاً في فلسطين ولبنان لمتابعة كلّ المستجدات السياسية والأمنية والعسكرية واتخاذ القرار المناسب.

تهديدات جدية

من جانبه، اعتبر أستاذ الإعلام في جامعة النجاح فريد أبو ضهير، التهديدات الإسرائيلية باغتيال شخصية قيادية من الفصائل أنها جدية، لكنها ليست جديدة، موضحاً أن تلك التهديدات استمرار لسياسات الاحتلال في استفزاز المقاومة وإضعافها والحد من العمليات التي تجري ضد الاحتلال.

وقال أبو ضهير في حديث لـ "النجاح الاخباري": "هذا إن دل يدل على إفلاس سلطات الاحتلال على اعتبار أن كل الوسائل الأمنية التي استخدمها فشلت من اعتقال وقتل واجتياحات، وبالتالي هم يبحثون عن وسائل أخرى، يبحثون عن كل الوسائل باستثناء الوسيلة السياسية".

واستبعد أبو ضهير أن تكون هناك حرباً في القريب العاجل، لأنه لا يوجد مؤشرات أو تداعيات لحدوثها، مضيفاً أنه "قد يكون هناك عمليات معينة، لكن قضية الحرب مستبعدة لأن الاحتلال ليس في حالة تسمح له خوض حرب في هذه المرحلة".

وتابع إن "الحكومة الإسرائيلية متأزمة نتيجة تصاعد عمليات المقاومة"، لافتاً إلى أنه في حال أقدم الاحتلال على عملية اغتيال فستكون خارج فلسطين وبشكل سري.

وكانت حركة الجهاد الإسلامي هدّدت الاحتلال بالإقدام على أي عملية اغتيال، منوهةً إلى أنها في حالة جهوزية كاملة بشأن أي رد عسكري على أي عملية اغتيال.

وقال عضو المكتب السياسي في الجهاد احسان عطايا، في تصريحات صحافية، إن "معادلة الرد على الاغتيالات الإسرائيلية مستمرة بالنسبة للجهاد الإسلامي، وأي اغتيال سيكون الرد عليه قاسياً ورد صاروخي مؤلم للعدو".

مفتوحة على كل الاحتمالات

وفي ذات الإطار، أوضح المحلل السياسي إبراهيم أبراش، أن التهديدات المتبادلة ليست جديدة بين حماس والفصائل وإسرائيل، لافتاً إلى أن المرحلة الحالية مفتوحة على كل الاحتمالات.

وقال أبراش في تصريح لـ "النجاح الاخباري": إن "جيش الاحتلال اغتال قيادات كثيرة من حماس والجهاد وغيرها، وفي اعتقادي أن المرحلة الحالية لا مرحلة حرب ولا مرحلة سلم أي مفتوحة على كل الاحتمالات، ما دام لا يوجد تسوية سياسية أو حل نهائي، فإن فرص الحرب تبقى واردة في أي لحظة".

واستطرد قائلاً: "لكن الآن لا أعتقد أن أي طرف يريد حرب حقيقية شاملة لظروف خاصة، حماس لا تسعى إلى حرب، وإنما تسعى إلى توقيع هدنة واستمرار العمال في العمل داخل إسرائيل"، لافتاً أن حماس ربما تسعى لتوتير الأوضاع على الحدود والضمان من أجل جلب المزيد من المساعدات أو الأموال. حسب تعبيره.

ووفقاً للمحلل أبراش، فإن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد حرباً لأن الوضع الداخلي في إسرائيل لا يسمح، ولكن خطاب الحرب الذي يستعمله نتنياهو حتى يوظفه داخل إسرائيل، لأنها تتعرض إلى تهديدات خارجية وأننا لا بد أن نتوحد في مواجهة التهديدات الخارجية.

وتابع، إن حزب الله وإيران لا يريدان حرباً، إسرائيل اغتالت قاسم سليماني ولم ترد وكل يوم تقصف سوريا ولم ترد، وحزب الله يعيش في أزمة داخلية في لبنان، معتبرا التهديدات تصعيد لفظي كلامي من كل طرف حتى يوظفه بالداخل.

واستدرك، لكن هذا لا يعني أنه في أي لحظة قد تحدث الحرب، ولكن ليست في المدى القريب في هذه الفترة، معتبراً في ذات الوقت أن قرار الحرب ليس بيد حماس. وأضاف إن "حماس جزء من منظومة أكبر، من يسيرها الاخوان المسلمين، وبالنسبة للجهاد الإسلامي أيضاً لا يمكن أن تخوض حرب، بعد مواجهتي حرب انفرد لوحده دون حماس لن يقوم بأي مواجهة الآن".

ومضى قائلاً: إن "الجهاد الإسلامي قرارهم الاستراتيجي لحرب كبيرة ليس داخلي، من يتدخل هي إيران والاخوان المسلمين وتركيا وقطر هذه الأطراف المحركة الأساسية".

وكانت القناة 12 العبرية، ذكرت في تقرير لها أن توجه المؤسسة الأمنية نحو العودة لسياسة الاغتيالات لقادة الفصائل المسلحة بمنزلة "السياسية الجديدة" التي ستعتمدها وتتبنّاها إسرائيل، وذلك سعياً منها لإعادة قوة الردع في ظل الإخفاقات في منع العمليات والهجمات وتكرر إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل.